بعد اعتزال الصدر والتطورات الأمنية.. ماذا سيخسر العالم إذا توقفت حقول النفط العراقية؟
هجم أهالي بغداد والمحافظات الجنوبية على الأسواق لشراء احتياجاتهم بعد تدهور الوضع، نتيجة قرار زعيم التيار الصدري اعتزال السياسة، وقيام متظاهرين باقتحام مقار حكومية وحزبية شيعية.
وقام متظاهرون، معظمهم من أنصار الصدر، بإغلاق حقل الأحدب النفطي في محافظة واسط (جنوبي البلاد) الذي ينتج أكثر من 120 ألف برميل يوميا، بالإضافة إلى إغلاق ميناء أم قصر حيث تصدّر كميات لا بأس بها من النفط، ومحاصرة مصفى الشعيبة، مع استمرار الاشتباكات المسلحة داخل المنطقة الخضراء (وسط بغداد) حتى صباح اليوم الثلاثاء بين مسلحين من أطراف مختلفة، إلى جانب اشتباكات مع قوات أمنية.
وأوقفت الإمارات وإيران الرحلات الجوية مع العراق، ودعت عدة دول رعاياها للمغادرة في أسرع وقت، خوفا من تدهور الأوضاع بشكل أكبر. وستؤثر هذه الأزمة على الاستثمار؛ إذ إن أغلب المستثمرين سيغادرون البلاد وسيبحثون عن بيئة أخرى آمنة، مما يعني خسارة العراق مليارات الدولارات.
زلزال نفطي
ويُخشى من توسع المتظاهرين وقيامهم باقتحام الحقول النفطية جنوبي البلاد، حيث معظم الثروة النفطية العراقية، فذلك يعني أن السوق النفطية تفقد أكثر من 3 ملايين برميل يوميا، التي تمثل صادرات العراق من الجنوب؛ وهذا الأمر سينعكس على السوق النفطية، خاصة دول إيطاليا وإسبانيا واليونان وتركيا وهولندا التي تعتمد بشكل شبه أساسي على النفط العراقي في تغطية استهلاكها.
وعلق الخبير النفطي، حمزة الجواهري، بشأن إمكانية إيقاف الإنتاج بالحقول النفطية، قائلا للجزيرة نت إن “الشعب سيموت جوعا إذا توقفت حقول النفط عن الإنتاج، لاعتماد البلد على النفط في دفع رواتب الموظفين”.
ويعتمد اقتصاد العراق بنسبة 94% على النفط مع تآكل القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة، بسبب الفساد المالي والإداري بالرغم من إنفاق مليارات الدولارات.
وأضاف أن إيقاف الإنتاج بأي حقل، أو مصفى، سيؤدي إلى خسارة العراق ملايين الدولارات مع صعوبة عودة الإنتاج إلى سابقه، معتقدا أن إيقاف صادرات النفط صعب جدا، لأسباب عديدة منها وجود منصات التصدير في عمق البحر، والجميع يدرك أن النفط يمثل خطا أحمر؛ لاعتماد الشعب عليه.
ولا يستبعد الجواهري وجود بعض الشخصيات الانتهازية المعروفة، التي تضغط باتجاه التظاهر قرب الحقول النفطية لأغراض مالية شخصية فقط.
وبيّن أن أي تطور أمني يؤثر على صادرات العراق، سيؤدي إلى التأثير المباشر في أسعار النفط، وهذا ما لا تتحمله الدول الغربية، خصوصا أنها تعاني من ارتفاع في أسعار الوقود، في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا.
المواد الغذائية والاستهلاكية
وأفرغ المواطنون معظم المحلات والمراكز التجارية بعد شرائهم الأكل والمواد الرئيسية، نتيجة فرض حظر التجوال، بالإضافة إلى الازدحام الكبير على محطات الوقود، إذ أصبحت المراكز التجارية الكبيرة مغلقة وفارغة.
وقال بائع الخضروات والفواكه، مصطفى كاظم، للجزيرة نت إن حظر التجوال أدى إلى قيام الناس باقتحام متجرنا، واشتروا كميات كبيرة من الخضروات فقط تكفيهم لمدة أسبوع، في حين لم يشتر الفاكهة إلا عدد قليل.
وأضاف أن الطلب ازداد على الخبز والبيض وغيرها، وقامت أغلب المتاجر برفع الأسعار، بينما المواطن مضطر لشرائها بأي ثمن، خوفا من المستقبل المجهول.
وشهدت أسعار الدولار ارتفاعا إلى 1500 دينار للدولار، وقام عدد من المواطنين بسحب الأموال من المصارف، خوفا من اقتحامها من قبل متظاهرين.
وقال مصدر مطلع للجزيرة نت إن استمرار العنف لأيام أخرى سيؤدي إلى انسحاب الشركات الأجنبية، خصوصا أن بعض العاملين الأجانب غادروا العراق، مشيرا إلى أن خسائر العراق إذا توقفت المشاريع العاملة ستبلغ أكثر من 20 مليار دولار.
وبدأت ملامح الاستثمار في العراق تظهر بعد عام 2018، بدخول شركات كبيرة عدة قطاعات، منها السكن والصناعة، وكانت سابقا محصورة في قطاع الطاقة فقط.
شلل اقتصادي
وقال الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطون، للجزيرة نت إن “الوضع الحالي سيؤدي إلى انسحاب عدد كبير من المستثمرين، ويزيد من نسبتي البطالة والفقر”.
وأوضح أن 8 ملايين عامل في القطاع الخاص سيصيبهم الضرر جراء تداعيات الأوضاع الأخيرة، وأصاب الاقتصاد الشلل الكامل، وهذا سيؤثر على التنمية المستدامة.
ولفت إلى أن عدة قطاعات توقفت، منها السياحة والنقل، وأفرغت الأسواق من البضائع، وهذا يعد خسارة للاقتصاد الوطني.
وبيّن أن “البلد دخل مشكلة اقتصادية كبيرة، وهي تردي الوضع الأمني، مع عدم وجود حكومة لإقرار موازنة العامين الحالي والمقبل”.