اخبار العالم

عنف وترهيب داخل معسكر اليمين الإسرائيلي


في معركة تبين مستوى التدهور في الخطاب السياسي، وانتشار مظاهر العنف والترهيب عشية الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، أعلن الجاسوس اليهودي يونتان بولارد تراجعه عن دعم وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، ووقوفه على الحياد.
وقد رحب أنصار نتنياهو بتراجع بولارد، وبعدما كانوا اعتبروه خائنا عادوا وباركوا خطوته ودعوه إلى التقدم خطوة أخرى وإعلان تأييده لنتنياهو الذي كان رئيس حكومة وأطلق سراحه من السجن في الولايات المتحدة، «وكان رئيس الحكومة الوحيد الذي تجرأ على العمل مع الإدارة الأميركية لإطلاق سراحه».
المعروف أن بولارد مواطن يهودي أميركي، كان يعمل محلل استخبارات مدنيا في القوات البحرية الأميركية. وقد سرب وثائق لإسرائيل حول تطوير الأسلحة الكيميائية في العراق وسوريا، وصور الأقمار الصناعية لتونس (التي استخدمتها إسرائيل لاحقا في قصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية عام 1985 في تونس)، وزود بولارد إسرائيل بمعلومات عن الجيوش العربية. وعندما كشف أمره حاول اللجوء الى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، فرفضوا إدخاله. وأدين لاحقا بتهمة التجسس واعترف بالذنب، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. ومع أن إسرائيل ظلت تنفي حتى عام 1998 أن يكون بولارد جاسوسا لحسابها، فإن حكومة إيهود أولمرت منحته في عام 2008 الجنسية الإسرائيلية. وقد أمضى قرابة ثلاثين عاماً في السجن ثم أطلق سراحه بشروط وقيود عدة. وفقط في عام 2020 أصبح حرًا في تنقلاته خارج الولايات المتحدة، فهاجر فورا لإسرائيل.
ويعتبر بولارد في نظر السياسيين الإسرائيليين بطلا قوميا، ضحى بحياته في سبيل الدولة العبرية. وقد فاجأ، في ظهور إعلامي نادر (مساء الثلاثاء)، ليعلن عبر تسجيل فيديو، دعوته المواطنين إلى التصويت لصالح حزب «هروح هتسيونيت» (الروح الصهيونية)، الذي ترأسه شاكيد، بعد أن أشارت استطلاعات الرأي إلى أن هذا الحزب لن يجتاز نسبة الحسم. وقال بولارد، لأولئك الذين يتهمون شاكيد بخيانة معسكر اليمين لأنها وافقت على أن تكون شريكة في تشكيل حكومة ضد نتنياهو: «لدي إيمان أن شاكيد ارتكبت أخطاء وأنها لن تكررها». وأضاف: «بسبب حبي اللامتناهي للدولة وإخلاصي لبقائها ومستقبلها، أدعوكم للتصويت لمن خدم الدولة بطريقة تحافظ على مصالحها وعلى كرامتها، وأنا اقصد بذلك أييليت شاكيد».
وقد ردت شاكيد بتحية بولارد على موقفه الشجاع، وقالت إنه يثبت مجددا أنه بطل إسرائيل. ولكن مقربين من بولارد، أكدوا (الأربعاء)، أنه ومنذ انتشار الفيديو، يتلقى آلاف الرسائل عبر شبكات التواصل مليئة بالشتائم والإهانات والتجريح، وبينها تهديد لحياته ولأفراد عائلته. وقال أحدهم لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «بولارد المعتاد على إحاطته بإجماع إسرائيلي، ذهل وصدم من هذه الرسائل، وقد استهجن هذه الحملة المخيفة، لأن ما قصده هو أن يساهم في لملمة أطراف اليمين حول نتنياهو. فارتدع وسارع الى التراجع والاعتذار». وادعى لاحقا أنه تراجع لأنه «اكتشف أن شاكيد ليست مخلصة لنتنياهو وليس مؤكدا أنها تنوي الانضمام إلى معسكره».
ويعتبر هذا الحادث نموذجا للتوتر الحاد الذي يرافق الحملة الانتخابية الجديدة، وهي الخامسة في غضون أقل من 4 سنوات، ولمستوى العنف الذي يتدهور إليه الخطاب السياسي، حتى داخل المعسكر الواحد في إسرائيل، ووجود قوى عديدة مستعدة لنشر أجواء خوف وترهيب لمن يجرؤ على اتخاذ موقف مستقل، وعدم التردد في توجيه اتهامات حتى بالخيانة القومية لمن يؤيد جناحا يمينيا متطرفا مثل شاكيد، لأنها لا تعلن الولاء التام لنتنياهو. وهو يبين ماذا سيحدث لمن يقف في المعسكر الآخر المعارض لنتنياهو.



منبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى