قبل انتخابات الكونغرس.. ماذا يعني إلغاء بايدن لديون خريجي الجامعات الأميركية؟
واشنطن- سبّب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن خطة لإلغاء 10 آلاف دولار من ديون قروض التعليم التي حصل عليها الطلاب من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، فضلا عن إسقاط رقم مماثل من ديون منحة “بيل غرانت” التي تقدم لأبناء العائلات ذات الدخل المنخفض، عاصفة سياسية تعمّق من حجم الانقسام السياسي الواسع بين الأميركيين.
ورأى الديمقراطيون أنه بعد الآن لن يضطر 20 مليون أميركي إلى دفع أقساط قروضهم التعليمية بصورة كاملة، في حين سيحظى 23 مليونا بارتياح كبير بشأن خفض كبير في أقساط قروضهم المتبقية.
وعلى النقيض، اعتبر الجمهوريون أن هذه الخطوة تدعم حاملي الشهادات الجامعية ممن يحظون بوظائف تدفع مرتبات وأجورا مرتفعة، وأن هذه الخطوة ستزيد التضخم الذي يضرب الاقتصاد الأميركي بقوة.
My mom didn’t go to college. She worked two jobs to keep the lights on & provide for my brother & me.
President Biden wants Frances Scott & millions of other Americans to pick up the student loan bill for the wealthiest among us who carry the majority of the debt. That’s wrong.
— Tim Scott (@SenatorTimScott) August 24, 2022
انقسام واسع
انتقد توم سكوت، السيناتور الجمهوري الأسود عن ولاية كارولينا الجنوبية، خطوة بايدن. وقال في تغريدة له: “أمي لم تذهب إلى الجامعة، لكنها عملت في وظيفتين لتعيلني أنا وأخي وتضمن لنا حياة كريمة. الآن يريد الرئيس بايدن من والدتي فرانسيس سكوت، وملايين الأميركيين الآخرين، أن يتحملوا تكلفة فاتورة قروض الطلاب الذين تمنحهم الدراسة الجامعية فرصة للنجاح الوظيفي! هذا خطأ”.
في المقابل، رحبت إليزابيث وارين، السيناتورة الديمقراطية من ولاية ماساشوستس، بقرار بايدن واعتبرته خطوة مهمة في رفع عبء دفع الديون لأبناء الطبقة الوسطى. وقالت وارين إن “خطة الرئيس بايدن لإلغاء ديون الطلاب ستساعد الطبقة الوسطى بشكل مباشر، فـ99.7% من الطلاب المقترضين ليسوا من خريجي الجامعات المرموقة، و42% منهم درسوا في معاهد متوسطة. الرئيس بايدن يقاتل من أجل الأميركيين الذين يعملون بجد”.
في حين ذهبت بعض آراء المعلقين لاتهام بايدن بالقيام بهذه الخطوة لتحقيق مكاسب انتخابية لحزبه الديمقراطي عن طريق تقديم “هذه الرشوة قبل 8 أسابيع من الانتخابات” في محاولة لدفع الملايين للتصويت للديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
هل يحل إلغاء الديون مشكلة ارتفاع تكلفة التعليم؟
لا تدير الحكومة الفدرالية أي كلية أو جامعة أميركية، وبدلا من ذلك، تتمتع حكومات الولايات الخمسين بسلطة تشغيل وتمويل الكليات والجامعات العامة داخل حدود الولاية.
وفي الوقت الذي تتكفل الحكومة الفدرالية (عن طريق حكومات الولايات الخمسين) بتوفير تعليم مجاني لكل الأميركيين والمقيمين فوق الأراضي الأميركية حتى انتهاء المرحلة الثانوية، يتحمل الطلاب دفع تكلفة نفقات تعليمهم الجامعي. وتوفر الحكومة الفدرالية قروضا بفائدة منخفضة لدعم الطلاب ممن لا تستطيع عائلاتهم، أو هم أنفسهم، تحمل تكلفة دراستهم الجامعية. ويعفى الطلاب من دفع القرض حتى حصوله على وظيفة بعد التخرج.
وبسبب ارتفاع قيمة التعليم الجامعي، ترتفع قيمة القروض وعليه تستمر عملية دفع القروض التعليمية لسنوات طويلة خاصة مع تسهيلات السداد التي تمنح بعض المستدينين فترة 30 عاما في بعض الحالات لتسديد الدَّين.
ويعد متوسط تكلفة الرسوم الدراسية الجامعية الأميركية من بين الأعلى في العالم، وبلغ متوسط تكلفة العام الدراسي في الجامعات الحكومية 9400 دولار العام الماضي. في حين يرتفع هذا المتوسط ليبلغ 37600 دولار في الجامعات الخاصة غير الهادفة للربح، وبلغت التكلفة 18200 دولار في الجامعات الخاصة الهادفة للربح.
ووفقا لدورية (U.S. News & World Report) يوجد 4298 مؤسسة جامعية في الولايات المتحدة، منها 1626 جامعة عامة، و1687 جامعة خاصة لا تهدف للربح، و985 جامعة تهدف للربح.
وتوجد 14 جامعة خاصة بين أفضل 20 جامعة أميركية، ومنها هارفارد وستانفورد وييل. وتعد جامعة ميشيغان وجامعة أوهايو وجامعة كاليفورنيا من بين أفضل الجامعات الحكومية.
يشكو بعض المعلقين من أن الإعفاء من القروض لا يعالج المشكلة الكبرى المتمثلة في ارتفاع تكاليف التعليم الجامعي. ولسنوات، ارتفعت تكلفة التعليم الجامعي بشكل أسرع بكثير من التضخم، وهو أحد الأسباب التي أدت إلى انفجار في قيمة ديون الطلاب. ويرى البعض أن الحكومة قد تشجع الطلاب في المستقبل على تحمل المزيد من الديون أملا في إلغائها مستقبلا.
ويضيف هؤلاء أن إلغاء الديون سيدفع بالجامعات لرفع قيمة الرسوم الدراسية، خاصة أن هناك قاعدة قديمة في الاقتصاد تقول إنه عندما تدعم الحكومة شيئا ما، فإنك تميل إلى الحصول على المزيد منه، وهذا يشمل الرسوم الدراسية المرتفعة وديون التعليم الجامعي.
President Biden’s plan to cancel student debt will directly help the middle class.
99.7% of student borrowers are not Ivy League graduates.
42% do not even have a four-year degree.@POTUS is fighting for hard working Americans.
— Elizabeth Warren (@SenWarren) August 26, 2022
هل تشجع القروض التعليمية على الدراسة الجامعية أم تحد منها؟
يحمل ما يقرب من 38% من الأميركيين شهادات جامعية، ويدرس حاليا في الجامعات ما يقرب من 19.5 مليون أميركي، طبقا لبيانات معهد التعليم العالي.
ويدرس 60% من الطلاب الأميركيين في جامعات حكومية، ويتوزع الـ40% الآخرون على الجامعات الخاصة والمعاهد المتوسطة.
وتشير بيانات وزارة العمل إلى أن متوسط دخل حاملي الشهادات الجامعية يزيد بمقدار 84% عن متوسط دخول حاملي شهادة الثانوية العامة فقط أو ما دونها.
وتستمر الفجوة ارتفاعا في الدخل بين خريجي الجامعات والآخرين على مدار مسارهم الوظيفي. وفي عام 2021، بلغ متوسط دخل الخريجين الجدد 52 ألف دولار سنويا لحاملي درجة البكالوريوس عندما يبلغون 25 عاما، وبالنسبة لخريجي المدارس الثانوية في نفس العمر، بلغ متوسط الدخل 30 ألف دولار سنويا فقط.
ويقدر البيت الأبيض أن 90% من تخفيف عبء الديون سيذهب إلى الأشخاص الذين يكسبون أقل من 75 ألف دولار سنويا. والمقترضون ذوو الدخل المنخفض الذين تأهلوا للحصول على منح بيل في الكلية مؤهلون للحصول على ضعف الإعفاء من الديون مقارنة بالمقترضين الآخرين.
ولن يسمح للأفراد الذين يكسبون ما يصل 125 ألف دولار سنويا، أو العائلة التي يبلغ دخلها 250 ألف دولار سنويا بالحصول على هذه الإعفاءات.
معضلة العدالة ورفع مستويات المعيشة وشبح التضخم
بموجب خطة بايدن، من المتوقع أن يتم تخفيض مدفوعات قروض 43 مليون شخص، في حين سيتم إعفاء 20 مليونا من ديونهم تماما. وقدرت بعض التقارير تكلفة هذه الخطوة بما يقترب من 600 مليار دولار.
وسيتيح ذلك الخفض توفير المزيد من المال لإنفاقه في مكان آخر لهؤلاء الطلاب، وربما لشراء سيارة أو وضع دفعة أولى لشراء منزل أو حتى وضع المال جانبا واستثماره، لذا فإن الإعفاء من الديون قد يرفع مستوى المعيشة لعشرات الملايين من الناس.
ومع ذلك، يقول المنتقدون إن القوة الشرائية الإضافية من شأنها أن تزيد من التضخم الذي يفتك بالفعل بالمستهلكين الأميركيين. ولا يزال التضخم عند أعلى معدل له منذ 40 عاما، ويتحرك مجلس الاحتياطي الاتحادي لرفع أسعار الفائدة بقوة على أمل إعادة السيطرة على الأسعار.
كما أن من شأن هذه الخطوة أن يتكفل دافعو الضرائب بهذه التكلفة بدلا ممن استدان هذه الأموال.
ويعتقد كثيرون أن هذا النقل يعاقب بشكل فعال الأشخاص الذين قاموا بالادخار لدفع تكاليف دراستهم الجامعية، في الوقت الذي لا يذهب فيه غالبية الأميركيين إلى الجامعات، لكن سيتعين عليهم المساهمة في دفع تكاليف من درسوا بالجامعات.
وهناك شعور بالغضب بين العاملين من ذوي الياقات الزرقاء والمهنيين وغيرهم ممن يرون أنه ليس من الإنصاف أن يسهموا في دفع نفقات عبء الديون عن الأطباء والمحامين والمهندسين وغيرهم من الخريجين ممن يحصلون على أجور مرتفعة جدا.