اقتصاد

إطلاق أسماء رجال أعمال على محطات المونوريل مقابل التكلفة.. هل تنجح خطة الحكومة المصرية؟

القاهرة- يتواصل تفاعل المصريين مع تصريحات وزير النقل الفريق كامل الوزير بإطلاق أسماء رجال أعمال ومشروعاتهم وعدد من الجهات والجامعات على محطات قطارات المونوريل والقطار الكهربائي الخفيف “آي إل آر” (lLR) مقابل تمويل إنشائها باليورو (اليورو يساوي 19.69 جنيها).

وتعد هذه المرة الأولى التي يقترح فيها إطلاق أسماء رجال أعمال أو جهات بعينها مثل ملاك أحد الكمبوندات السكنية الواقع في حي التجمع الخامس الراقي بالقاهرة على أسماء محطات القطارات ومترو الأنفاق التي ارتبطت دائما برموز وطنية وتاريخية راحلة.

وكشف الوزير -في تصريحات متلفزة- أنه تم التعاقد بالفعل مع عدد من رجال الأعمال المعروفين، مثل  رئيس مجلس إدارة شركة “السويدي إلكتريك” أحمد السويدي لإطلاق اسم “السويدي” على محطة “إل آر تي” (LRT)، والملياردير ياسين منصور رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة “بالم هيلز” (Palm Hills) للتعمير لتسمية محطة باسم الكمبوند الذي يملكه في مدينة 6 أكتوبر.

6 ملايين يورو تكلفة تسمية المحطة

وأضاف الوزير أن “الجميع سوف يدفع باليورو عدا الجامعات المصرية، مثل جامعات مصر وأكتوبر ومؤسسة الأهرام، تعاقدنا معها بالجنيه”، مشيرا إلى أن الاستفادة ستكون من نصيب الطرفين، الأول سوف يستفيد من الناحية الإعلانية، ونحن سنستفيد من توفير جزء من تكلفة المحطة وتوفير دخل إضافي.

وبشأن التكلفة المتوقعة لإنشاء المحطة كشف الوزير أنه تم إطلاق اسم كمبوند “1 شارع التسعين” على محطة قرب المشروع بعدما تحمل ملاك الكمبوند 6 ملايين يورو (نحو 120 مليون جنيه مصري)، سددوا منها مليون يورو والباقي على أقساط.

وانقسم الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لتلك الفكرة، حيث رآها الطرف الأول تقلل من قيمة الأسماء والرموز الوطنية لمحطات تلك القطارات، وتكرس للطبقية وترفع قيمة الأغنياء والمال في وقت تعاني فيه البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة.

أما الفريق الآخر فذهب إلى أنها فكرة جيدة وليست من اختراع الوزير، وسبق أن تم تطبيقها في العديد من بلدان دول العالم في إطار سياسات الإعلان والاستثمار الحديثة والمتبعة، ولا تقلل من شأن الرموز الوطنية، كما أنها تساعد في تمويل تلك المشروعات واستغلالها.

تكلفة باهظة وصعوبات في التمويل

على الجهة الأخرى، ذهب البعض إلى أن توجهات الوزارة الجديدة مؤشر على وجود صعوبات في إيجاد التمويل اللازم لتلك المشروعات الضخمة، وربما هذا ما ألمح إليه الوزير خلال مداخلته السابقة على قناة صدى البلد، وأكد فيها أن وسائل النقل الحديثة، ومنها المونوريل و”إل آر تي” والقطار الكهربائي السريع تكلفتها الاستثمارية عالية، وأنه لا بديل عن استغلال محطاتها استثماريا وإعلانيا.

وأضاف أن الوزارة تبحث عن زيادة استثماراتها وإيجاد موارد إضافية بدعوى عدم رغبة الحكومة في تحميل الراكب زيادة ثمن التذكرة، في الوقت الذي تستعد فيه الوزارة لإعلان أسعار التذاكر الجديدة.

وانتقد البعض التكلفة الضخمة لمثل تلك المشروعات في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع حجم الديون، ورأوا أن إنشاء القطار الكهربائي والمونوريل و”إل آر تي” لمسافات طويلة سوف يكبد الدولة أموالا كبيرة لن تستطيع الدولة تحصيلها عن طريق تذاكر الركوب فقط.

وتكشف أرقام الموازنة العامة المصرية للعام المالي الحالي عن زيادة كبيرة في أعباء الدين العام لتصل نسبتها إلى 110% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة.

وبحسب البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي (2022-2023)، فقد بلغت قيمة فوائد الدين العام المحلي والخارجي الواجب سدادها خلال العام القادم 690.2 مليار جنيه (36.1 مليار دولار).

وبلغت قيمة الأقساط الواجب سدادها من الدين العام المحلي والخارجي عن العام نفسه 965.5 مليار جنيه (50.5 مليار دولار)، ليصل إجمالي أعباء الدين إلى تريليون و655.7 مليار جنيه (86.5 مليار دولار).

اقرأ ايضاً
هل تنجح عمان في "رؤية 2040" بإيصال دخل مواطنيها إلى 65 ألف دولار سنويا؟

جباية وغياب الحلول

بدوره، رأى رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة الدكتور أحمد خزيم أن “الأمور لا تدار بهذا الشكل الذي يبدو أشبه بالمزاد، وهناك العديد من الطرق للحصول على تمويلات إضافية بدلا من هذه الطريقة التي تبدو أشبه بالجباية، هناك مثلا العديد من الصناديق مثل صندوق تحيا مصر، أو التبرع بقيمة المحطة دون ربط ذلك بتسميتها باسم المتبرع”.

وأضاف خزيم للجزيرة نت أنه يجب استغلال كل محطة بمرافقها بشكل تجاري ناجح يدر أموالا دائمة على المشروع، وتعظيم ذلك من خلال الاستفادة من اسم المشروع وموقعه في الإعلانات وغيرها من الخدمات، معتبرا أن ما يجري هو إهدار لقيمة المشروع ومحطاته، وأنه يجب ألا تحول مصر إلى مزاد.

وتساءل خزيم: كيف سيكون موقف الوزارة أو الحكومة في حال تورط أحد رجال الأعمال ممن تمت تسمية الأماكن بأسمائهم في واقعة فساد مالي؟

أضخم مشاريع نقل بمصر

بين عامي 2019 و2022 وقعت الحكومة المصرية سلسلة اتفاقيات لإنشاء خطوط قطار كهربائي ومونوريل بأطوال مختلفة وكبيرة مع تحالف ضم شركات أجنبية ومحلية بمئات المليارات من الجنيهات، وسط حفاوة رسمية بإطلاق أضخم مشروع قطارات في تاريخ البلاد.

وفي أغسطس/آب 2019 وقعت وزارة النقل المصرية اتفاقية مع تحالف مصري أجنبي عقد تصميم وإنشاء وتشغيل وصيانة مشروع خطي مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة ومونوريل 6 أكتوبر بتكلفة قدرها 4.5 مليارات دولار، وضم التحالف شركات “بومباردييه ترانسبورتيشن” (Bombardier Transportation) (كندية)، و”المقاولون العرب”، و”أوراسكوم كونستراكشون ليمتد” (Orascom Construction Limited).

وقالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر حينها إن الحكومة تتفاوض حاليا مع مؤسسات دولية لتمويل المشروع، وتبلغ المدة الإجمالية لتنفيذ خط مونوريل العاصمة الإدارية 34 شهرا مقابل 42 شهرا لتنفيذ خط مونوريل مدينة 6 أكتوبر اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2020.

تضارب الأرقام

لكن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء عاد ونفى ما تم إعلانه عن قيمة الصفقة، ونقل عن وزارة النقل قولها إنها “أكدت أنه لا صحة على الإطلاق لتنفيذ مشروع المونوريل بتكلفة باهظة تفوق مثيلاتها في دول العالم”.

وأوضحت الوزارة -حسب البيان- أن القيمة الإجمالية لتنفيذ مشروعي المونوريل تقدر بنحو 2.7 مليار يورو شاملة الضرائب والجمارك وجميع الأعباء الداخلية بإجمالي أطوال تبلغ 96 كلم، وعدد محطات يبلغ 33 محطة، منها 4 تبادلية بواقع محطتين لكل مشروع.

كما عددت فوائد المشروع الذي تعرض لانتقادات واسعة بأنه سيحدث تغييرا في مفهوم وسائل النقل الجماعي وخدمته لأغراض التنمية العمرانية، وسيربط العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة بكافة المحافظات المصرية في ما بعد.

وأشارت الوزارة إلى أن هذه النوعية من المواصلات تتسم بأنها وسائل نقل سريعة وعصرية وآمنة وصديقة للبيئة لنقل الركاب، وتوفر استهلاك الوقود، وتخفض معدلات التلوث البيئي وتخفف الاختناقات المرورية بالمحاور والشوارع الرئيسية، وتجذب الركاب لاستخدام هذه الوسيلة بدلا من استخدام السيارات الخاصة.

لكن مشروع القطار الكهربائي هو الأضخم بين جميع المشروعات السابقة والأكبر من حيث التكلفة، حيث وقعت مصر مع شركة “سيمنز” (Siemens) الألمانية مذكرة لبدء تنفيذ منظومة القطار الكهربائي السريع بتكلفة إجمالية قدرها 23 مليار دولار (441 مليار جنيه).

ويبلغ طول المنظومة بالكامل من خلال عدة خطوط نحو ألفي كلم، يبدأ الخط الأول من ميناء العين السخنة على البحر الأحمر والعلمين الجديدة على البحر المتوسط مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة وبطول 460 كيلومترا.

وتبدأ المرحلة الثانية من العلمين إلى مرسى مطروح على البحر المتوسط، والثالثة ستربط بين الغردقة وسفاجا على البحر الأحمر وقنا والأقصر بالصعيد، فيما الرابعة من 6 أكتوبر وحتى أسوان أقصى الصعيد، وسيجري دعم المنظومة بقطارات ذات سرعات عالية تصل إلى 250 كيلومترا في الساعة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى