رفض تسليم لبنان لحكومة مستقيلة.. عون يصعّد قبل انتهاء ولايته
بيروت- قال الرئيس اللبناني ميشال عون -في إشارة إلى حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي- “إن مثل هذه الحكومة غير مؤهلة لتسلم صلاحياتي بعد انتهاء ولايتي، وأنا أعتبر أنها لا تملك الشرعية الوطنية للحلول مكان رئيس الجمهورية”.
وأضاف “ولذلك ما لم يُنتخب رئيس للجمهورية أو تتألف حكومة قبل 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وإذا أصروا على أن (يحشروني بالزاوية)، فإن هناك علامة استفهام تحيط بخطوتي التالية وبالقرار الذي سأتخذه عندها”.
الرئيس عون عبّر عن موقفه في تصريحات لجريدة “الجمهورية” اللبنانية اليوم الخميس، وذلك قبل نحو 7 أسابيع على انتهاء ولايته.
غياب تسوية سياسية
وانطلقت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري وتستمر حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022. ويرجح كثيرون دخول لبنان مرحلة الفراغ الرئاسي، نتيجة غياب تسوية سياسية تنبئ بإمكانية انتخاب رئيس قبل أقصى موعد للمهلة الدستورية.
وفي حين يستعد لبنان لانتخاب الرئيس الـ14، يصعّد عون مواقفه السياسية، كون الاستحقاق الرئاسي يأتي للمرة الأولى في ظل حكومة مستقيلة منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في مايو/أيار الماضي، وتقوم بمهام تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي.
ولم يتمكن ميقاتي من تشكيل حكومة بالتوافق مع عون، في حين يشكك الأخير مع فريقه السياسي بشرعية استلام حكومة مستقيلة صلاحيات الرئاسة.
وحول أسباب عدم تشكيل حكومة قبل انتهاء ولايته، صرّح عون “لدي شعور بأن العرقلة متعمدة، لكي يضع الرئيس ميقاتي ومن معه وخلفه أيديهم على البلد عبر حكومة تصريف أعمال لا تتوافر فيها شروط الحلول مكان رئيس الجمهورية، وإذا نشأ مثل هذا الوضع النافر فأنا لن أرضخ له وسأواجهه”.
وأكد الرئيس اللبناني، أنه جاهز للتعاون من أجل تأليف الحكومة، معتبرا أنه صاحب المصلحة الأكبر في ولادتها “لأنني أريد أن أطمئن إلى أن الفراغ، إذا وقع، سيُملأ بالطريقة المناسبة، إنما لا أقبل أيضا بأي حكومة كانت، لأنه ربما تنتظرها تحديات ومسؤوليات جسام، يجب أن تمتلك القدرة والتغطية اللازمتين للتصدي لها”.
فراغ رئاسي
وحول مواصفات الرئيس المقبل، قال عون “من المهم أن يكون ملما بالدستور والقوانين وملتزما بتطبيقها حتى لو كان ذلك مزعجا لشركائه في السلطة”. وحول أسماء السياسيين المتداولة للرئاسة، قال إن “جبران باسيل غير مرشح، والآخرون لا تتوافر فيهم الشروط الضرورية لتولي المنصب”.
وسبقت مواقف عون تصريحات عالية النبرة لصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي أعلن الثلاثاء الماضي عدم اعترافه بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية عون، ورفضه المطلق تسلمها صلاحيات الرئاسة باعتبارها “حكومة مغتصبة للسلطة وفاقدة للشرعية الدستورية”، مبررا ذلك بالقول إن “الفراغ لا يملأه فراغ”.
ووفق المادة 62 من الدستور اللبناني، “عند خلو سدة الرئاسة، تناط صلاحيات الرئاسة وكالة لمجلس الوزراء”.
لكن الدستور لم يتناول إشكالية الحكومة المستقيلة بالفراغ الرئاسي، وهو ما يرفع سقف السجال السياسي وتضارب الاجتهادات بشرح الدستور، خصوصا أن خصوم عون وخبراء قانونيين يعتبرون أن الحكومة المستقيلة تستطيع لعب دور الحكومة غير المستقيلة بحالة الفراغ وأن تستلم صلاحيات الرئاسة، على قاعدة لا يمكن الدخول بفراغ مطلق في السلطة.
البرلمان وانتخاب الرئيس
توازيا مع ذلك، سبق أن أعلن مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان دعمه للرئيس ميقاتي في هذه المرحلة، ما ضاعف السجال السياسي والطائفي في البلاد.
وفي خطوة أولى بعهد دريان، دعت دار الفتوى النواب السنة الـ27 إلى عقد لقاء في 24 سبتمبر/أيلول تحت عنوان “تعزيز الوحدة السنية الإسلامية والوطنية”. ولم يعلن جميع النواب السنّة تلبيتهم للدعوة التي تأتي تزامنا مع تصاعد الصراع على الصلاحيات بين رئاستي الجمهورية والحكومة.
وحتى الآن، لم يدع رئيس البرلمان نبيه بري النواب لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية. وفي حال عدم توجيه الدعوة، يجتمع البرلمان حكما وإلزاميا قبل 10 أيام من انتهاء ولاية عون، وهي جلسات قد لا تفضي إلى انتخاب رئيس، مما يدخل البلاد بحالة الفراغ.
دستوريا يكون انتخاب رئيس الجمهورية بتصويت غالبية الثلثين من مجموع أعضاء البرلمان المكون من 128 عضوا، أي 86 نائبا، وبالدورة الثانية بالأغلبية المطلقة، أي 65 نائبا.