الاخبار العاجلةسياسة

هل يثبت “إنقاذ وطن” حسن نيته للصدر ويستقيل أعضاؤه من البرلمان العراقي؟

كما الحال مع خصومه، وضع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حلفاءه في تحالف “إنقاذ وطن”، محمد الحلبوسي ومسعود البارزاني، في اختبار؛ بعد حسمه أخيرا عدم عودة نواب كتلته المستقيلين إلى مجلس النواب، ليرمي كرة حله بملعبهما ليقررا إما الانسحاب أو البقاء في المجلس.

وتشكّل تحالف “إنقاد وطن” في مارس/آذار الماضي، ويضم إلى جانب التيار الصدري تحالف السيادة (يشمل حركة تقدم بزعامة محمد الحلبوسي وحركة عزم بزعامة خميس الخنجر)، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، واستطاع أن يشغل نحو 175 مقعدا من أصل 329 في البرلمان.

وفي تعليق منه على إمكانية حل البرلمان بانسحاب حلفائه، قال الصدر عبر المقرب منه صالح محمد العراقي “حلّ البرلمان ممكن بلا عودة الكتلة الصدرية، ولا سيما مع وجود حلفائها في مجلس النواب وبعض المستقلين، الذين إلى الآن هم على التلّ، لن يكون الحلّ حينئذ تياريا، بل سيكون حلّ البرلمان وطنيا، سنّيا وشيعيا وكرديا ومستقلين”.

وكان الصدر قد طالب مرّات عدّة القضاء العراقي بحلّ البرلمان، إلا أن المحكمة الاتحادية ردّت دعوى حل مجلس النواب التي تقدم بها التيار الصدري، قائلة إن حلّ المجلس ليس من اختصاصاتها المحددة في الدستور وقانون المحكمة، وإن قرار الحل يُفرض في حال عدم قيام المجلس بواجباته.

هذا الطلب للصدر جعل حلفاءه بين نارين؛ الأولى ألّا يبقيا على موقف الواقف على التلّ بل عليهما المضي بالانسحاب من البرلمان ليصبح قد حل نفسه تلقائيا، والثانية عدم الانسحاب والذهاب نحو المشاركة في أي حكومة تُشكل حتى إن كانت من الإطار التنسيقي المنافس للتيار الصدري.

حصرية - الخبير القانوني علي التميمي
التميمي رأى أن مجلس النواب سيكون منحلا إذا استقال أكثر من نصف أعضائه (الجزيرة نت)

رأي القانون

قانونيا، يكون البرلمان قد أصبح منحلا تلقائيا عندما يكون عدد المُستقيلين منه يزيد على نصف العدد الكلي +واحد، أي أكثر من 165 نائبا. وحسب الخبير القانوني علي التميمي، يكون عندئذ البرلمان قد انحل بشكل تلقائي، لأن المادة 64 اشترطت تصويت هذه النسبة على الحل، فإذا كانت هذه النسبة قد استقالت فإن المتبقي من البرلمان لا يستطيع أداء دوره في التصويت والانعقاد وفق المادة 59 من الدستور العراقي، ومن ثم يكون منحلًّا بشكل واقعي.

وإذا حدث هذا السيناريو، عندئذ يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات عامة في البلاد في مدة أقصاها 60 يوما من تاريخ الحل بمرسوم وفق الدستور، مع استمرار حكومة مصطفى الكاظمي مع رئيس الجمهورية برهم صالح بتسيير المصالح العامة وتصريف أمور يومية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات وفق الفقرة ثانيا من المادة 64 من الدستور العراقي.

لكن هذا السيناريو يصطدم باحتمال أن يُكرّر الإطار التنسيقي سيناريو الصدر ويعوّض مقاعد النواب المستقيلين بنواب آخرين، وهذا ما يتفق معه إلى حد كبير- إن حدث- الباحث السياسي إحسان الشمري.

ويقول الشمري “إذا حدث ذلك، ستطول الأزمة أكثر، وقد يُحرَج الإطار التنسيقي، ولا يمكن أن يستمر مع وجود كل هذه الاستقالات لا سيما أنه لم يبد تنازلا حتى الآن، وسيتعاطى مع الموضوع بالتحدي السياسي، إيمانا منه أن استقالة أي نائب ممكن أن تعوّض بصاحب أعلى نتيجة بعده في الانتخابات، وهذا ما سيجعلنا أمام مُدد مفتوحة وبرلمان غائب ومعطل، ولن تكون هناك حلول”.

حصرية - الباحث السياسي - مجاشع التميمي
مجاشع التميمي: الأزمة السياسية في العراق صارت مركبة وعميقة وحلها غدا مُستعصيا (الجزيرة نت)

الصدر و”إنقاذ وطن”

أما المحلل السياسي الدكتور مجاشع التميمي فيقرّ بأن الأزمة أصبحت مركبة وعميقة وحلها بات مُستعصيا، بخاصة بعد قرار المحكمة الاتحادية بعدم اختصاصها بحل البرلمان، وكذلك القوى السياسية في غالبها راغبة في البقاء، والصدر مصرّ على حل البرلمان.

اقرأ ايضاً
أيهما تختار طهران.. إحياء الاتفاق النووي مع أميركا أم التحالف الإستراتيجي مع روسيا؟

وعن احتمال أن يستجيب حلفاء الصدر لدعوته والانسحاب من البرلمان، يُجيب التميمي -في حديثه للجزيرة نت- قائلًا “لا أتوقع أن تكون هناك موافقة من حليفيه الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، لكن بالنتيجة هي محاولة لإنهاء الأزمة”.

وبخصوص موقف الصدر من حليفيه إذا خيّبا ظنّه، يرى التميمي أن الصدر قد غادر بالفعل “إنقاذ وطن” منذ انسحابه من البرلمان.

لكنّ التميمي يقرّ بأن الحلول باتت شحيحة مع تعمّق الأزمة السياسية ويصف ذلك بـ”الخطر”، ويكمل قائلا إن “التدخل الإقليمي أصبح خطرًا، وإصرار الصدر على ضرب مشروع التوافق لا رجعة فيه”.

رئيس مركز التفكير السياسي د. (إحسان الشمري (الجزيرة نت)
الشمري: الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة سينظران إلى مصالحهما قبل أن يقررا الانسحاب من البرلمان (الجزيرة نت)

هل ينسحب السيادة والديمقراطي؟

وبالعودة إلى المحلل الشمري، فيقول إن الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة سينظران إلى مصالحهما قبل أن يقررا الانسحاب من عدمه من البرلمان، فإذا ما وجدا أن تحالفهما مع الإطار التنسيقي ممكن أن يؤمن مصالحهما ومطالبهما وشروطهما، سيجدان المبررات لعدم الانسحاب من البرلمان أو ما يتعلق بحله.

ومن خلال سلوكهما السياسي، اتّسم كل من الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة بالبراغماتية والتعاطي بواقعية في طبيعة مواقفهما، وهذا ما يدفع الشمري -في حديثه للجزيرة نت- إلى الإقرار باستحالة مضي الديمقراطي والسيادة مع الصدر الذي يدرك أنهما منذ 3 أشهر خرجا من التحالف بالتواصل مع الإطار التنسيقي.

لكنّ حالة واحدة يُحدّدها الشمري قد تدفع الديمقراطي الكردستاني والسيادة إلى الانسحاب من البرلمان، هي عدم الاتفاق مع الإطار التنسيقي على بعض الاشتراطات، عندئذ سيكون الاتفاق على حل البرلمان، لكن بعد مدّة من الزمن قد تكون سنة أو أكثر، وبخلاف ذلك لا يمكن المضي في ردّ الجميل للصدر.

عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبدالكريم (الجزيرة 2)
عبد الكريم رأى أنه ليس من مصلحة الكرد الانسحاب من البرلمان (الجزيرة نت)

موقف الديمقراطي

وأمّا عن موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني من الانسحاب، فيقول العضو البارز فيه مهدي عبد الكريم إن حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة متفق عليه بين الكتل السياسة، لكن ضمن آليات عمل قانونية ودستورية، وأن تكون هناك حكومة دائمة كاملة الصلاحية وبصلاحيات صرف الأموال والإشراف على الانتخابات والمفوضية، مع إمكانية تغيير قانون الانتخابات.

ويؤكد -في حديثه للجزيرة نت- أنه ليس من مصلحة الكرد الانسحاب من البرلمان؛ “سيكون لنا جزء إذا شُكلت الحكومة أو عقدت جلسة البرلمان”.

ويضيف أن لدى الجانب الكردي جماهير ومُتطلبات ومصالح شعبية ومشاكل مع الحكومة الاتحادية يجب أن تُحل بطرق قانونية من خلال المشاركة في أي حكومة كانت، ولهذا فإن حل البرلمان يجب أن يكون على الأقل بعد سنة ونصف السنة تقريبا.

ويعلّق عضو الديمقراطي الكردستاني على احتمال انسحاب الكرد والسيادة من البرلمان، استجابةً لطلب الصدر، بأنهما لا يمثلان إلا الجزء القليل منه، مع ضرورة أن ينسحب 169 عضوًا على الأقل، وعندئذ ينتهي عمل البرلمان.

المحلل السياسي أواس أل حمد (الجزيرة 1)
آل حمد شكك في ثقة الصدر بتحالفه مع السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني (الجزيرة نت)

السُنّة والصدر والانشقاق

وبالانتقال إلى البيت السُنّي، فهو في دوامة انشقاق حادث فيه بانقسامه على 3 دوائر هي: الأنبار التي يقودها الحلبوسي وصلاح الدين بزعامة النائب أحمد الجبوري أبو مازن ونينوى بزعامة أسامة النجيفي وآخرين، وتصارع قياداتهم على الكراسي وسط غياب برنامج واضح للتفاوض مع الكتل السياسية، وهذا ما يقرّ به الناشط والباحث السياسي أوراس آل حمد.

ويرى أن المالكي إن استجاب لمطالب الحلبوسي والخنجر وضمن بقاء الحلبوسي في المنصب ذاته، فبالتأكيد سيُخيّبان آمال الصدر ويذهبان مع الإطار التنسيقي.

ويُشير آل حمد إلى أن الصدر لو كانت لديه ثقة كاملة بتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني ما كان نشر بيانا على الملأ وطالبهما بالانسحاب من البرلمان، بل هو يبحث عن حلفاء عقائديين مؤمنين به كما الحال لدى جمهوره.

ويقول للجزيرة نت إن تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني سيذهبان مع الطرف الذي يؤمّن لهما مصالحهما ومغانمهما، سواء كان هذا الطرف الإطار التنسيقي أو التيار الصدري.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى