الاخبار العاجلةسياسة

ذكرى المولد النبوي الشريف.. فسحة للأقصى والمصلين في ظل موسم تهويدي طويل

القدس المحتلة- لم يأبه عشرات آلاف المصلين الذين بدؤوا التوافد على المسجد الأقصى المبارك منذ ساعات الصباح؛ بإجراءات الشرطة الإسرائيلية التنغيصية على الأبواب، التي تمثلت في منع بعضهم من الدخول وتفتيش آخرين وتدقيق هوياتهم الشخصية قبل السماح لهم باجتياز الحاجز.

في الساحات يحتار الزائر إلى أي اتجاه يوجه بصره، إلى الأطفال الذين يلهون ويختبئون من بعضهم البعض خلف هذا المعلم أو ذاك، أم إلى أولئك الذين حرصت أمهاتهم على أن يرتدوا الزي التراثي الفلسطيني، أو إلى عشرات المصلين الذين وقفوا على سلالم البوائك بهدف التقاط الصور التذكارية مع مصلى قبة الصخرة المشرفة المهيب؟

لن تلفت هذه المشاهد فقط نظر الزائر، بل حرص المئات -وربما آلاف المصلين- على جلب المأكولات المختلفة لتوزيعها بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، وفي كل مرة تُعرض فيها المأكولات على المصلين تُسمع لهجة جديدة قادمة من بلدات ومدن الداخل الفلسطيني أو من أحياء القدس الشرقية.

9-ميسلون صباح مع ابنتها ملاك وابنها علي داخل المصلى القبلي في المسجد الأقصى لحضو الاحتفال المركزي بمناسبة ذكرى المولد النبوي(الجزيرة نت)
ميسلون صباح مع ابنتها ملاك وابنها علي داخل المصلى القبلي لحضور الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف (الجزيرة نت)

توطيد العلاقة بالأقصى

في المصلى القبلي، التقت الجزيرة نت السيدة ميسلون صبّاح القادمة من بلدة طرعان في الداخل الفلسطيني مع ابنتها ملاك وابنها علي، وتحدثت هذه الأم عن أهمية شد الرحال إلى أولى القبلتين وتحفيز الأطفال على هذه الرحلة لتعزيز ثقافتهم الدينية وتوطيد علاقتهم بالمكان الذي عرج منه الرسول إلى السماوات السبع.

بتأثر واضح، أضافت ميسلون “يكفي أن رسولنا تواجد في هذا المكان كي نحرص على التواجد فيه، أتمنى لو بإمكاني تقبيل كل ذرة تراب في الأقصى”.

تجلس بجوار ميسلون ابنتها ملاك (18 عاما) التي تحرص على ارتداء ثوب تراثي فلسطيني كلما زارت المسجد الأقصى، وعبّرت عن حبها لهذا المكان بالقول “المسجد الأقصى هو قلبي”، وإنها تحرص على التوجه إليه في رحلة شبه أسبوعية لتشعر بالراحة والروحانيات.

أما عليّ فقال إن ما يلفته في الاحتفالات الدينية بالمسجد الأقصى المدائح النبوية التي تصدح بها فرقة الإنشاد الإسلامية، وبمجرد بدء الاحتفال المركزي الذي تنظمه دائرة الأوقاف الإسلامية تقدم هذا الطفل إلى الصفوف الأمامية وأنصت إلى السيرة النبوية التي سردها إمام المسجد الأقصى الشيخ يوسف أبو سنينة.

11-المؤذن والمنشد فراس قزاز على يمين الصورة وإمام الأقصى يوسف أبو سنينة على يسارها(الجزيرة نت)
إمام الأقصى يوسف أبو سنينة (يسار) يسرد السيرة النبوية ضمن فعاليات الاحتفال (الجزيرة نت)

تطرق إمام الأقصى إلى جوانب مختلفة من سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم، ولم يغفل التعريج على رحلة الإسراء والمعراج، وتخللت الحفل مواعظ مختلفة للمصلين، وقال إن “الاحتفال بمولد الرسول الكريم هو اتباع لسنته واقتداء به وبأصحابه الكرام”.

اقرأ ايضاً
الثالث خلال أيام.. هجوم صاروخي على حقل غاز تديره شركة إماراتية بشمال العراق

ورغم الأجواء الروحانية التي عمّت أرجاء أولى القبلتين فإن كثيرين تذكروا أن هذه المناسبة العطرة تحل هذا العام بالتزامن مع الذكرى 32 لمجزرة الأقصى التي وقعت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 1990.

وقال أبو سنينة إن المشاهد المؤلمة للشهداء والجرحى التي رآها في ساحات المسجد في ذلك اليوم لم تتكرر قبل هذا التاريخ وبعده.

وفي هذه المجزرة ارتقى 21 فلسطينيا وجرح المئات عند تصديهم ومنعهم أعضاء جماعة الهيكل الذين حاولوا اقتحام المسجد بهدف إقامة صلواتهم فيه ووضع حجر أساس هيكلهم المزعوم.

في المصلى القبلي صدحت حنجرة مؤذن المسجد الأقصى والمنشد فراس قزاز بأنشودة “يا عاشق المصطفى أبشر بنيل المنى.. قد راق كاس الصفا وطاب وفد الهنا.. نور الجمال بدا من وجه شمس الهدى”.

ومع انسجام عشرات المصلين داخل المصلى بالأجواء الإيمانية غادرت الجزيرة نت المصلى نحو الساحات، وفي الرواق المؤدي للمصلى ذاته التقت المسن المقدسي يحيى الهشلمون الذي قدم إلى أولى القبلتين بكامل هندامه.

10-المسن المقدسي يحيى الهشلمون(الجزيرة نت)
المقدسي يحيى الهشلمون حرص على الوجود بالمسجد الأقصى منذ الصباح الباكر (الجزيرة نت)

للرباط ثمن

تعلو وجهه الابتسامة كلّما لبّى طلب أحد المصلين الذين تقدموا نحوه ليأكل من الحلوى التي جلبوها بمناسبة المولد النبوي، ولأجل هذه المشاهد قال إنه حرص على التواجد باكرا في المسجد الأقصى.

وأضاف الهشلمون “تنعشني رؤية مئات العائلات التي قدمت للأقصى من الداخل الفلسطيني لإعماره، كما تنعشني الطمأنينة التي لا أشعر بها سوى في هذا المكان”.

وعن تزامن الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام مع ذكرى مجزرة الأقصى، قال “القدس أرض الرباط وجميعنا يعلم أن للرباط ثمنا باهظا، هذا قدرنا أن نعيش في مدينة غير مستقرة وفيها كثير من القلاقل والمفاجآت، لكن لا غنى عنها وعن هذا المقدس الذي نستمد منه القوة والشموخ”.

وأكد الهشلمون وغيره من المصلين الذين تحدثت معهم الجزيرة نت أن الأقصى كان بحاجة لهذه الفسحة الروحانية التي حلّت عليه في ذكرى المولد النبوي كونه يأتي هذا العام في ظل موسم أعياد يهودي طويل نال الأقصى خلاله نصيبا من الاعتداءات والتدنيس.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى