الاخبار العاجلةسياسة

إعلان جبهة تحرير تيغراي استعدادها للتفاوض.. هل يسفر عن هدنة جديدة بإثيوبيا؟

أديس أبابا- وجد إعلان جبهة تحرير تيغراي التزامها بوقف فوري ومنسق لإطلاق النار، واستعدادها للانخراط في عملية سلام، أول أمس الأحد، ترحيبا أمميا وإقليميا، وتشكيكا داخليا غير رسمي في نوايا الجبهة، كما فتح الباب أمام التكهنات في مدى قدرة الاتحاد الأفريقي في دفع الأطراف إلى مائدة الحوار وإيقاف المواجهات العسكرية.

الإعلان جاء بعد أن فقد الوسطاء الدوليون والإقليميون الأمل في إعادة أطراف الصراع شمال إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، عقب اندلاع المواجهات مجددا الشهر الماضي، مما أعاد الجدل حول إمكانية الاتحاد الأفريقي والآلية التي يمكن أن تقدمها واشنطن لتعزيز دور هذا الاتحاد.

وشكلت الخطوة ردود فعل محلية اتسمت بالتشكيك، على الرغم من الترحيب الأممي والإقليمي، واعتبرت بعض الأوساط المحلية أن الجبهة تبحث عن مخرج من المأزق العسكري الذي تواجهه قواتها، ورأى آخرون أنه نجاح لجهود المبعوث الأميركي وفرصة للاتحاد الأفريقي.

واعتبر الباحث والمختص بالشأن الأفريقي، عبد القادر محمد علي، إعلان جبهة تيغراي مؤشرا على حدوث تقدم في التفاوض، وقال للجزيرة نت إن إعلان تيغراي مؤشر هام على حدوث تقدم في عملية التفاوض الجارية في جيبوتي، وأن جهود مبعوث الولايات المتحدة للقرن الأفريقي مايك هامر لإقناع الطرفين بوقف التصعيد بدأت تثمر، حسب قوله.

ومن جانبه يرى جمال بشير، نائب رئيس جمعية السلام والتنمية الإثيوبية بأميركا، أن إعلان الجبهة بمثابة خطوة للخروج من المأزق، وقال إنه لا يأتي من باب البحث عن السلام والجنوح للتفاوض بقدر ما هو بحث عن مخرج من المأزق ووضعها العسكري المتراجع أمام القوات الحكومية.

في غضون ذلك، كشف مصدر دبلوماسي أفريقي للجزيرة عن لقاء جرى بين ممثلي الحكومة الإثيوبية وجبهة تيغراي في جيبوتي من 8 إلى 10 سبتمبر/أيلول الحالي برعاية الاتحاد الأفريقي وأميركا، في أول لقاء من نوعه منذ تجدد القتال في 24 أغسطس/آب الماضي، وقد عُلقت المفاوضات لإعطاء فرصة للأطراف للتشاور في القضايا التي بُحثت خلال اللقاء، ولم يصدر أي تعليق من حكومة أديس أبابا وجبهة تيغراي حول تلك المفاوضات.

تشكيك محلي وترحيب دولي

أكدت جبهة تيغراي -في بيان لها الأحد- الاستعداد للمشاركة في عملية سلام تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، في حين لم يصدر أي بيان من جانب الحكومة الإثيوبية التي أكدت في وقت سابق تمسكها بخيار التفاوض وحل الأزمة سلميا.

وأوضح بشير للجزيرة نت أن خطوة الجبهة لا تتناسق مع تاريخها وأسلوبها في الحرب التي استخدمت فيها الأطفال واستهدفت فيها المدن، وقال إن الشارع الإثيوبي وبعض الأحزاب السياسية لا يثقون في نوايا جبهة تيغراي، وينظرون لها على أنها تهديد لوحدة البلاد.

في المقابل، وجد إعلان جبهة تيغراي الانخراط في مفاوضات ترحيبا دوليا وإقليميا، حيث رحب رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي بإعلان الجبهة، وقال في بيان إن هذا التطور يعتبر فرصة لاستعادة السلام في إثيوبيا.

وحث فكي الطرفين على العمل بشكل عاجل من أجل وقف فوري لإطلاق النار، والمشاركة في محادثات مباشرة في عملية يقودها الاتحاد الأفريقي بمشاركة شركاء دوليين يتم الاتفاق عليهم من قبل الطرفين.

إلى ذلك رحب الأمين العام للأم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالإعلان، ودعا الأطراف لاغتنام الفرصة من أجل السلام واتخاذ خطوات لإنهاء العنف بشكل نهائي، مجددا استعداد منظمته لدعم عملية السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي.

اقرأ ايضاً
أفغان ضحايا الإدمان.. إرث أميركي تعالجه طالبان بالقرآن

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن بلاده تقف إلى جانب شعب إثيوبيا وتدعم الجهود الدبلوماسية المستمرة التي يقودها الاتحاد الأفريقي، في وقت دعا الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل إلى أن يغتنم الجميع الفرصة، مؤكدا استعداد الاتحاد لتقديم الدعم.

رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي اعتبر إعلان جبهة تيغراي فرصة لاستعادة سلام إثيوبيا (الأوروبية)

توقعات بنجاح الاتحاد الأفريقي

وحول قدرة الاتحاد الأفريقي على جمع طرفي الصراع حول مائدة التفاوض، لم يستبعد نائب رئيس جمعية السلام والتنمية الإثيوبية بأميركا نجاح المبعوث الأفريقي في هذه المهمة، وقال إن الظروف مواتية خاصة مع قبول الجبهة التفاوض برعاية الاتحاد، بعدما كانت ترفضه.

وتابع بشير “الجبهة ظلت تتعنت أمام دعوات الحكومة للسلام والتفاوض مرارا، وتعلن فجأة التزامها بوقف إطلاق النار.. هذا أمر غريب” مستدركا “العودة للتفاوض والبحث عن السلام أي كانت دوافعه أمر مهم ويجب استغلاله بصورة أفضل”.

لكنه شكك في نوايا الولايات المتحدة نحو إثيوبيا وقلل من دورها في دعم الاتحاد الأفريقي، وقال إن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن تمديد حالة الطوارئ الوطنية بشأن إثيوبيا عاما إضافيا بهذا التوقيت دليل على أن موقف واشنطن لا يزال ضبابيا ولا يشجع الحكومة، وسيكون بالتالي دورها ضعيفا في دعم الاتحاد الأفريقي.

والسبت الماضي، مدد الرئيس الأميركي حالة الطوارئ الوطنية بشأن إثيوبيا عاما إضافيا، ووصف الوضع شمال هذا البلد ومحيطه بأنه يهدد السلام والاستقرار في إثيوبيا والقرن الأفريقي.

لكن الباحث والمختص بالشأن الأفريقي عبد القادر يرى أن دور واشنطن مهم وفعال لما تملكه من أوراق، وقال إن الوساطة الأفريقية ثبت عجزها وفشلها، وبالتالي هناك حاجة لدخول قوى جديدة قادرة على الضغط على طرفي الصراع بشكل فعال وتقديم الضمانات الكافية للسير في إجراءات بناء الثقة، حسب قوله.

وأضاف أن واشنطن تملك العديد من أوراق الضغط التي تستطيع من خلالها الوفاء بالمطلبين (الضغط على الأطراف وتقديم ضمانات) وهو ما تمثله الولايات المتحدة الآن وخلفها المجتمع الدولي وإن ظلت الوساطة الأفريقية شكليا في الواجهة.

وكان الاتحاد الأفريقي -الذي يقود الوساطة بين الحكومة الفدرالية في أديس أبابا وجبهة تيغراي شمال البلاد- قد أعلن السبت عن تمديد تفويض مبعوثه الخاص للقرن الأفريقي أولوسيغون أوباسانغو المكلف بمواصلة جهود السلام في إثيوبيا.

وتزامن قرار الاتحاد الأفريقي وقتها مع لقاء جمع رئيس المفوضية الأفريقية بالمبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، بحثا خلاله الصراع شمال إثيوبيا، والجهود المبذولة للوصول إلى مفاوضات جادة لإنهائه.

وبدأ المبعوث الأميركي منذ الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري اتصالات مع الأطراف كافة، ويتولى الاتحاد الأفريقي مهمة الوساطة بين أديس أبابا وجبهة تيغراي.

تواصل المواجهات

تأتي هذه التطورات السياسية في ظل تواصل المواجهات بين القوات الحكومية وجبهة تحرير تيغراي، منذ اندلاعها في أغسطس/آب الماضي، وسط تعتيم إعلامي من الجانب الحكومي ومزاعم للجبهة عن تورط الجيش في مساندة القوات الحكومية، في حين لم تعلق أديس أبابا وأسمرا على الاتهامات.

وكانت الخارجية الأميركية أعربت، الأسبوع الماضي، عن قلقها من تجدد المعارك بإثيوبيا، وقالت “على إريتريا سحب قواتها من إثيوبيا، ولا حل عسكريا لهذا الصراع”.

وأدى استئناف المعارك إلى انهيار هدنة مارس/آذار الماضي، التي سمحت بدخول قوافل المساعدات إلى تيغراي للمرة الأولى منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن تقريرا للأمم المتحدة أفاد بأن إيصال الشحنات -بما في ذلك جوا- توقف جراء تجدد القتال مؤخرا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى