العثور على رضيع بعد 24 ساعة.. ناجون يروون للجزيرة نت رعب سقوط عمارتهم السكنية بجبل اللويبدة بعمّان
عمّان – على أبواب الطوارئ في مستشفى “اللوزميلا” بمنطقة اللويبدة وسط عمان، تتفقد السبعينية أم عماد سيارات الإسعاف القادمة من العمارة المنهارة، تبحث عن ابنها وعائلته، المكونة من ثلاثة أطفال، فلم يصل منهم أحد للمستشفى. وكلما شاهدت رجل أمن أو مسعف تسأله عن إبنها وعائلته هل تم انقاذهم أم لا.
تقول أم عماد للجزيرة نت وهي وسط أقاربها الذين يحاولون التخفيف عنها “منذ سمعت بخبر انهيار العمارة التي يسكن بها ابني عماد وعائلته، انهارت معها قواي، فلم تعد أرجلي تحملني، وكأن العمارة سقطت على ظهري”.
وبين أقسام المستشفى تتجهز الثلاثينية ريم عيسى وولديها للخروج من المستشفى بعدما حصلت على العلاج اللازم، تتحدث بألم عن بيتها الذي فقدته بلمحة عين، وعن حالة الرعب التي عاشتها وصراخ أطفالها عندما انهارت العمارة وسقطوا من الطابق الرابع وهو الأخير.
سقوط وغبار وإغماء
تقول ريم متحدثة للجزيرة نت “كنت عائدة وأبنائي الثلاث من الدوام، وأجهز لهم طعام الغداء، وفجأ وكأن زلزال ضرب العمارة، وسمعت صراخ الأطفال لكني لم استطع الوصول لهم، وبسقوط العمارة أصبت بالإغماء ولم استفق إلّا بالمستشفى”.
تبكي ريم بيتها وأغراضها وملابس أطفالها وحاجيات عائلتها، “فأنا مغادرة لبيت أهلي بملابس المستشفى، دون أية أغراض أو ملابس للأطفال، وللأسف فقدنا كل شيء بسبب الانهيار”.
وبين الحشود المتجمهرة على بوابة المستشفى، يروي أحمد رمضان أحد سكان العمارة للجزيرة نت ما جرى له ولعائلته فيقول “كنت أقف على بوابة العمارة عصر أمس قبل انهيارها، ولما سقطت ركضت على الركام لإنقاذ أبنائي وزوجتي، لكن حجم الهدم كان كبيرا”.
وتابع “استطاع ابني الحفر وإزالة الأتربة عنه وسحب نفسه من بين الركام، ولمّا تمكنت من تخليصه، حاولت سحب زوجتي لكنني لم أتمكن، لأنها كانت عالقة تحت الردم، وبوصول قوات الإسعاف تم إخلاء عائلتي ومازالت بالمستشفى تتلقى العلاج من الكسور التي أصيب بها”.
صيانة وإزالة جدران
انهيار العمارة خلف 6 قتلى بينهم قتيل من جنسية عربية، و14 مصابا تم نقلهم للمستشفيات، منهم من تلقى العلاج وجرى إخراجه من المستشفيات، ومنهم من يرقد على أسرَة الشفاء، وما زالت عمليات إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين مستمرة. وأعلنت فرق الانقاذ العثور على طفل عمره أقل من عام وهو على قيد الحياة وتم عمل الاسعافات الأولية له قبل نقله للمستشفى.
أحمد رمضان، أحد الناجين من انهيار العمارة، يحمل مالك العمارة مسؤولية ما جرى، مؤكدا أن “العمارة المنهارة قديمة البناء، وخلال الأيام الماضية قام مالك البناء بعمل توسعة في الطابق السفلي، فأزال أعمدة وجدران، وخلال عمله تشققت الجدران والأرضية في الشقة التي أسكن بها، عند ذلك قمت بتبليغ المالك بخطورة ما يقوم به على العمارة والسكان، لكنه استمر بالعمل حتى سقطت العمارة على السكان والعمال الذين يشتغلون في الطابق الأرضي”.
وعلى مقربة من مكان الانهيار تتجمع عائلات الضحايا بين بكاء وعويل، ينتظرون على أحر من الجمر إخلاء ما تبقى من السكان أسفل العمارة، ويتوقع وجود من 10-15 شخص تحت الأنقاض، وفق مصادر رسمية.
توقيفات قضائية
قرر مدعي عام عمّان توقيف ثلاثة أشخاص على ذمة القضية، وهم أحد ورثة مالك البناء ومتعهد الصيانة وفني الصيانة. وأسندت إلى المتهمين تهم التسبب بالوفاة والإيذاء.
وعلى الأرض، يسابق رجال الإسعاف وقوات الأمن العام الزمن لإزالة الانقاض والبحث عن ناجين من تحت الردم، وقامت السلطات ليلة أمس بإخلاء العمارات السكنية المجاورة للبناية المنهارة مخافة انهيار أية مساكن قريبة.
وتستعين قوات الدفاع المدني والأمن العام بآليات ثقيلة ومعدات متطورة وكلاب بوليسية مدربة وطائرات مسيرة، في بحثها عن الناجين وإزالة الركام، ومما يصعّب عمل قوات الدفاع المدني ضيق المكان وانحداره وصعوبة دخول آليات متخصصة للبحث عن ناجين وإزالة الركام.
ويرجع رئيس شعبة الهندسة المدنية في نقابة المهندسين الأردنيين بشار الطراونة، أسباب الانهيار لـ”العمل بالعناصر الإنشائية القائم عليها البناء، بإزالة جدران أو هدم أعمدة حاملة للبناء”، خاصة وأن هذا البناء قديم منذ 50 عاما وأكثر، وللأسف يتم هذا العمل والتعديل دون موافقات رسمية، وبدون إشراف هندسي متخصص”.
وحول إخلاء المباني المجاورة والتخوف من انهيار مباني أخرى، يقول الطراونة للجزيرة نت إن عمليات الإخلاء تتم لـ”تسهيل عمليات البحث وإزالة الأنقاض والتعامل مع الحادث بحرفية”، مستبعدا انهيار عمارات مجاورة لأن “الأبنية المجاورة ليست متلاصقة ولا أتوقع انهيار أي منها”.
وكانت نقابة المهندسين الأردنيين وجهت كتابا لأمانة عمّان حذرت فيه من وجود “بؤر ساخنة تحتوي على مبان وعمارات متضررة وقديمة وآيلة للسقوط في مناطق من عمّان، وعدد من البلديات”. مقدمة خدمة مجتمعية بـ”السماح للجنة إدارة مخاطر الكوارث والأزمات بالكشف على تلك المباني بمساعدة من فرق مساحية وهندسية للكشف على تلك الأبنية ومعالجتها”.
بدوره يوضح عمر الفاعوري، مختار جبل اللويبدة، أن منطقة جبل اللويبدة من المناطق المعمورة القديمة في العاصمة عمّان، وتضم مباني عمرها 100 عام وأكثر، وتلك الأبنية القديمة القائمة منها ما هو متلاصق فيحمل بعضها البعض، ومنا القائمة على أسس ليست بالهندسية، وتفتقر للجسور والأعمدة والقواعد الخراسانية”.
ويضيف الفاعوري في حديثه للجزيرة نت أن عمليات الترميم التي يقوم بها أصحاب العمارات يفترض أن لا تمس القواعد والجدران القائم عليها العمارة، لأن أي إزالة أو تعديل على تلك العمارات سيؤدي لسقوطها كما جرى ليلة أمس.
وطالب الفاعوري أمانة عمان بـ”الكشف على العمارات السكنية القائمة في منطقة اللويبدة وتحديد مدى صلاحيتها للسكن”، وذلك لتفادي سقوط أي عمارات أخرى وفقدان أرواح، في ظل وجود عدد من الأبنية المتهالكة بالمنطقة.
تفاعل واسع
وعلى منصات التواصل دشن نشطاء وسم #اللويبدة مترحمين على المتوفين، ومنتقدين سلطات بلادهم.
وغردت الملكة رانيا العبدالله على تويتر قائلة “اللهم ارفع عن أهلنا في بناية اللويبدة المنكوبة الشدة والبلاء، اللهم ارحم من قضى منهم واربط على قلوب أمهاتهم وأهلهم وأغث لهفتهم على أبنائهم وأقربائهم. واللهم سدد خطى المنقذين والمسعفين وأعنهم في جهودهم”.
اللهم ارفع عن أهلنا في بناية اللويبدة المنكوبة الشدة والبلاء، اللهم إرحم من قضى منهم واربط على قلوب أمهاتهم وأهلهم وأغث لهفتهم على أبنائهم وأقربائهم. واللهم سدد خطى المنقذين والمسعفين وأعنهم في جهودهم.
— Rania Al Abdullah (@QueenRania) September 14, 2022
أما الناشطة على تويتر بريهان قمق فغردت على وسم #اللويبده قائلة “كتاب صادر عن نقابة المهندسين في العام الماضي موجه إلى أمانه عمّان يحذر من سقوط مبان بحدود أمانة عمان، مبدية النقابة عن استعدادها للمشاركة في عمليات المسح ولكن أمانه عمّان لم ترد على الكتاب !!!
ما حدث في #اللويبدة هل سيكون صرخة للترهل والشلفقة الحاصلة في مؤسساتنا ؟؟؟؟
كتاب صادر عن نقابة المهندسين في العام الماضي موجه الى امانه عمان يحذر من سقوط مبان بحدود امانة عمان، مبدية النقابة عن استعدادها للمشاركة في عمليات المسح ولكن امانه عمان لم ترد على الكتاب !!!
ما حدث في #اللويبدة هل سيكون صرخة للترهل والشلفقة الحاصلة في مؤسساتنا ؟؟؟؟ pic.twitter.com/j5IY2Jhii7— Parehan.K بريهان قمق (@parehan) September 14, 2022
وغرد الناشط على تويتر مدالله النوارسة قائلا “فيه ناس ما هي معنا في البلد، قال ليش يسكنوا بيوت قديمة، على أساس صحلهم فيلا بغرب عمّان ورفضوا، قال ليش الحضانة مش مرخصة، على أساس الترخيص مجاني من الحكومة، ولا تهتم الحكومة إلا بالسلامه العامة،
فيه ناس ماهي معنا في البلد
قال ليش يسكنوا بيوت قديمة
على اساس صحلهم فيلا بغرب عمان ورفضواقال ليش الحضانة مش مرخصة
على اساس الترخيص مجاني من الحكومة
ولا تهتمالحكومة الا بالسلامه العامة #اللويبده— مدالله النوارسة #الاردن (@madallh_skaren) September 13, 2022