اخبار العالم

تجمع كازاخستان لقادة الأديان يدعو لمواجهة «الكراهية»


دعا تجمع لقادة الأديان في كازاخستان إلى «مواجهة (الكراهية) و(التعصب)، وإنهاء الحروب والصراعات». في حين حث بابا الفاتيكان البابا فرنسيس الأول، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لنشر «ثقافة السلام». وقال بابا الفاتيكان إن «الرب يرشدنا دائماً على درب السلام؛ لكن ليس على درب الحرب».
وبينما قال وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، إن «المملكة تدعم الجهود العالمية في مكافحة التطرف… وتؤكد على قيم التعايش لضمان الاستقرار والسلام للعالم أجمع». أكد شيخ الأزهر على «الدور الريادي للسعودية في خدمة المسلمين بالعالم ونشر التسامح وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش السلمي».
وانطلقت (الأربعاء) بالعاصمة الكازاخية نور سلطان، أعمال «المؤتمر السابع لزعماء الأديان»، الذي يشارك فيه 100 وفد قادمين من 60 دولة، وافتتحه الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، تحت عنوان «دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء (كوفيد – 19)». ومؤتمر «قادة الأديان» يعقد كل ثلاث سنوات لدعم «مبادرات السلام والتسامح والحوار بين قادة وأتباع الأديان».
وأكد الرئيس توكاييف خلال كلمته في افتتاح المؤتمر أن «الأزمات التي يواجهها العالم في مختلف المجالات، سواء أزمات الطاقة أو الأزمات البيئية أو التغير المناخي، كانت لها تداعيات خطيرة على العلاقات الدولية»، مشدداً على «ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لتجاوز أزمة الثقة التي تعصف بالعالم، والعودة إلى القيم الإنسانية والأفكار السامية التي لطالما دافعت عنها الأديان، في حماية حقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين الناس».
ودعا البابا فرنسيس سكان الأرض من «أجل السلام»، معتبراً أن «الساعة قد حانت لترك الأحاديث التي طالت عدم الثقة بالدين، فالدين ليس المشكلة؛ بل على العكس من ذلك، الدين يعزز العيش المتناغم في المجتمع ويروي تعطشنا للسلام»، مشيراً إلى «أهمية القيم الدينية في خلق مجتمعات إنسانية قويمة، يسودها التعاون والمحبة والمساواة، وهي حاجة برزت مع ما نتج عن أزمة (كورونا) من عدم المساواة بين الشعوب وحتى المجتمع الواحد».
وتابع فرنسيس أن «الأزمات الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، في هذه الآونة، تختبر العديد من المؤسسات والديمقراطيات». واعتبر أن هذه الأزمات «تعرض الأمن والوئام بين الشعوب للخطر».
وتعد زيارة البابا فرنسيس إلى كازاخستان، هي ثالث زيارة يقوم بها إلى الخارج خلال العام الحالي بعد رحلتيه إلى مالطا وكندا. وقال فرنسيس وفق وكالة «الأنباء الألمانية» (الأربعاء) إن «أديان العالم كانت تجري حواراً منذ عقود، ورغم ذلك فإنها (لا تزال تعاني من ويلات الحرب، ومناخ العداء والمواجهة، وعدم القدرة على التراجع ومد يدها للآخر في الوقت الراهن)»، موضحاً أن «العالم يحتاج إلى تحقيق قفزة إلى الأمام، ويجب تأتي هذه القفزة منا».
وأكد فرنسيس أن «الرب لا يوجه الأديان نحو الحرب»، (فيما يبدو إشارة لانتقاد ضمني للبطريرك الروسي الأرثوذوكسي كيريل، الذي «يؤيد الغزو الروسي لأوكرانيا»، ولم يحضر مؤتمر «زعماء الأديان») بحسب «الوكالة الألمانية».
ويشار إلى أن وفداً من الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية بقيادة ثاني كبار مسؤوليها، المتروبوليتان أنتوني، شارك في مؤتمر «زعماء الأديان». والتقى المتروبوليتان أنتوني البابا فرنسيس (الأربعاء). وقال المتروبوليتان أنتوني للصحافيين وفق «الوكالة الألمانية» إن «اجتماعه مع البابا فرنسيس كان (ودياً للغاية)، وأن البابا أخبره بأنه يريد عقد اجتماع ثان مع البطريرك كيريل»، وكان الاجتماع الأول في كوبا عام 2016.
وكان كيريل قد «عبر عن (دعمه للغزو الروسي لأوكرانيا)»، وتسبب موقفه في خلاف مع الفاتيكان، وأدى إلى قطع بعض الكنائس الأرثوذوكسية المحلية علاقاتها مع الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية.
البابا فرنسيس أكد أن «الرب هو السلام، ويرشدنا دائماً على درب السلام؛ لكن ليس على درب الحرب أبداً». وأضاف: «دعونا نلزم أنفسنا أكثر بتأكيد ضرورة حل النزاعات ليس عبر سبل (القوة غير الحاسمة) بالسلاح والتهديدات؛ لكن بالوسائل الوحيدة التي تباركها السماء ويستحقها البشر (الحوار والمفاوضات الصبورة)».
وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، دعا شيخ الأزهر إلى «انعقاد لقاء خاص برموز الأديان يتدارسون فيه، بصراحة ووضوح، ما عليهم وما على غيرهم من قادة العالم والسياسيين وكبار الاقتصاديين، من واجبات ومسؤوليات، حيال الكوارث الأخلاقية والطبيعية التي باتت تهدد مستقبل البشرية بأكملها». وقال شيخ الأزهر إن «البشرية أصبحت تعاني من رعب وخوف بسبب التغير الفجائي في ظواهر الطبيعة والمناخ»، مشيراً إلى أن «ما حاق بالإنسانية في الآونة الأخيرة من ممارسات (سياسية استعلائية) هزت أركان الاقتصاد الدولي، وأصابت الدول الغنية والفقيرة، فضلاً عن ترويع الآمنين وقتلهم وتهجيرهم وإجلائهم عن ديارهم وأوطانهم».
وحذر شيخ الأزهر من «انتشار حملات (مدروسة وممولة) تدعو لهدم الأسرة». ونبه إلى أن «التقدم العلمي والفلسفي، والتطور التقني والاجتماعي لم يعد مؤهلاً ولا قادراً على وقف التدهور الخلقي والإنساني»، موضحاً أن «الخطر الداهم الآن، لا يأتي من اختلاف الأديان، بقدر ما يأتي من (الإلحاد) وما يتولد عنه من فلسفات (تقدس المادة) وتستهين بالأديان».
وشرح الطيب إلى أن تجربة وثيقة «الأخوة الإنسانية» (التي وقعها الأزهر والفاتيكان في أبوظبي) تشجعنا على ذلك، مشيراً إلى أنه «رغم اختلافه والبابا فرنسيس (ديناً وعرقاً وتاريخاً ووطناً، ورغم أن آراء (متشددة) هنا وهناك حاولت أن تعرقل وما زالت، – بل حرمت أحياناً – مجرد التقاء شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية، فإنهما حين اجتمعا، ومنذ اللقاء الأول، بنية صادقة، شعر كل منهما بأنه يعرف صاحبه منذ سنين عدة، ثم ما لبثت القلوب أن التقت على المودة المتبادلة وعلى الصداقة والإخلاص».
وشدد شيخ الأزهر على أن «السلام بين الشعوب، هو فرع عن السلام بين الأديان»، وأن (الأخوة الدينية) هي باعثة (الأخوة الإنسانية العالمية) وصانعتها»، لافتاً إلى أن «البداية الصحيحة هي بعث هذه الأخوة بين علماء الأديان ورجالها؛ بحسب أنهم أقدر الناس على تشخيص العلل والأمراض الخلقية والاجتماعية وكيفية علاج الأديان لها»، مبيناً أنه «حين يدعو إلى أولوية صنع السلام بين علماء الأديان ورموزها؛ فإنه لا يعني مطلقاً الدعوة إلى (إدماج الأديان في دين واحد)». ويتابع: «مثل هذا النداء لا يقول به (عاقل ولا يقبله مؤمن أياً كان دينه)»، وأن ما يقصده هو «الدعوة إلى العمل الجاد من أجل تعزيز المشترك الإنساني بين الأديان، وبعث قيم التعارف والاحترام المتبادل بين الناس».
في السياق، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة عبر تقنية الفيديو، على «دور الزعامات الدينية والروحية في تصويب مسار العلاقات الدولية، والحد من الصراعات والحروب ومسبباتها، إضافة إلى دورها بما تحمله من قيم ومبادئ أخلاقية وإنسانية، في الحد من تأثيرات الأزمات الصحية والبيئية والمناخية، على المجتمعات البشرية، من خلال التعاون ومحبة الآخر واحترام كرامته وحقوقه».
من جهته، أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، أن «دور القيادات الدينية في العالم يزداد أهمية وأثراً في حياة الناس في وقت الأزمات والشدائد والفتن، من خلال تعزيز الثقة بالله، وبناء جسور التواصل والتعارف بين جميع فئات المجتمع، سواء كان ذلك في نطاق المجتمع الواحد بين أبنائه المختلفين في العقائد والمذاهب، أو في نطاق المجتمعات المختلفة».
وقال آل الشيخ خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «زعماء الأديان» إن «أزمة (كورونا) وتداعياتها، التي لا تزال تهدد العالم اليوم، أظهرت أن المجتمعات البشرية في سفينة واحدة، وأن على أبنائها أن يتعاونوا فيما بينهم للمحافظة عليها، في ظل المشكلات والتهديدات العالمية العديدة التي تواجه المجتمعات»، مشدداً على أن «هذه المناسبة التاريخية تدعو للتفاؤل بالمستقبل الذي يحمل فرصاً للسلام، وبناء الجسور، وضرورة أن تبذل القيادات الدينية والروحية ما في وسعها؛ لتنمية الإنسان وبناء الأوطان».
وأشار الوزير آل الشيخ وفق موقع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية (الأربعاء) إلى أنه «ينبغي على القيادات الدينية والروحية، عدم استغلال الدين لتأجيج الصراعات وإحداث الفوضى في المجتمعات؛ بل الإسهام في إنهائها ومكافحة الطائفية والتعصب، وتعزيز قيم المواطنة الصالحة، والتصدي للأفكار المتطرفة والإرهابية، التي تؤثر على التعايش السلمي بين المجتمعات»، موضحاً أن «العالم اليوم يمر بتحولات لا تخفى على أحد، ومتغيرات لم تخلُ من تصاعد حدة الخطابات المتطرفة وتداعيات ما بعد جائحة (كورونا)، وصراعات جديدة ضاعفت من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مما يتطلب تعاطياً غير تقليدي وأكثر مرونة من ذي قبل، يرتكز على الشراكة في التعامل مع هذه التحديات العالمية التي لا ترتبط بدين أو عرق أو ثقافة أو مكان، وخصوصاً فيما يتعلق بمنصات التواصل الاجتماعي، وما يمثله ذلك من نقلة نوعية في انتشار (المحتويات المتطرفة) بصورة متسارعة، تستهدف بصورة رئيسية فئات الشباب، مما يجعل الحاجة مُلحة لتضافر الجهود، للوصول إلى عالم أكثر تضافراً واعتدالاً؛ يترك للأجيال المقبلة واقعاً أكثر أمناً واستقراراً».
وتناول الوزير السعودي خلال كلمته «جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة (الأفكار المتطرفة)، وتعاونها المثمر في دعم وبناء القدرات الدولية لمحاربة (ظاهرة التطرف) واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في نشر (الأفكار المتشددة)»، مؤكداً «أهمية تعزيز قيم التعايش بين الأديان والحضارات والشعوب بمكوناتها المختلفة التي تضمن حالة الاستقرار والسلام والوئام للعالم أجمع».
على هامش فعاليات المؤتمر. التقى الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، بالدكتور أحمد الطيب. وتناول اللقاء الذي حضره الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين محمد عبد السلام، بحث ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما ما يتصل بالتنسيق في المجالات الإسلامية ونشر الوسطية والاعتدال وتبادل الخبرات.
وأثنى شيخ الأزهر خلال اللقاء على «الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة وقيادتها الرشيدة في خدمة المسلمين بالعالم والعناية بالحرمين الشريفين ونشر التسامح وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش السلمي»، منوهاً بتميز مشاركة المملكة في مؤتمر (زعماء الأديان بكازاخستان) بقيادة الوزير آل الشيخ، والتي وصفها بأنها «الرؤية المستنيرة والرسالة السامية في نشر التسامح وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان»

اقرأ ايضاً
محادثات بين شويغو وغوتيريش حول محطة زابوريجيا النووية



منبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى