معركة التل الكبير وذكريات العدوان الثلاثي.. مراسم رحيل إليزابيث الثانية تثير غضب مصريين
القاهرة- أثارت مراسيم رحيل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية وتتويج نجلها تشارلز الثالث جدلا بين المصريين، بعد رفع راية تظهر اسم مصر ضمن البلاد التي هزمتها المملكة المتحدة عسكريا.
الراية التي حملها الحرس الملكي وتحمل اسم مصر ومعركة التل الكبير، أعادت إلى الأذهان ذكريات الاحتلال البريطاني للبلاد الذي امتد أكثر من 70 عاما، ومشاركة إنجلترا في العدوان الثلاثي عام 1956.
وحمّل مغردون الملكة الراحلة المسؤولية عن العدوان الثلاثي على مصر، الذي وقع خلال فترة حكمها، وتداول البعض على نطاق واسع سخرية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من البريطانيين وملكتهم، في حين عاد إلى الأذهان تاريخ ملكة بريطانية أخرى أهدت صورتها لمحمد علي باشا، ثم احتلت جيوشها مصر.
الاحتلال البغيض
بدأ الجدل عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، بعد استنكار العديد من المغردين قيام مصريين بنعي الملكة الراحلة وإظهار الحزن على وفاتها، مشيرين إلى ماضي بلادها الاحتلالي في مصر وغيرها من الدول.
وازداد الغضب عقب مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث السبت الماضي، حيث جاب حرس فرقة “كولد ستريم” الملكي شوارع العاصمة لندن حاملين راية ملكية حمراء تحمل أسماء أكثر من 40 معركة من أصل 117 معركة خاضتها الفرقة البريطانية الأقدم، وتستعيد التاريخ الاستعماري للإمبراطورية البريطانية.
وكان لافتا وجود اسم مصر في منتصف العلم، وعلى الجانب الأيسر ظهرت معركة التل الكبير التي وقعت بين القوات البريطانية والجيش المصري بقيادة أحمد عرابي عام 1882، وانتهت بهزيمة عرابي ومهدت لاحتلال بريطاني استمر أكثر من 7 عقود.
واستمر تواجد الاحتلال البريطاني في مصر حتى توقيع اتفاقية الجلاء عام 1954، وخرج آخر جندي بريطاني من البلاد في 18 يونيو/حزيران 1956.
ورأى المصريون أن الراية البريطانية تمجيد للاحتلال الذي قبعت مصر تحته 74 عاما، نهبت فيها خيرات البلاد وسقط الآلاف من أبنائها ضحايا لهذا الاحتلال.
احتــلال الإنجليز لـ #مصر وهزيمة أحمد عرابي في معركة التل الكبير عام 1882، حاضرين في علم مراسم تتويج ملك بريطانيا الجديد تشارلز الثالث.
دول محتلة تفتخر وهي الي الان لم تترك اي دولة تم احتلالها ، نحن محتلون مع اختلاف الاسماء والاشخاص والطرق ✋ #الملكة_إليزابيث pic.twitter.com/6vVuUcM9lv— pery Ahmed (@P_E_R_Y_A) September 11, 2022
العدوان الثلاثي
وأبدى مغردون دهشتهم من حزن البعض على الملكة الراحلة، التي قامت بلادها خلال فترة حكمها بالعدوان على مصر بالمشاركة مع فرنسا وإسرائيل عام 1956، في ما عرف بالعدوان الثلاثي.
وحمّل المغردون إليزابيث الثانية مسؤولية العدوان الوحشي وما خلفه من آلاف الضحايا من المصريين.
وانتشرت صور تظهر آثار الدمار الذي لحق بمدينة بورسعيد المصرية في منطقة القناة نتيجة العدوان الثلاثي، وتداول آخرون بعض بطولات المقاومة المصرية في مواجهة البريطانيين، ومن بينها عملية اختطاف الضابط البريطاني أنتوني مورهاوس ابن عمة الملكة إليزابيث عام 1956.
الضابط الأسير انطونى مورهاوس إبن عمة الملكة اليزابيث ملكة إنجلترا، والمجموعة التى نفذت خطة إختطافه
أثناء العدوان الثلاثى على مصر ٥٦ pic.twitter.com/XS4lGfV7sc— حسن الزعيم الزعيم (@lqAP2BXAHxjo1na) September 11, 2022
#فيديو من عام 1956#الملكة_إليزابيث_الثانية تشارك بالعدوان الثلاثى ضد #مصر
وتدمير المنطقة وسقوط الآلاف من الضحايا المصرييين
قامت #بريطانيا و #فرنسا و #اسرائيل بالهجوم ومحاولة السيطرة الكاملة على قناة السويس بعد تأميم مصر للقناة و دعمها للثورة في #الجزائر ضد فرنسا#لن_ننسى #Queen pic.twitter.com/ybNSuOdSxl— PIC | صـور من التـاريخ (@inpic0) September 9, 2022
بورسعيد مصر بعد العدوان الثلاثي ١٩٥٦ #اليزابث pic.twitter.com/RckL1rGTey
— Dr . Nisreen al aydarouss (ᏁᎬᏚᎡᎥᏁ)نزيريه نشات كرمل (@n_aydarouss) September 11, 2022
حتي لا ننسى
العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956 .#QueenElizabeth #الملكة_إليزابيث #بريطانيا pic.twitter.com/Ue631WR8oQ— 🪩Sŏhaila Haiba سهيلة هيبة (@sohila_haiba) September 9, 2022
من غير كلام كتير ..
عايز تحزن على اليزابيث الثانية يا حنين انت وهيا احزنوا لحد ماتموتوا من الحزن ..
انا كأميرة مش هحزن على واحدة فى أول عهدها بلدها شاركت في العدوان الثلاثي على مصر وبموافقتها ..
يا عينى واضح أن اليزابيث الثانية قطعت فيكوا اوى اكتر من شهداء بلدكم !!!— ãmîrãã👑🥀🦋 (@amira310310) September 9, 2022
“تملك ولا تحكم”
وبينما حاول البعض تبرئة الملكة من المسؤولية عن العدوان، إذ إن ملك بريطانيا “يملك ولا يحكم”، رد مغردون بنشر الصلاحيات التي تملكها الملكة البريطانية، ومن بينها سلطة إعلان الحرب على الدول الأخرى وصلاحية استخدام القوات المسلحة.
وتمتعت إليزابيث الثانية بصفتها ملكة بريطانيا بحزمة من الصلاحيات الملكية التي ينص عليها الدستور البريطاني غير المكتوب، ومن بينها صلاحية إعلان الحرب على دول أخرى.
وتعد الملكة القائد العام للقوات المسلحة البريطانية التي يتوجب على كل أفرادها أداء قسم الولاء للملكة بصفتهم “قوات صاحبة الجلالة”، وتتمتع الملكة بصلاحيات تعيين الضباط في القوات المسلحة وطردهم، فضلا عن تنظيم واستخدام هذه القوات.
سخرية عبد الناصر
وتداول مغردون مقطعا مصورا للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر يهاجم فيه بريطانيا، ويذكرهم بمشاركتهم الفاشلة في العدوان الثلاثي على مصر.
وقال عبد الناصر إن هيئة الإذاعة البريطانية سبته في تقاريرها، مشيرا إلى أن الصحف المصرية بدورها قادرة على سب ملكة بريطانيا ورئيس وزرائها.
وأشار عبد الناصر إلى أن أهالي بورسعيد دافعوا عن أرضهم ضد العدوان وأسقطوا رئيس وزراء بريطانيا.
وامتد تفاعل المصريين مع وفاة إليزابيث إلى إعلان الممثل محمد رمضان تأجيل طرح أغنيته الجديدة حدادا على الملكة البريطانية، وهو ما أثار دهشة وسخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في حين عده البعض محاولة دعائية ناجحة.
ولم تكن السخرية من نصيب رمضان وحده، إذ تداول مغردون مقاطع مصورة لمفتي مصر السابق علي جمعة يقول فيها إن الملكة إليزابيث من آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
#هنغرد_في_عشق_مصر
محمد رمضان زعلان على ملكة #بريطانيا فقرر بشكل جدى ودى يأجل أغنيته #دوشه حزناً على الملكة #إليزابيث .. أهى دى أكبر كارثة بتواجهنا اللى مايعرفش التاريخ وزايط فى الزيطه
حد يقوله تاريخ بلده يا جدعان ويفهمه إن : #بورسعيد بعد قصفها ليل ونهار من القوات البريطانية
2/1 pic.twitter.com/tLEm42gwY5— 🇪🇬 MILLAD 🇪🇬 (@Millad_El_SiSi) September 11, 2022
#محمد_رمضان رغم اختلافي معه كثيراً فيما يطرحه ويقدمه، إلا أنه فنان (ذكي) يعرف من أين تؤكل الكتف ويعرف جيداً كيف يتصدر التريند بما يصب في مصلحته ويحقق أهدافه. استغل الحدث وأعلن عن تأجيل الكليب الجديد 3 أيام حداداً على وفاة #إليزابيث_الثانية وهو في حد ذاته أكبر ترويج لأغنية #دوشة
— هانى سالم _ Hany Salem (@HSalim_Writer) September 12, 2022
هبد x هبد x هبد 😁
مفتي مصر السابق علي جمعة يؤكد أن ملكة بريطانيا من أحفاد النبي وجدها هاشمي؟؟؟؟؟🤔#إليزابيث_الثانية#الملكة_إليزابيث#الملكة_إليزابيث_الثانية pic.twitter.com/6S5g4ZGmCy— Junior (@Jun2or) September 10, 2022
هدية واحتلال
ومن المفارقات أن معركة التل الكبير التي تفخر بها بريطانيا وانتهت باحتلال مصر، تمت في عهد ملكة أخرى، وهي الملكة فيكتوريا (1819-1901) التي حكمت المملكة المتحدة منذ عام 1837 وحتى وفاتها في 22 يناير/كانون الثاني 1901.
وتذكر مصادر تاريخية أن الملكة فيكتوريا قبل احتلال جيوشها مصر بنحو 37 عاما أهدت حاكم مصر محمد علي باشا صورتها المرصعة بالألماس، تقديرا للعلاقات بين البلدين، خاصة بعد اتفاق حكومتي مصر وبريطانيا على نقل البريد الإنجليزي داخل مصر عبر الطريق البري من الإسكندرية إلى السويس.
وقدم القنصل الإنجليزي في مصر هدية الملكة فيكتوريا إلى محمد علي في صندوق مغطى بالمخمل الأخضر في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1845، وسط احتفال كبير أعده الباشا وحضره مئات من المصريين والأجانب بملابسهم الرسمية.
وتظهر مراسلات فيكتوريا إلى خالها ملك بلجيكا ليوبولد الأول وبعض وزرائها اهتمام الملكة البريطانية بالمسألة الشرقية والعلاقات بين مصر والدولة العثمانية في ذلك الوقت، وتدخلها في السياسة الخارجية لبلاده.
وتقول فيكتوريا في المراسلات، التي أورد بعضها محمد رفعت بك في مقال بمجلة الهلال المصرية في الأول من أغسطس/آب 1947، إنها كانت وراء مساعي وزير الخارجية البريطاني اللورد “بالمرستون” لحض السلطان العثماني على سحب فرمان عزل محمد علي ومنحه حكم مصر بالوراثة.
وتكشف المراسلات عن أن فيكتوريا علمت أن السفير الإنجليزي في القسطنطينية يحاول عرقلة الاتفاق بين محمد علي والسلطان، فأمرت بأن تعرض عليها الخطابات المتبادلة بين وزير خارجيتها والسفير لتقوم بمراجعتها والتوقيع عليها بالحرف الأول من اسمها بعد أن تؤشر عليها بالموافقة.