الاخبار العاجلةسياسة

رغم وصول المفاوضات إلى “طريق مسدود”.. ما سبب التفاؤل الإيراني بإحياء الاتفاق النووي؟

طهران– بعد جولات من التفاوض بين طهران وواشنطن عبر الوسيط الأوروبي، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، أن الرد الإيراني الأخير على المقترح الأوروبي “يجعل احتمالات التوصل إلى اتفاق على المدى القريب غير راجحة”، في حين أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وصول المسار الدبلوماسي إلى “طريق مسدود”.

وعلى عكس التشاؤم الغربي بشأن إمكانية إنقاذ الاتفاق النووي على المدى القريب، جاءت تعليقات الجانب الإيراني متفائلة حيال المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، مقترنة بالاستعداد للتعاون البناء من أجل إغلاق الملف الخلافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأسئلة عن آثار اليورانيوم في 3 مواقع غير معلنة.

وعلى وقع التقديرات بشأن تراجع الآمال في إنقاذ الاتفاق النووي، لا سيما عقب تأكيد الوكالة الدولية أنها غير قادرة على ضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني -في تصريح صحفي- إنه لا يوجد مانع أساسي في مسار إحياء الاتفاق النووي، واصفا القضايا المطروحة بشأن وجود آثار لليورانيوم في مواقع إيرانية غير معلنة بأنها “ملفات سياسية ملفقة”.

وإلى جانب التباين الإيراني الغربي بشأن مفاوضات فيينا النووية، تباينت آراء المراقبين في إيران إزاء المسار الدبلوماسي وقدرته على تذليل العقبات، في حين عزا بعضهم سبب تفاؤل طهران بإمكانية إحياء الاتفاق النووي إلى الأوراق التي تمتلكها الجمهورية الإسلامية.

استمرارية المفاوضات

من جانبها، ترى الباحثة في الشؤون الدولية، برستو بهرامي راد، في استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة المتفاقمة في أوروبا عاملا مساعدا للتوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاق النووي، مؤكدة أنه “رغم الإعلان الغربي بشأن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، فإنها لم تتوقف خلف الكواليس”.

وفي حديثها للجزيرة نت، تقرأ الباحثة مواقف الجانبين الإيراني والأميركي في سياق سياستهما لنزع أكبر قدر من الامتيازات من الطرف المقابل، مؤكدة أن “التلويح بتراجع الخيار الدبلوماسي، تزامنا مع إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها الأخير يأتي لتقويض الاقتصاد الإيراني وخلق ضغط شعبي على الحكومة الإيرانية”.

وكان ثلثا أعضاء مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (المؤلف من 35 دولة) أيّد -الأربعاء الماضي- بيانا غير ملزم، طرحته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، يطالب طهران بتقديم تفسير لسبب وجود آثار لليورانيوم في مواقعها غير المعلنة.

وتعزو بهرامي راد سبب إطالة أمد المفاوضات النووية إلى إصرار طهران على نهج المراسلة عبر وسيط، وعدم قبولها التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة لانسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي عام 2018 بشكل أحادي.

اقرأ ايضاً
الجنرال محسن الأحمر، يبيع نفط جنوب اليمن 40 عاماً للسعودية

وتؤكد أنها لا تتوقع حدوث اختراق كبير في مسار المفاوضات التي تعتمد على المراسلة، وسياسة الرد على الرد، موضحة أنه “كان الأجدر بالجانب الأوروبي حث الجانبين الإيراني والأميركي على التفاوض المباشر في الجولة التي عقدت بالدوحة، من دون حضور الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي”.

سيناريوهات محتملة

وترى بهرامي راد أن مستقبل المفاوضات النووية لن يخرج عن السيناريوهين الآتيين:

  • أولا: استئناف المفاوضات النووية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ حيث سيحضرها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على رأس وفد إيراني رفيع المستوى، مما يوفر فرصة للأطراف الأوروبية بالاتفاق النووي لتحريك المياه الراكدة وبحث القضايا العالقة معه عن قرب. ورغم أن التوصل إلى اتفاق في نيويورك سيكون ممكنا، فإنه مستبعد في المرحلة الراهنة.
  • ثانيا: استئناف المفاوضات النووية بعد الانتخابات النصفية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بوساطة أوروبية، والعمل على ردم الهوة بين الرؤيتين الإيرانية والأميركية.

انقلاب الضغوط

من ناحيته، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، محسن جليلوند، أنه لا سبيل أمام كل من إيران والولايات المتحدة سوى إحياء الاتفاق النووي، مستدركا أن “الشرخ الكبير في مواقف الجانبين يجعل من إحياء الاتفاق النووي حتى مارس/آذار المقبل مهمة عصيبة جدا”.

ويكشف جليلوند للجزيرة نت عن “طلب أميركي بضرورة تحويل فتوى المرشد الإيراني علي خامنئي عن حرمة صناعة القنبلة الذرية إلى قانون في البرلمان الإيراني، وهو ما ترفضه طهران جملة وتفصيلا، وذلك على غرار رفض واشنطن إعطاء ضمانات بعدم انسحاب الحكومة الأميركية المقبلة من الاتفاق النووي مجددا”.

ويرى الأكاديمي الإيراني في توقف الحرب الروسية على أوكرانيا عاملا مساعدا لإحياء الاتفاق النووي، في حين أكد أن “فوز الجمهوريين في الانتخابات الأميركية المقبلة سوف يعقّد إنقاذ الاتفاق”.

وعزا جليلوند سبب تفاؤل طهران بإمكانية إحياء الاتفاق النووي إلى الأوراق التي تمتلكها الجمهورية الإسلامية.

إذ يرى أستاذ العلاقات الدولية أن طهران ترى في تأجيل التوصل إلى اتفاق بشأن ملفها النووي فرصة لمواصلة تطوير برنامجها النووي، التي تعده عامل ضغط على الطرف الغربي.

ويؤكد انقلاب سياسة الضغوط القصوى التي كانت تمارسها واشنطن على طهران، مما يمكّن الأخيرة من التمسك بشروطها وعدم تقديمها تنازلات رغم الإعلان عن وصول المفاوضات لطريق مسدود.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى