مشاريع بأكثر من 9 مليارات دولار…السعودية تعزز موقعها العالمي في صناعة الحديد والصلب
تخطط السعودية إلى التوسع في صناعة الحديد والصلب باعتبارها من الصناعات الإستراتيجية والرئيسية، في ظل مساعٍ لرفع مستوى مساهمة القطاع التعديني في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ولجعل المملكة لاعبا رئيسا في إنتاج الصلب على مستوى العالم.
وبهذا الصدد قامت السعودية بتكثيف جهودها لتعزيز موقعها على خريطة الصناعة العالمية، من خلال إجراء محادثات مع مستثمرين محليين ودوليين لإطلاق 3 مشاريع في قطاع الحديد والصلب بقيمة 35 مليار ريال (9.3 مليارات دولار).
المشروعات الثلاثة كشف عنها وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر السعودي الدولي الثاني للحديد والصلب الذي عقد مؤخرا بالرياض، حيث أشار إلى أنه سيتم إنشاء مجمع متكامل لإنتاج صفائح الحديد تقدر طاقته الإنتاجية بـ 1.2 مليون طن سنويا، يستهدف بناء السفن وأنابيب ومنصات النفط وخزانات النفط الضخمة.
وتشمل المشاريع أيضا إنشاء مجمع متكامل لإنتاج مسطحات الحديد، تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 4 ملايين طن من الحديد المدرفل على الساخن، ومليون طن من الحديد المدرفل على البارد، إضافة إلى 200 ألف طن من صفائح الحديد المقصدر وغيرها.
تنويع مصادر الدخل
وبحسب الوزير السعودي، يستهدف المجمع خدمة قطاعات صناعة السيارات وتعليب الأغذية وصناعة الأجهزة المنزلية وأنابيب نقل المياه، إضافة إلى إنشاء مصنع لإنتاج كتل الحديد الدائرية، بطاقة إنتاجية تُقدر بمليون طن سنويا، حيث تعد المدخل الرئيس لصناعة الأنابيب الحديدية غير الملحومة المستخدمة بقطاع النفط والغاز.
وتعد صناعة الحديد والصلب بالسعودية من الصناعات الإستراتيجية التي تسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، لما تحققه من تنويع لمصادر الدخل وتطوير الصناعات التحويلية المرتبطة، وتعزيز المحتوى المحلي، خاصة في ظل احتواء المملكة على احتياطي من خام الحديد يقدر بنحو 780 مليون طن.
وتأتي خطط السعودية للتوسع في صناعة الحديد والصلب رغم احتلالها المركز العشرين عالميا من حيث الطاقة الإنتاجية للحديد والصلب، كما أنها حلت في المرتبة الرابعة بقائمة أكبر منتجي الصلب باستخدام عملية الاختزال المباشر الصديقة للبيئة.
كما يبلغ حجم سوق الصلب في السعودية حوالي 12 مليون طن، ويبلغ عدد مصانع إنتاج الصلب بالمملكة 41 مصنعا تبلغ طاقتها الإنتاجية 18 مليون طن، ويعمل بها 15 ألف موظف بشكل مباشر.
وفي إطار مساعي المملكة للتوسع في قطاع الحديد والصلب، شهد المؤتمر السعودي الدولي الثاني لصناعة الحديد اتفاقيات تجارية بقيمة 400 مليون ريال (نحو 107 ملايين دولار) بين شركات سعودية وأخرى أجنبية.
رئيس مؤتمر الحديد والصلب رائد العجاجي: الاتفاقيات الموقعة في المؤتمر تجاوزت 400 مليون ريال ونسعى للوصول إلى صفر كربون في صناعة الحديد#اتحاد_الغرف_السعودية #المؤتمر_السعودي_الدولي_للحديد #SIIS_KSA
— اتحاد الغرف التجارية السعودية (@CSC_SA) September 14, 2022
اتفاقيات ضخمة
وأكد رئيس المؤتمر رائد العجاجي أن المؤتمر في نسخته الثانية، والذي احتضنته الرياض خلال الفترة من 12- 14 سبتمبر/أيلول الجاري، حقق نجاحات فريدة ومشاركة نوعية قاربت ألف مشارك من صناع القرار ورواد صناعة الحديد والصلب محلياً وإقليمياً ودولياً، فضلاً عن توقيع اتفاقيات بقيمة 400 مليون ريال ووصوله لتوصيات علمية وعملية من شأنها دفع مستقبل هذه الصناعة وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والصناعية في الدول المتطورة والنامية.
ومن أبرز الاتفاقيات، توقيع 4 اتفاقيات تجارية بقيمة 200 مليون ريال بين الشركة الهندية إيسار وشركات سعودية هي سبائك وحراريات وسعودي دولومايت وروكوم، وذلك لتوريد الخدمات لمصنع الشركة الهندية الجديد في رأس الخير والمقرر تشغيله مطلع العام 2024.
ويقول المحلل والخبير الاقتصادي السعودي خالد الأنصاري إن المملكة تسعى إلى توسيع وتطوير قطاع الحديد والصلب، في ظل مساعيها لتقليل الاعتماد على النفط وزيادة الدخل من القطاعات الأخرى غير النفطية.
ويوضح الأنصاري، في تصريح للجزيرة نت، أن توسيع قطاع الحديد والصلب سيفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية على المملكة من خلال توقيع الاتفاقيات وعقد الشراكات مع الشركات العالمية ذات الخبرة في مجال التعدين، وبالتالي وجود مزيد من فرص العمل أمام المواطنين وهو ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني.
إنشاء مصنعين في #السعودية لإنتاج ألواح الصلب ومعادن بطاريات السيارات الكهربائية
– المصانع تحت التنفيذ
– 6 مليارات دولار مجموع الاستثمارات pic.twitter.com/nwvo3Nfzrx— مشاريع السعودية (@SaudiProject) May 6, 2022
آلاف فرص العمل
كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن امتلاك السعودية بنية تحتية متميزة، بالإضافة إلى توافر الكهرباء والغاز الطبيعي، سيعمل على تشجيع الشركات الدولية على الاستثمار بالمملكة للاستفادة من هذه الامتيازات فضلا عن الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به البلاد.
وتوقع الأنصاري أن يتضاعف حجم إنتاج المملكة من الحديد والصلب، خلال سنوات قليلة خاصة، في ظل المبادرات الحكومية التي تشتمل على إستراتيجيات طموحة للصناعة والتعدين من شأنها تحقيق تكامل سلاسل القيمة المتعلقة بالمعادن والتعدين.
كما نوه بقرار انضمام اللجنة الوطنية لصناعة الحديد باتحاد الغرف السعودية إلى عضوية الاتحاد العربي للحديد والصلب الذي يعد أكبر تجمع عربي لمنتجي الحديد، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه تعزيز مكانة السعودية وموقعها عربيا في مجال صناعة الحديد من خلال قدرتها على الوصول إلى قاعدة البيانات العربية المتعلقة بصناعة الحديد والتقارير والدراسات والإحصاءات ذات الصلة والتأثير على أداء واتجاهات صناعة الصلب العربية.
من جانبه يقول الأكاديمي والأستاذ بجامعة الفيصل السعودية الدكتور خالد باطرفي إن تنويع مصادر الدخل العام بعيدا عن النفط يعد من أهم أهداف رؤية السعودية 2030، وتحقق ذلك خلال 5 سنوات فقط، عندما بلغت مساهمة الصادرات البترولية من أكثر من 90% عام 2015 إلى أقل من 50% عام 2020.
ويوضح باطرفي، في تصريح للجزيرة نت، أنه رغم التوقع بتغير هذه المعادلة خلال العام الحالي، نتيجة صعود أسعار النفط لأسعار قياسية، فإن الزيادة المرتقبة لدخل المصادر الأخرى تضاعف أيضا نتيجة سياسات الاستثمار المباشر بالأسواق الدولية والمحلية، والتي أثمرت، خاصة خلال فترة جائحة كورونا، عن أرباح عالية، وزيادة إيرادات الضرائب والرسوم والصادرات الزراعية والصناعية والمعدنية، إضافة إلى الخدمات اللوجستية والسياحية والأنشطة التجارية.
كما يشير إلى أن من الأهداف هذه الإستراتيجية أن تصبح المملكة ممرا دوليا، بريا وبحريا وجويا ورقميا، ومنصة لوجستية وتجارية وخدماتية دولية، يساعدها في ذلك موقعها الإستراتيجي بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإطلالتها الطويلة على الخليج العربي والبحر الأحمر اللذين يشرفان على مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس.
واستكمالا لهذه الصورة، بحسب باطرفي، تعمل المملكة على إطلاق مبادرة متخصصة، لجذب سلاسل الإمداد العالمية التي تركز على تعزيز كفاءته وتعافيها، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاعات المنتجات والخدمات الموجهة للتصدير ومن بينها قطاع الحديد والصلب، حيث تم الإعلان مؤخرا عن تطوير عدد من الفرص الاستثمارية في هذا القطاع مع مستثمرين محليين ودوليين، تضمنت 3 مشاريع في خطة التطوير بقيمة يقارب 35 مليار ريال، وطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 6.2 ملايين طن.