170 ألفا ينطبق عليهم “قانون العودة”.. إسرائيل تستغل الحرب في أوكرانيا لاستقدام يهود روسيا
القدس المحتلة – تسابق إسرائيل الزمن لاستقدام يهود أوروبا وروسيا إلى فلسطين التاريخية، حيث وظفت الحرب بأوكرانيا من أجل تنشيط حركة الهجرة، في وقت وظفت إعلان الرئيس فلاديمير بوتين التعبة الجزئية في الجيش الروسي؛ بهدف تعجيل استقدام اليهود من موسكو إلى تل أبيب.
وبسبب أزمة الوكالة اليهودية في موسكو وملاحقتها قضائيا من قبل وزارة القضاء الروسية بعد اتهامها بانتهاك قوانين الخصوصية، تتعمد إسرائيل التكتم على عدد اليهود في روسيا أو عدد اليهود الذين غادروا موسكو منذ بدء الحرب بأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، في حين تشير تقديرات المفوضية الأوروبية إلى أن نصف مليون روسي غادروا بلادهم منذ غزو أوكرانيا.
وعلى الرغم من ذلك، أفصحت إسرائيل رسميا، أنه منذ بداية الحرب في أوكرانيا، تم استقدام 25 ألف يهودي روسي إلى إسرائيل، كما يتوقع استقدام ما لا يقل عن 5 آلاف يهودي من موسكو في الأشهر الثلاثة المقبلة، وفقا لإحصاءات رسمية صادرة عن وزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية.
تعبئة وحشد
مع إعلان الرئيس بوتين، قبل أيام، عن تجنيد جزئي لقوات الاحتياط وحشد مئات الآلاف من الجنود للحرب في أوكرانيا، شرعت الحكومة الإسرائيلية بتحضيرات لموجة هجرة جماعية لليهود من روسيا، بزعم “الخطر المحدق على حياة اليهود في روسيا” ورغبتهم بالهروب من التجنيد في الجيش الروسي.
وأفادت صحيفة “هآرتس”، أنه منذ إعلان التعبئة في الجيش الروسي سجلت طلبات القدوم من روسيا إلى إسرائيل ارتفعا بحوالي 30%، وذلك عدا عن الطلبات المصادق عليها والمقدر عددها بـ40 ألفا، بينما يوجد في أوكرانيا 200 ألف يهودي يستوفون شروط “قانون العودة”، ونحو 30 ألفا تم استقدام لإسرائيل منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا.
ووفقا للصحيفة، فإنه منذ بداية العام الماضي وحتى سبتمبر/أيلول 2022، تم استقدام حوالي 60 ألف يهودي مهاجر إلى إسرائيل، معظمهم من روسيا، وهو رقم قياسي خلال العقدين الماضيين.
لكن مع موجة الهجرة المتوقعة، وفقا للتقديرات الإسرائيلية “ستكون هناك صعوبات في مغادرة الأراضي الروسية، حيث تم منع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاما من الخروج والسفر خارج البلاد”.
كما أن أسعار الرحلات الجوية من روسيا إلى إسرائيل ارتفعت بشكل حاد، حيث بلغ سعر تذكرة الطيران للعائلة 13 ألف دولار، علما أن رحلتان تنطلقان يوميا من موسكو إلى تل أبيب، وتعذر إضافة المزيد من الرحلات الجوية.
هجرة واستيعاب
وفي سياق التحضيرات لاستقدام موجة هجرة جماعية لليهود من روسيا، تجرى مباحثات مكثفة بين الوزارات الحكومية الإسرائيلية ذات الصلة، ومنها وزارة الهجرة والاستيعاب، ووزارة المالية، ووزارة الخارجية، والوكالة اليهودية والمنظمات المسؤولة عن الاستيعاب وهجرة اليهود، حيث من المتوقع حدوث موجة هجرة ضخمة ليهود روسيا إلى إسرائيل.
وأعطى رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية، يائير لبيد، تعليماته لمختلف الوزارات لرصد وتخصيص الميزانيات من أجل استيعاب موجة الهجرة لليهود من روسيا وأوكرانيا، كما تحدث لبيد مع دينا بن تال الرئيس التنفيذي لشركة “إل عال”، بهدف التنسيق مع الشركة من أجل تنفيذ رحلات مكثفة لنقل المهاجرين الجدد من اليهود من روسيا على وجه الخصوص.
روسيا والوكالة اليهودية
وفي موقف يتناغم مع المؤسسة الإسرائيلية، قال الحاخام الأكبر في العاصمة الروسية موسكو، بينشاس غولدشميت، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “كان” إن “الوضع في روسيا بعد إعلان الرئيس بوتين تعبئة لقوات احتياط الجيش الروس يزداد سوءا، وعليه، أوصي كل من يمكنه الخروج مغادرة الأراضي الروسية”.
ووفقا للحاخام غولدشميت، فإن الحياة في موسكو كانت طبيعية حتى أعلن بوتين التجنيد والتعبئة التي تشمل 300 ألف جندي احتياطي ومن ضمنهم يهود يحملون الجنسية الروسية، وعليه هناك حالة من الذعر الشديد بصفوف الذكور وخاصة الشبان، الذين سيحظر عليهم مغادرة الأراضي الروسية.
وأوضح أن هناك 40 ألف يهودي ممن يسمح لهم قانون العودة بالهجرة لإسرائيل، وينتظرون بالطوابير قبالة سفارة تل أبيب في موسكو، مشيرا إلى أن عدد اليهود في روسيا ممن تنطبق عليهم شروط “قانون العودة”، يقدر بنحو 170 ألفا.
وأبدى الحاخام مخاوفه من مغبة أن تعرقل السلطات الروسية هجرتهم إلى إسرائيل بسبب أزمة نشاط الوكالة اليهودية في روسيا، بسبب اتهامها بانتهاك قوانين الخصوصية، وفق الدعوى القضائية التي قدمتها وزارة العدل الروسية ضد الوكالة اليهودية.
مناقشات وانتقادات
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن عشرات الآلاف من المواطنين اليهود والإسرائيليين موجودون في موسكو ويريدون العودة إلى تل أبيب، علما أن “إل عال”، هي واحدة من شركات الطيران العالمية القليلة التي واصلت تسيير رحلات جوية إلى روسيا خلال الحرب في أوكرانيا.
وعلى خلفية استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أثيرت مؤخرا مناقشات ووجهت انتقادات حادة لنهج عدة وزارات حكومية بإسرائيل تجاه استقبال وتوطين مهاجرين جدد من كلا البلدين. وقالت وزيرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية بنينا تامانو شطا “إذا لم تحل مشكلة الميزانيات والبيروقراطية في وقت قصير، سيكون لدينا مهاجرون بلا مساكن، هل تريدون أن نفتح لهم الخيام؟”.
ذات الموقف عبّر عنه وزير الشتات نحمان شاي، قائلا “إذا لم نُحضر إلى إسرائيل في أسرع وقت ممكن كل من ينتظرون في روسيا وأوكرانيا، فسنفتقدهم. وسيفضلون الذهاب لدول أخرى، يجب علينا أن لا ننسى أن هناك ظروفا جيدة تنتظرهم بالدول الأوروبية التي يهربون إليها”.
صعوبات وعراقيل
وسعيا لاستقدام أكبر عدد من يهود روسيا وتحت ذريعة وجود مجموعات كبيرة من الإسرائيليين في موسكو، تتطلع شركة الطيران الإسرائيلية “إل عال” إضافة المزيد من الرحلات الجوية إلى موسكو.
ومع ذلك، تشير تقديرات القناة 12 الإسرائيلية إلى أنه ستكون هناك صعوبات لليهود والذكور والشبان على وجه الخصوص في مغادرة روسيا، إذ يجد الرجال صعوبة في التحايل على الحظر المفروض على مغادرة الأراضي الروسية البلاد.
وعزت أوساط في المؤسسة الإسرائيلية الصعوبات والعراقيل في استقدام جماعي ليهود روسيا، إلى تفاقم الأزمة بين الكرملين وتل أبيب بسبب ملف الوكالة اليهودية.
وفي محاولة لتذليل العقبات وتسيير استقدام يهود روسيا، اقترحت إسرائيل تسوية الملف خارج أروقة المحاكم والمسار القضائي الذي تحركه وزارة القضاء الروسية، ومن شأنه أن ينتهي بحل الوكالة اليهودية في روسيا، بسبب اتهامها بانتهاكات لقوانين الخصوصية، وهو ما تسعى الحكومة الإسرائيلية لمنعه.