الاخبار العاجلةسياسة

مرحلة “اختبار النوايا” بدأت.. هل وُضع قطار التقارب بين أنقرة ودمشق على السكة؟

إسطنبول- ما بين أنباء تبدأ بتسريبات صحفية ينفى بعضها وينتهي ببعضها المطاف في خانة الإثبات عبر بيانات رسمية، يأخذ مسار التقارب بين الحكومة التركية والنظام السوري بالتبلور، لكن المحطة الأكثر إثارة بدأت عندما تحدثت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إيرنا عن إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان في قمة شنغهاي بمدينة سمرقند برعاية روسية ونفي ذلك من قبل الجانب التركي.

ولكن خلال انعقاد القمة، نشرت صحيفة “حرييت” التركية تصريحات لأردوغان تفيد باستعداده للقاء الأسد إذا جاء إلى سمرقند، لكنه ألقى باللوم عليه وعلى خياراته السياسية والعسكرية التي تمنعه من حضور هذه القمة.

ترافق ذلك مع تقارير، في الصحافة التركية وآخر لرويترز، تتحدث عن تقدم في المباحثات الأمنية بين الجانبين واحتمال عقد لقاء على مستوى وزاري، وهو ما شجع عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مبديا استعداد موسكو لدعم مثل هذا اللقاء إذا لزم الأمر.

المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن
إبراهيم كالن نفى وجود خطة لتطبيع العلاقات مع النظام فيما رجح باحثون أن المباحثات بهذه المرحلة استكشافية (الأناضول)

شروط التطبيع

خرج الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن السبت الماضي لينفي وجود أي خطة لتطبيع العلاقات بين الجانبين، معيدا المسار إلى النقطة التي بدأ منها وهو الالتزام بمسار أستانا للحل في سوريا، بينما نفى وزير خارجية النظام فيصل المقداد عقد مفاوضات بين الطرفين لتطبيع العلاقات بينهما، لكنه اعتبر مسار أستانا “الإطار الوحيد القابل للتطبيق لحل الأزمة السورية”.

ويوحي نفي الجانبين بوجود خطة أو مفاوضات لتطبيع العلاقات بينهما بعدم تبلور اتفاق بعد على طبيعة الخطوات التي يطالب كل منهما الآخر بالإقدام عليها كشرط للتطبيع بحسب باحثين.

إذ يرى الباحث المتخصص بالشأن السوري في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي، أنه لا بد من التمييز بين مسار المباحثات وبين خيار إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبين.

ويضيف، للجزيرة نت، أن الحديث عن لقاء بين أردوغان والأسد يعني أن كلا الطرفين تجاوز جميع المشاكل لدرجة الاستعداد للانتقال نحو إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية والسياسية، لكنه اعتبر أن ذلك “يبدو عسيرا جدا في ظل المعطيات القائمة”.

ورأى عاصي أن المباحثات في هذه المرحلة يمكن وصفها بـ”الاستكشافية أو اختبار النوايا”، وهو ما ينسجم مع إجراءات بدأ كل من الطرفين باتخاذها تحت هذا البند، رغم إصرارهما على عدم وجود خطط للتطبيع حتى الآن.

 

إجراءات لتسهيل عودة السوريين

وبدأ النظام السوري يبدي مرونة أكبر في التعاطي مع مسألة عودة اللاجئين السوريين المقيمين منهم في تركيا على وجه الخصوص.

وبعد أشهر من تسهيل إجراء معاملات تجديد جوازات السفر للسوريين “المغتربين”، سواء عبر البوابات الإلكترونية أو عن طريق البعثات الدبلوماسية، أعلنت قنصلية النظام السوري في إسطنبول فتح باب “تسوية وضع السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم”، بجانب تسوية وضع المتخلفين عن “خدمة العلم” بالحصول على إذن بالدخول لمدة 180 يوما يستطيع من خلالها اتخاذ الإجراءات المطلوبة لكف البحث عنه.

ورغم أن مفهوم تسوية الوضع ليس جديدا على أدبيات النظام السوري، فإن العمل به كان مقتصرا على الداخل، إضافة إلى أنه لم يشكل ضمانة للبعض من الاعتقال والتعذيب وحتى الموت تحت أيدي السجانين، وإن كان قد استفاد منه البعض الآخر.

وتتطلب “تسوية الوضع”، بحسب إعلان ملصق على القنصلية في إسطنبول ونشر في موقعها الرسمي، مجموعة أوراق، تتضمن إثبات قرابة مقدم الطلب مع المواطن المراد تسوية وضعه، وسيرته الذاتية، وتاريخ مغادرته سوريا والمعبر الذي غادر منه، وعنوان إقامته في الخارج، وأخيرا “دوره في الأحداث التي جرت في القطر”.

3 54
تركيا تطمح إلى تشجيع عودة طوعية لنحو مليون لاجئ سوري بعد إنشاء العديد من منازل الطوب في شمال سوريا (الجزيرة)

وأفاد أشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم تتأكد الجزيرة نت من صحة إفاداتهم، بأنهم تقدموا بطلب لتسوية وضع وفق متطلبات القنصلية السورية في إسطنبول، وعادوا إلى البلاد بعد حصولهم على الموافقة، دون أن يتعرض لهم أحد حتى الآن.

وأفاد آخرون بأنهم تمكنوا من خلال هذا الإجراء من إزالة الحجز المفروض على ممتلكاتهم بتهم مختلفة تتعلق بـ”الإرهاب”.

وتتقاطع هذه الأنباء مع ما ذكرته صحف تركية نقلًا عن مصادر أمنية قولها إن المحادثات مع الجانب السوري وصلت إلى مرحلة رسم خريطة طريق لفسح المجال أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وقال موقع خبر 7 التركي، إن الوفد التركي أثار قضية الحجز على ممتلكات الغائبين وفق القانون رقم 10 وقوانين أخرى صدرت في أوقات مختلفة لا تشجع السوريين على العودة.

روسيا تريد التفرغ لأوكرانيا

يرجح الباحث السياسي الخبير في الشأن الروسي نصر اليوسف أن يكون الروس قد “أوعزوا للأسد” القبول بأمور يمكن أن تساعد أردوغان على الفوز في الانتخابات القادمة، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين والحدود السورية التركية.

ويشير اليوسف أيضا، في حديث للجزيرة نت، إلى أن موسكو ربما ضغطت على النظام لـ”وضع قطار عودة اللاجئين على السكة، ولو كان بضع مئات من الآلاف ليفهم الناخب التركي أن هذا القطار يمكن أن يصل إلى نهايته إذا فاز أردوغان بالانتخابات”.

وحول أسباب تحريك روسيا لمسار التقارب بين دمشق وأنقرة، يعتقد الباحث المقيم في موسكو، أن “تركيا تلعب دورا هاما وتستحوذ على حيز مهم من التفكير الروسي لأنها شريكة قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية”.

ويرى أن روسيا تعول على دعم تركيا لها في سوريا كي تتفرغ للملف الأهم الحيوي بالنسبة لها وهو قضية أوكرانيا. ويضيف “تريد روسيا من تركيا أن تحل محلها ولو بشكل جزئي في القضية السورية، خاصة أن أنقرة شريك لموسكو في منصة أستانا والرؤى الروسية التركية أقرب إلى بعضها من الرؤية الإيرانية الشريك الثالث في مسار أستانا”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى