الاخبار العاجلةسياسة

معضلة واشنطن.. إدانة “قمع” الاحتجاجات على مقتل”أميني” والاستمرار بمفاوضات النووي

واشنطن- تواجه إدارة الرئيس جو بايدن معضلة كبيرة مع دعمها الواسع لأكبر مظاهرات تشهدها إيران منذ عام 2019، احتجاجا على مقتل الشابة مهسا أميني بأحد مراكز الاحتجاز التابعة لشرطة الأخلاق بسبب عدم التزامها بمعايير الحجاب، وبين رغبتها في استمرار التفاوض سعيا للتوصل لاتفاق لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

ووجهت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، وهي إحدى المنظمات الرافضة لأي اتفاق مع إيران، سؤالا بصيغة التحدي لإدارة الرئيس بايدن في صورة تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أمس الاثنين وقالت فيه: “تواجه إدارة بايدن سؤالا بسيطا: هل لديها الإرادة السياسية للعمل بطريقة مستدامة ضد انتهاكات إيران لحقوق الإنسان وقمع الاحتجاجات؟ أم أن سلسلة المواقف الأخيرة ستكون لمرة واحدة مثل الحالات السابقة”؟

وغرد جوناثان شاننزير، نائب رئيس وحدة الأبحاث بالمؤسسة يقول “تخيل ما يمكن أن يحدث إذا سقط النظام في إيران، 86 مليون إيراني سيعيشون دون خوف، سيتم تحرير 38 مليون عراقي من التلاعب الإيراني، و5 ملايين لبناني سيتحررون من النفوذ الإيراني الخبيث، وسيصبح حزب الله وتنظيم حماس والمليشيات الشيعية دون راع لإرهابهم”.

ثم أضاف معتذرا أنه نسى “33 مليون يمني و19 مليون سوري يعانون من عنف النظام الإيراني، أضف هذا إلى الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين ونحن نتحدث عن حوالي 200 مليون شخص في المنطقة يهتفون بسقوط النظام الإيراني المدمر”.

الجمع بين إدانة القمع واستمرار التفاوض

وعلى النقيض، وفي حديث مع الجزيرة نت، ذكر السفير ديفيد ماك نائب وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، أنه “يمكن للولايات المتحدة مواصلة المفاوضات النووية الإيرانية مع إدانة قمع النساء الإيرانيات، فالاتفاق النووي يعني أن كليهما فائزان، وحتى إيران ستحقق مكاسب رغم ارتفاع الغضب والرفض الشعبي لقواعد اللباس الصارمة للغاية للنساء”.

وخلال المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الخارجية الأميركية، كرر نيد برايس المتحدث الرسمي أمس الاثنين إدانة بلاده لما وصفه بالعنف والوحشية التي تمارسها قوات الأمن الإيرانية. مضيفا أن “القمع العنيف المستمر للاحتجاجات السلمية التي أعقبت وفاة مهسا أميني أمر مروع، ونحن ندرك أن هذه القوات قتلت عشرات المتظاهرين”.

وفي الوقت الذي تدين فيه واشنطن سلوك الحكومة الإيرانية، تعمل إدارة بايدن في الوقت ذاته على “القيام بما في وسعها لتمكين الشعب الإيراني من ممارسة تلك الحقوق العالمية. ولدينا ولدى كل دول العالم مصلحة في التأكد من أن أفراد الشعب الإيراني يمكن أن يتواصلوا بحرية مع بعضهم البعض، ويمكن أن يتواصلوا بحرية مع بقية العالم. ولدينا جميعا مصلحة في معرفة ما يجري داخل إيران، وما يفعله الشعب الإيراني الشجاع سلميا ردا على الوفاة المأساوية لمهسا أميني” طبقا لما ذكره برايس.

غير أن برايس عاد وقال إنه عندما يتعلق الأمر بالمسار النووي، “ما زلنا نعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل خيار لضمان ألا تمتلك إيران أبدا سلاحا نوويا. وسنواصل طريق العودة المتبادلة المحتملة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) طالما أنها تصب في مصلحتنا الوطنية”.

بايدن لا يفعل ما يكفي

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار ديفيد بولوك المسؤول السابق بوزارة الخارجية والخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إلى “تأكيد مستشار الأمن القومي جيك سوليفان على إمكانية الجمع بين إدانة إيران بسبب قمع الاحتجاجات، والسير في طريق التفاوض. لكن سوليفان لم يقدم سوى الدعم اللفظي للاحتجاجات الإيرانية. قد تخفف الولايات المتحدة أيضا بعض القيود المفروضة على مبيعات تكنولوجيا الإنترنت لمساعدة المواطنين الإيرانيين على التواصل، لكن لا أعتقد أن هذا النوع من الدعم الضئيل جدا سيساعد الاحتجاجات على النجاح”.

من جانبها، اعتبرت الخبيرة بالشؤون الإيرانية ومديرة “مبادرة مستقبل إيران” بالمجلس الأطلسي باربرا سلافين، أن من شأن التوصل إلى اتفاق نووي أن يرفع العقوبات المتعلقة بالمجال النووي فقط، وليس تلك التي تستهدف منتهكي حقوق الإنسان. ومن شأن تخفيف العقوبات أن يفيد المواطنين الإيرانيين العاديين”.

وفي حديث للجزيرة نت أشارت سلافين إلى أنه “آخر شيء نريده الآن هو أن تمتلك حكومة كهذه أسلحة نووية أيضا. ولقد قالت إدارة بايدن إنها لا تزال مهتمة بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي الوقت نفسه، فرضت عقوبات على (شرطة الأخلاق) التي قتلت مهسا أميني، وأصدرت ترخيصا عاما لتسهيل حصول الإيرانيين على التكنولوجيا للتواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي”.

الاتفاق في مصلحة طهران وواشنطن معا

ويرى البروفيسور وخبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، وهو محاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أن استمرار مسار التفاوض يخدم الطرفين، الأميركي والإيراني، رغم استمرار المظاهرات ومحاولة الحكومة الإيرانية إخمادها بالقوة.

وفي حديث للجزيرة نت، قال البروفيسور بهجت إنه “يمكن للولايات المتحدة وإيران التفاوض على الاتفاق النووي، وهما بالفعل يتواصلان بشأن التفاوض. السياسة الداخلية في إيران، بشكل أو بآخر، منفصلة عن المفاوضات النووية. الجانبان ليسا حليفين، فكلاهما يرى أن التوصل إلى صفقة جيدة من شأنه أن يخدم مصالحهما القومية، ويساعد على ذلك أن كلا الطرفين يُعرفان الصفقة الجيدة بشكل مختلف تماما”.

أما الباحثة في المجلس الوطني الإيراني الأميركي آسال راد، فقد رأت أن “تصريح مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في الأيام الأخيرة بأن المفاوضات حول برنامج إيران النووي لن تمنع الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال من اتخاذ خطوات للرد على السلطات الإيرانية، في الوقت الذي تقمع فيه الاحتجاجات في أعقاب مقتل مهسا أميني، ويشبه ذلك بتواصل الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفياتي حتى في ذروة الحرب الباردة من أجل التفاوض على اتفاقيات الحد من التسلح”.

من جانبه، يعتقد الخبير في المجلس الأطلسي والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج سينا أزودي، أنه “يمكن أن يكون هناك ضغط من النشطاء وأنصار حقوق الإنسان داخل وخارج الكونغرس، لكن على الإدارة الأميركية واجب مواصلة المفاوضات، رغم أنني أعتقد أنه بالنظر إلى الاضطرابات، سيكون الإيرانيون مشتتين وغير راغبين في الانخراط في المحادثات لتجنب الظهور بمظهر الطرف الأضعف”.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى