الاخبار العاجلةسياسة

التسريب في خطيْ نورد ستريم ببحر البلطيق.. لماذا اتسمت التصريحات الرسمية بالعموميات؟ وما فرضيات الخبراء الروس؟

موسكو- بينما ما زالت العمومية تطغى على التصريحات الرسمية للدول المعنية بشكل مباشر بحادثة تسرب الغاز من خطوط أنابيب “السيل الشمالي-1″ و”السيل الشمالي-2” في بحر البلطيق، لا يتردد المراقبون والخبراء الروس في توجيه الاتهامات إلى الولايات المتحدة بالوقوف وراء الحادث.

وحده رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي كان أكثر وضوحًا، ورجح وقوف روسيا وراء الحادث واصفًا إياه بالعمل التخريبي، وبأنه قد يكون إشارة من موسكو التي لم يتضح بعد كيف سيكون رد فعلها على التطور الأخير، لكنها ما زالت تنتظر تعليق الاتحاد الأوروبي على تصريحات وزير الخارجية البولندي السابق رادوسلاف سيكورسكي الذي نشر صورة من موقع حادثة تسرب الغاز مرفقة بعبارة “شكرا للولايات المتحدة”.

تدمير غير مسبوق

أما شركة غازبروم، وفي الوقت الذي أعلنت فيه عن “أضرار غير مسبوقة” وتدمير ليس له مثيل لـ 3 سلاسل من خطوط أنابيب غاز بالاتحاد الأوروبي في وقت واحد، أوضحت أنه “لا يزال من المستحيل تقدير الوقت اللازم لاستعادة البنية التحتية لنقل الغاز”.

في كل الأحوال، فإن الحادث الذي وقع في نورد ستريم قد يتسبب في مزيد من عدم اليقين في سوق الغاز ويرفع الأسعار مرة أخرى، مما سيؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا.

فتش عن المستفيد

سياسيًا، تنطلق مقاربة الخبراء الروس للحادثة من سلوك الإدارة الأميركية تجاه المشروع، الذي طالما خضع لتجاذبات بين موسكو وواشنطن وغيرها من العواصم الغربية، ووضعت -حسب رأيهم- مسألة تشغيله تحت رحمة العقوبات ضد موسكو، ابتداء من قضية اعتقال المعارض الروسي ألكسي نافالني، وصولًا إلى اندلاع الحرب في أوكرانيا.

من هنا يعتبر الباحث بمعهد بلدان رابطة الدول المستقلة والخبير الاقتصادي ألكسندر دودتشاك أن ما وصفه بـ “العمل التخريبي” يصب في مصلحة الولايات المتحدة التي “قامت بكل ما هو ممكن لمنع تشغيل أنابيب الغاز الروسية إلى أوروبا”.

وفي حديث للجزيرة نت، يعيد دودتشاك إلى الأذهان تهديد الرئيس الأميركي جو بايدن علانية بأنه يريد “إنهاء” هذا المشروع، متابًعًا أن المستشار الألماني أولاف شولتز نفسه لم يجرؤ لفترة طويلة على إدراج نورد ستريم-2 في قائمة العقوبات المحتملة ضد روسيا، ولفترة طويلة تهرب من حسم أو حل هذه الإشكالية.

شبهات

ويتابع دودتشاك أنه من غير الممكن تخيل سيناريو آخر غير التخريب المتعمد، وأن كل المعطيات ترفض فرضية الصدفة، لا سيما عند الأخذ بعين الاعتبار أن روسيا رصدت في الثاني من سبتمبر/أيلول الجاري تحليق مروحيات عسكرية أميركية في نفس المنطقة التي شهدت الحادث الأخير.

اقرأ ايضاً
وزير الخارجية الفرنسي...انفجار رالي دكار ربما كان هجوما إرهابيا

ويوضح أن واشنطن قامت كذلك بإجبار الأوروبيين على رفض مشروع مربح للبلدان الأوربية. والآن، على ضوء الاحتجاجات في ألمانيا وبلدان أخرى، ومع مطالب الناس العاديين ورجال الأعمال هناك بتفعيل المشروع، لم يبق لدى الولايات المتحدة سوى تعطيل الأنابيب.

ويلفت دودتشاك إلى أن القارة الأوروبية بدأت تواجه مشاكل جدية، كالارتفاع الجنوني للأسعار، وتوقف عدد كبير من الشركات والمؤسسات عن العمل، وما انتقال شركات أوروبية كبيرة للعمل في الولايات المتحدة إلا مؤشر واضح على فقدانها قدرة المنافسة أمام الشركات الأميركية.

عصفوران بحجر واحد

وحسب رأي دودتشاك، فإن تعطيل أنابيب الغاز الروسية يمهد الطريق أمام الشركات الأميركية لبيع الغاز لأوروبا بأسعار مرتفعة، وفي نفس الوقت حرمان روسيا من مصدر دخل مهم، علاوة على تدمير اقتصاديات البلدان الأوربية بما تعنيه الكلمة لتصبح غير قادرة على المنافسة، متوقعًأ أن تبدأ وسائل الإعلام الأميركية بـ “تأليف القصص والروايات” حول وقوف عملاء روس رواء التخريب.

من جانبه، لم يستبعد مدير مركز الدراسات العرقية والدولية أنطون بريديكين، المدير العلمي لمركز الدراسات العرقية والدولية، أن يكون “تخريب” خط أنابيب نورد ستريم-ا ونورد ستريم-2 مفيدًا لبولندا، على ضوء تدشين خط أنابيب غاز البلطيق الذي سينقل الغاز النرويجي إلى هذا البلد.

ووفقًا لبريديكين فإن” تحريك الأميركيين لعملاء التأثير التابعين لهم في الاتحاد الأوروبي، سمح لبولندا بالحصول على الغاز النرويجي” لكن يؤكد أن ذلك لن ينقذ أوروبا، كون هذه الأنابيب ضعيفة القدرة أمام نظيرتها الروسية، واصفًا بولندا بأنها ولاية أميركية أكثر مما هي دولة بالاتحاد الأوروبي.

تهديد وجودي

وبرأيه، سيكشف الأيام إلى أي حد ستكون القارة الأوربية قادرة على البقاء بدون الغاز الروسي كون البدائل الأخرى لن تنقذها.

أما الخبير العسكري، فلاديسلاف شوريجين، فوصف ما حدث بأنه ضربة موجهة لألمانيا، لفصلها عن الغاز الروسي، موضحًا أنه “لن يتسامح أحد مع حقيقة بقاء السيل الشمالي”.

ويضيف شوريجين إلى قائمة المستفيدين من “تخريب الأنابيب” عددا من البلدان، كبولندا وبريطانيا ودول البلطيق، فضلأ عن أوكرانيا التي برأيه تمارس ضغوطًا على ألمانيا اقتصاديًا، كونها تريد زيادة حجم عبور الغاز إلى أوروبا عبر أراضيها.

وفي ذات الوقت، يستبعد أن تكون واشنطن هي من نفذ العملية بشكل مباشر، وإنما استخدمت “أيادي أخرى” تتمتع بقوات بحرية خاصة ممتازة، كالبريطانيين والبولنديين، معتبرًأ أنه “من الضروري التحقيق في هوية السفن التي كانت تبحر هناك في تلك اللحظة، وإذا لم تكن سفنا، فإن المخربين -على الأرجح- خرجوا من الغواصات، وتحت غطاء وكالة المخابرات المركزية”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى