خبير دولي: السعي لإعادة إدماج نظام بشار الأسد حماقة
كشف مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط شارلز ليستر، في مقال بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy)، أن سعي عدد من الدول العربية لتطبيع العلاقة مع نظام بشار الأسد فشل.
وأوضح الكاتب أن حالة الأردن هي أبرز نموذج على حتمية فشل أي محاولة لإعادة إدماج النظام السوري ضمن المجتمع الدولي، مبرزا أن الأردن حاول خلال عامي 2017 و2018 تغيير سياسته تجاه دمشق، لرغبته في ضمان الاستقرار على طول الحدود وتهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين إلى بلدهم، بالإضافة إلى تفادي تركز وجود خلايا تنظيم الدولة في المنطقة، وكذلك المليشيات المسلحة التابعة لإيران وحزب الله اللبناني.
وبحسب الكاتب، فإن البلدان فتحا معبر نصيب في أكتوبر/تشرين الأول 2018، واستأنفا المبادلات التجارية بينهما التي سجلت رقما إجماليا قدره 94 مليون دولار، وهو مبلغ بسيط جدا. وإلى جانب العائد التجاري المتواضع، تبخرت الوعود الروسية حول تحقيق المصالحة وضمان استقرار المنطقة.
مخدرات
ويقول الكاتب إن تورّط النخب القريبة من النظام السوري في عمليات تهريب مخدرات عبر الأردن يقوّي المواقف التي تؤكد فشل أي سعي نحو تحقيق المصالحة مع نظام الأسد وإعادة إدماجه.
ويضيف شارلز ليستر أن تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، حوّل نخبة محسوبة على النظام إلى تجارة المخدرات، وخاصة إنتاج “الكبتاغون” الذي يعرف باسم “كوكايين الفقير”، مبرزا أن الأرقام التي صدرت عام 2021 توضح أنه تم إنتاج ما قيمته 30 مليار دولار من الكبتاغون في منشآت يحرسها متعاقدون عسكريون في سوريا، ويتم تهريبها بطريقة ممنهجة خارج البلاد.
ونقل الكاتب عن مسؤولين أردنيين قولهم إن السلطات الأردنية ضبطت عام 2021 نحو 16 مليون حبة كبتاغون قادمة من سوريا، وارتفع هذا الرقم خلال الشهور الخمسة الأولى من 2022 إلى 20 مليون حبة، وإلى حدود أواخر سبتمبر/أيلول الجاري وصل الرقم إلى 33 مليون حبة.
أيضا، يقول الكاتب إن السلطات الأردنية ضبطت عام 2021 كيلوغراما واحدا من الهيروين قادما من سوريا، وخلال العام الجاري ارتفع الرقم إلى 36 كيلوغراما. ونقل عن مسؤولين أردنيين قولهم إن صناعة تهريب المخدرات أصبحت “منظمة” بشكل ملفت خلال الآونة الأخيرة فقط، وحين زار مسؤولون أردنيون كبار واشنطن قدّموا إحاطات خاصة عن مدى تعقيد عمليات تهريب المخدرات، وعلاقة ذلك بالنظام السوري ومليشيات مسلحة.
ويرى الكاتب أن “الانفجار” الذي شهده تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن، يؤكد أن سعي عمّان لإيجاد مخرج ما لإعادة العلاقة مع النظام السوري، “كوفئ” بانخراط هيئات مرتبطة بالنظام السوري في موجة غير مسبوقة لتهريب المخدرات.
وتحدث شارلز ليستر عن توقف المسؤولين في الأردن عن الحديث العلني المباشر عن “الصداقة الأخوية” مع النظام السوري، وتحول التركيز إلى الحديث عن مواضيع أخرى بينها اللاجئون وإيران، مع التأكيد على عدم وجود رغبة منذ البداية في إعادة إشراك نظام الأسد في المنظومة العربية والدولية بشكل كامل.
وبحسب الكاتب، فإن ما جرى مع الأردن يؤكد مرة أخرى وبالملموس أن التفكير في إعادة إدماج نظام بشار الأسد في المنظومة الدولية مجرد “حماقة”، وأن محاولات تحقيق ذلك ستؤول دائما إلى الفشل.