الاخبار العاجلةسياسة

رغم الجهود الدولية.. ما الذي يعنيه عدم تمديد الهدنة في اليمن؟

يعيش يونس العلواني حالة من القلق، ويظل يتتبع الأخبار ممنيا نفسه أن يكون بيان جماعة الحوثيين التي أعلنت فيه الليلة الماضية، وصول تفاهمات تمديد الهدنة إلى طريق مسدودة، مجرد ورقة ضغط فقط.

يقول يونس الذي يملك مشغلا محليا لإعادة تدوير المفروشات في العاصمة صنعاء، للجزيرة نت، إن الهدنة منحته فرصة لالتقاط الأنفاس بعد 8 سنوات من الحرب، إذ توقفت الغارات الجوية وتدفق البنزين والديزل إلى محطات الوقود.

وأثار تهديد المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، السعودية والإمارات والشركات النفطية العاملة في اليمن، مخاوف يونس، وقال “لم نعد نحتمل عودة الحرب”.

واليوم الأحد، انتهت الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل/نيسان الماضي بدون أن تُمدد، رغم الجهود الدولية والأممية، ويخشى اليمنيون أن ذلك قد يتسبب باندلاع دورة جديدة من القتال.

انفراجة محدودة

وسمحت الهدنة، خلال الأشهر الستة الماضية، بتدفق واردات الوقود من ميناء الحديدة إلى مناطق سيطرة الحوثيين التي تضم ثلثي السكان، مما أدى إلى تراجع واحدة من أشد الأزمات الإنسانية ضراوة؛ إذ كانت طوابير السيارات تستمر أياما أمام المحطات.

وبدأت الرحلات المنتظمة تصل تباعا بين مطاري عمّان وصنعاء المغلق منذ 7 سنوات، وانفرجت معضلة سفر المرضى للخارج، إذ كان يُحتم عليهم اجتياز طرق ونقاط مسلحة للوصول إلى مطار مدينة عدن، في الجنوب.

والأمر الأكثر أهمية تمثل في تراجع حدة المعارك، بينما توقف القصف الجوي المتبادل بين الحوثيين والسعودية، ووفق بيان مشترك لـ 44 منظمة إنسانية ودولية عاملة في اليمن، فإن البلاد شهدت انخفاضا بنسبة 60% في عدد الضحايا.

لكن الباحثة اليمنية بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، ندوى الدوسري، تقول للجزيرة نت إن الهدنة أفادت الحوثيين ولم تحقق شيئا لليمنيين، خصوصا مع رفض الجماعة إعادة فتح الطرق الرئيسية لمدينة تعز المحاصرة من قِبلهم منذ نهاية 2015.

وتضيف أن فتح مطار صنعاء كان أمرا جيدا من حيث المبدأ، لكن الحوثيين تلاعبوا بالملف وحولوه إلى منفذ للتحكم باليمنيين كون من يغادر صنعاء يجب عليه أن يحصل على موافقة منهم.

إخفاق الهدنة

ونفى المتحدث باسم وفد الحوثيين المفاوض محمد عبد السلام في تغريدة له على تويتر، صحة ما أوردته تقارير عن اتفاق على تمديد الهدنة، مؤكدا بيان الجماعة السابق الذي صدر الليلة الماضية.

ولا يبدو أن البيان موقف نهائي للحوثيين، ويقول حزام الأسد عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين (أعلى سلطة سياسية) للجزيرة نت، إن هذا الموقف قد يتغير في حال تحققت المطالب “الإنسانية” التي جرى التوافق عليها مع الطرف الآخر، وتتعلق بوقف الخروقات ودفع رواتب الموظفين والمتقاعدين وإعادة فتح الطرق، ويضيف أن الطرف الآخر يتنصل من هذه المطالب حتى اللحظة.

ويقول الأسد إن السفر من مطار صنعاء الدولي ما يزال ممنوعا عدا وجهة مقيدة بمسار واحد، وبوارج التحالف تعترض سفن الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة، إضافة إلى النهب المستمر لموارد البلاد السيادية، وفق قوله.

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، قد بحث مع مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ في الرياض، فرص تمديد الهدنة في البلاد قبيل ساعات من موعد انتهائها.

ووفق وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) ندد العليمي بـ”موقف المليشيات الحوثية المعادي لجهود السلام والمساعي الحسنة لوقف نزيف الدم”، مؤكدا على “أهمية مضاعفة الضغوط الدولية لدفع المليشيات إلى التعاطي الجاد معها، وتغليب مصلحة الشعب اليمني على مصالح قادتها وداعميهم الإيرانيين”. ولم تورد الوكالة أي تفاصيل تتعلق بتمديد الهدنة.

ويقول وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية عبد الباسط القاعدي، للجزيرة نت، إن بيان الحوثيين حول الهدنة مناورة فقط، “لكنهم في الأخير سيذعنون ويوقعون على الهدنة التي لم يلتزموا بها أصلا”.

وأضاف أن المطالب الذي وضعها الحوثيون تنطلق من مصالحهم الخاصة، إذ وظفوا مسألة صرف الرواتب للتحشيد وكسب التعاطف الشعبي، بينما هم رفضوا تنفيذ اتفاق ستوكهولم (2018) القاضي بإيداعهم إيرادات الوقود وميناء الحديدة في حساب بالبنك المركزي فرع الحديدة الذي تُدفع منه الرواتب.

ويضيف “تحرص الحكومة على صرف رواتب كل الموظفين وفق كشوفات 2014، شرط التزام الحوثيين بتنفيذ بند المرتبات في اتفاق ستوكهولم”. لكن الباحثة الدوسري تقول إن موقف الحوثيين المتشدد ليس جديدا، وهو تكتيك حصلوا من خلاله على كثير من مطالبهم سابقا، إذ إن المجتمع الدولي يعتقد بأن رضوخه لمطالبهم سيشجعهم على تقديم تنازلات، لكن ما يحدث أن الجماعة تتشدد أكثر للحصول على مطالب أكبر.

انفجار الوضع

وبانتهاء الهدنة قد يشهد اليمن انفجارا للوضع العسكري مجددا، ويقول حزام الأسد إن الموقف سيشمل ما هو أبعد من الحدود المتعارف عليها، إذ إن “هناك خيارات عسكرية للجماعة تشمل الإقليم والمجتمع الدولي”.

ويقول للجزيرة نت إن رفض الطرف الآخر تمديد الهدنة يعني تصعيدا للعدوان على اليمن، وإن موقف جماعته دفاعي.

من جهته، يتهم القاعدي الحوثيين بابتزاز الداخل والخارج، “حيث يستغلون التطورات التي تمر بها المنطقة والعالم لإحراز أكبر قدر من المكاسب”، ويقول “يتعامل الحوثيون مع الجميع بجنون وانتهازية مفرطة”.

ويضيف إن الحكومة الشرعية حريصة على السلام الحقيقي، وجاهزة أيضا لخيار الحرب.

ووفق تقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية فإنه إذا لم تتمكن الأطراف من إبرام صفقة، فقد يعود النزاع إلى المستويات السابقة من الشدة المدمرة، أو حتى يتجاوزها.

مساع دولية

وفي وقت سابق، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من عدم إحراز تقدم في تمديد الهدنة، ودعا السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن الأطراف إلى “عدم تبديد تقدم الأشهر الستة الماضية”.

ورحبت الخارجية الأميركية، بالتزام السعودية بتمديد الهدنة في اليمن، لكن عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين حزام الأسد يقول إن واشنطن التي تعد الطرف الرئيسي في الحرب على اليمن ومن ورائها السعودية والإمارات تراهن على تأجيل المعركة.

لكن الأسد ألمح إلى دور فاعل لسلطنة عمان التي يقيم فيها وفد الحوثيين لتمديد الهدنة، وقال للجزيرة نت إن مسقط لا تمارس ضغوطا على الجماعة، بل تواصل جهود التقارب.

وتقول الباحثة اليمنية الدوسري إن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا يملكان أدوات ضغط على الحوثيين ولم يتمكنا من إقناع الحوثيين بالسلام، لذا فإنها ترى أن الحرب في اليمن ستعود بكل الأحوال سواء بعد أسابيع أو أشهر، فهدف الحوثيين الإستراتيجي والمعلن السيطرة على اليمن و”ليس دعاية”.

 



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى