رياضة

مصارع ياباني اعتنق الإسلام وتعادل مع محمد علي واحترف السياسة.. رحيل محمد حسين إينوكي

عن عمر ناهز 79 عاما رحل أمس السبت أسطورة المصارعة الحرة، السياسي الياباني محمد حسين إينوكي (أنطونيو إينوكي سابقا) بعد سيرة رياضية حافلة، ومواقف سياسية فارقة.

ذاعت شهرته بعد مباراته مع بطل الملاكمة محمد علي كلاي، إذ سار على درب هذا الأسطورة الأميركي، واعتنق الإسلام عام 1990 خلال زيارته للعراق، كما عرف بزيارته لكوريا الشمالية ودعوته لإقامة جسور معها.

وقلما تحفل السيرة الذاتية لأحد الرياضيين بما حفلت به سيرة إينوكي، فالاسم الأول غير شائع في اليابان، حيث باسم كانجي، ويبدو أنه اكتسب اسم أنطونيو في البرازيل التي انتقل إليها مضطرا مع عائلته في عام 1957 وأقام هناك بضع سنين.

ولد إينوكي عام 1943 في عائلة ثرية في يوكوهاما جنوب العاصمة طوكيو، وكان الابن قبل الأخير بين أشقائه السبعة، وتوفي والده وهو رجل أعمال وسياسي وهو في الخامسة من عمره وهو السن الذي بدأ يتعلم فيه الكاراتيه من أخيه، وساعده طول قامته على الانضمام إلى فريق كرة السلة في مدرسة يوكوهاما الإعدادية.

في السنوات التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية مرت أسرته بظروف قاسية وسنوات فهاجر بصحبة جده وأمه وأخوته إلى البرازيل في عام 1957، وكان عمره حينذاك 14 عاما لكن جده توفى خلال رحلة الهجرة. وخلال اقامته في البرازيل فاز ببطولات محلية وإقليمية في رمي القرص والرمح والجلة.

قصته مع المصارعة

ترك البرازيل وعاد إلى اليابان وعمره 17 عاما حيث بدأت رحلته مبكرا مع المصارعة الحرة بعد أن اكتشفه المصارع الشهير ريكيدوزان وهو كوري الأصل ياباني النشأة والذين يدين له بالفضل في مسيرته الرياضية.

وفي عام 1964 غادر اليابان إلى الولايات المتحدة في رحلة رياضية دامت 3 سنوات برعاية إحدى شركات الرياضة الأميركية المعنية بتنظيم بطولات للمصارعة حقق خلالها عدة بطولات وأصبح أكبر نجوم تلك الشركة حتى عودته إلى بلاده. حيث أصبح مؤسسا للعصر الذهبي للمصارعة في اليابان.

مصارع يواجه ملاكم

وبفضل تقنياته المميزة في المصارعة الحرة مثل “الكوبرا تويست” و”مانجيغاتامي” و”ركلة  إنزويجيري”، حقق إينوكي طفرة في عالم المصارعة مع مصارعين مشهورين آخرين  وأصبح واحدا من أكبر الأسماء في حلبة المصارعة اليابانية في الستينيات  قبل أن يتجه إلى الملاكمة ليصبح أول بطل آسيويا في تلك الرياضة.

في 26 يونيو/ حزيران عام 1976، خاض إينوكي نزالا مع بطل العالم في الملاكمة وقتئذ محمد علي كلاي في مباراة “مصارع مقابل الملاكم” في قاعة بودوكان في طوكيو، وحاول خلالها إينوكي، إثبات أن المصارعة المحترفة كانت أعظم أشكال فنون الدفاع عن النفس. وطغى على اللقاء مشهد إينوكي مستلقيا على ظهره وهو يرفس ساق كلاي في مشهد غير معتاد بنزالات الملاكمة.

وبعد 15 جولة، سدد كلاي خلالها أكثر من 10 لكمات أعلن انتهاء المباراة بينهما بالتعادل. وصفها كلاي بأنه “مباراة القرن” والتقطت شركات رياضية أميركية الفكرة لتؤسس مباريات مختلطة بين مصارعين وملاكمين درت عليها أرباح بملايين الدولارات وما تزال مستمر حتى الآن.

عالم السياسة

دخل إينوكي ـ البطل الرياضي الذي يبلغ طوله 1.9 مترا ـ عالم السياسة، عام 1989 وهو لا يزال مصارعا نشطا، وفاز بمقعد في مجلس الشيوخ بالبرلمان الياباني عن حزب “الرياضة والسلام” الخاص به.

في عام 1990، سافر إينوكي إلى العراق في “مهمة دبلوماسية غير رسمية ” وتفاوض بنجاح مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للإفراج عن الرهائن اليابانيين الـ 41 قبل اندلاع حرب الخليج الأولى. ونظم بنفسه بطولة مصارعة في العراق بهدف تحريرهم وهو ما تحقق بالفعل. وأثناء وجوده في العراق زار مدينة كربلاء وأشهر إسلامه، واختار اسم الإسلامي محمد حسين إينوكي

طور إينو علاقات وثيقة مع كوريا الشمالية لأن معلمه في المصارعة ريكيدوزان جاء من كوريا الشمالية لكنه لم يستطع العودة إلى دياره بعد أن قسمت الحرب شبه الجزيرة، وقام بزيارات عديدة لبيونغ يانغ بصفته نائبا والتقى مسؤولين رفيعي المستوى، قائلا إن طوكيو يمكن أن تلعب دورا في التوسط مع جارتها النووية.

h 57962846 1
إينوكي يلوح للإعلاميين لدى وصوله مؤتمرا صحفيا بنادي المراسلين الأجانب في طوكيو (الأوروبية-أرشيف) 

كما وظف دبلوماسية الرياضة لخدمة تلك المساعي، و في عام 1995، نظم بطولة للمصارعة  في العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ شهدها أكثر من 100 أف مشجع، كما زار كوريا الشمالية أيضا بمناسبة الذكرى الـ 60 لهدنة الحرب الكورية، والتقى مع شخصية كورية شمالية رفيعة المستوى خلال زيارته.

وفي نوفمبر 2013، تم تعليقه من البرلمان لمدة 30 يومًا بسبب رحلة غير مصرح بها إلى كوريا كانت هذه زيارة إينوكي الـ 27 إلى كوريا الشمالية. وأوضح في مقابلة أن عمليات اختطاف كوريا الشمالية لمواطنين يابانيين دفعت الحكومة اليابانية إلى “إغلاق الباب” بشأن الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، لكن القضية لن تحل دون تواصل مستمر

في سبتمبر/أيلول عام 2017، أعاد إينوكي تأكيد موقفه بأن على اليابان بذل المزيد من الجهود لإجراء حوار تعاوني مع كوريا الشمالية، في أعقاب إطلاق كوريا الشمالية صواريخ باليستية فوق هوكايدو تبع ذلك رحلات الأخرى المثيرة للجدل.

 

h 50623118
إينوكي مرتديا الزي القومي الباكستاني ومعتمرا  غطاء الرأس المميز لعرقية البشتون خلال زيارته لمدينة بيشاور لمشاهدة بطولة مصارعة باكستانية محلية ( الأوروبية أرشيف)

شعبية إسلامية

المصارع، الذي اعتنق الإسلام في عام 1990، كان يتمتع بشعبية كبيرة في العالم الإسلامي خصوصا في باكستان،  ففي عام 1976، تحدى إينوكي المصارع الباكستاني أكرم الملقب بـ “أكي” وعندما جاء إلى باكستان من أجل المواجهة، فوجئ برؤية ما يقرب من 50000 متفرج يحضرون الحدث في استاد كراتشي الوطني.

عاد إينوكي إلى باكستان في عام 2013 مرة أخرى كجزء من احتفالات النوايا الحسنة بمرور 60 عامًا على العلاقات الدبلوماسية الباكستانية اليابانية، وعقب اعلان وفاته أمس غرد رئيس الوزراء شهباز شريف معزيا أسرة إينوكي والشعب الياباني. “لقد فتن جيل كامل ببراعته في المصارعة النادرة

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى