الاخبار العاجلةسياسة

ظاهرة متصاعدة وأسباب متنوعة.. لماذا ينتقل المصريون من التعليم الحكومي إلى الأزهري؟

القاهرة- مع انطلاق العام الدراسي في مصر، أمس الأحد، تداول مغردون صورا لمدارس التعليم الأزهري وسط ترحيب وإشادة، فضلا عن مقارنات مع مدارس التعليم الحكومي.

يأتي ذلك في ظل لافتة “التعليم الأزهري هو الأفضل” التي ترفعها الفترة الأخيرة بعض الأسر، بل قام بعضهم بتحويل تعليم أبنائهم هذا العام من وزارة التربية والتعليم إلى قطاع المعاهد الأزهرية، وفق بيانات موثقة وإحصائيات وتصريحات خاصة.

وأكد مسؤول في مشيخة الأزهر رصدهم بتقدير لهذه الظاهرة، التي تراها المشيخة -وفق المصدر- إقبالا على النجاح العلمي والأخلاقي ووسطية الفكر الذي تمثله مؤسسة الأزهر وشيخها الدكتور أحمد الطيب.

وبحسب أولياء أمور، فإن جودة التعليم والقيم الأزهرية والمصروفات المعقولة وراء نقلهم لأبنائهم، واتفق معهم خبراء مؤكدين أن الظاهرة حقيقة ويقف وراءها حرص الأسر على الاستقرار التعليمي والجمع بين العلم والدين والأخلاق في مكان واحد، الذي يراعي البعد الاقتصادي كذلك في مصروفاته.

نجاح علمي وخلقي ووسطية

في هذا السياق، أكد مسؤول في مشيخة الأزهر أن مؤسسة الأزهر تشهد إقبالا كبيرا من المصريين على التعليم في المعاهد التعليمية الأزهرية وأروقة القرآن الكريم وأروقة العلوم الشرعية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أرجع المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه -التحويل إلى التعليم الأزهري- إلى أن مناهج الأزهر مقبولة علميا وأخلاقيا وتؤسس النشء على الوسطية، في ظل حاجة الناس الشديدة للتربية المعتدلة وسط تغول الأفكار المتطرفة والمنحرفة واختلاط الحابل بالنابل، وفق تعبيره.

وأضاف أن الإقبال على مؤسسات الأزهر التعليمية يأتي استمرارا لردة الفعل المحمودة ضد الذين يتنمرون على الأزهر ويسعون إلى إلغاء التعليم الأزهري تماما، مشددا على أن هذا لا يعني اختلافا بين الأزهر ووزارة التربية والتعليم، لأن هناك أخوة صادقة بين المؤسستين وتعاون مثمر ونقاط التقاء على أمن الوطن الفكري والعلمي.

وأوضح أن نحو 500 ألف دراس تقدموا خلال 15 يوما فقط إلى أروقة تعليم وتحفيظ القرآن الكريم التابعة للأزهر، وأكثر من 100 ألف دارس ليسوا أزاهرة تقدموا الفترة الأخيرة إلى أروقة العلوم الشرعية الموجودة في 9 محافظات، ومن بينهم المحاسب والمهندس والطبيب والتاجر.

واعتبر أن الإقبال على التعليم الأزهري في مرحلة النشء أمر محمود يعزز الثقة المتبادلة بين الأزهر والشعب، خاصة وأن المسلمين في كافة أنحاء العالم أرسلوا أكثر من 40 ألف طالب للدراسة في الأزهر من أكثر من 100 دولة.

ظاهرة لها أسباب

في نفس السياق، تؤكد منال خضر رئيس مركز أسرتي للاستشارات الأسرية والاجتماعية أن التحويل من التعليم العادي إلى الأزهري باتت ظاهرة موجودة وحقيقية، وأمر ملحوظ في دوائر المقربين منها وعائلتها ولدى طالبي الاستشارات.

وفي حديثها للجزيرة نت، ترجع خضر ذلك إلى أن أولياء الأمور كانوا في الأوقات السابقة يفضلون التعليم العادي لأنه ضمن وزارة تحمل اسم “التربية والتعليم” فتتم تغطية الأساسيات التربوية، والمساهمة مع الأسر في التربية، في ظل حمل ثقيل وصل إلى 19 من مواد التعليم الأزهري، وهو ما كان صعبا على الطلاب وأولياء الأمور.

وأضافت أنه عندما غاب عن المدرسة البعد السلوكي القويم والتربية والأسس الدينية، وبات دورها مفرغا من أي قيمة، اتجه المصريون إلى التعليم الأزهري ليجمع بين العلم والدين والأخلاق، بحسب وصفها.

وتشير المستشارة الأسرية إلى أن التعليم العام بات الآن يشكل عبئا على الأسر ليس بالجانب العلمي والتنموي، ولكن وصل إلى الجانب الديني والسلوكي، وأصبحت المدرسة العادية ذات أزمات متعددة مما دفع الأسر إلى الاتجاه إلى الأزهر، كما أن الجامعات باتت مكلفة والمنافسة محتدمة حول الكليات والتخصصات المتميزة، جعل الأهالي يتجهون إلى التعليم الجامعي الأزهري.

وأكدت أنها تنصح الفترات الأخيرة من يستشيرها في تعليم أولاده بالاتجاه إلى التعليم الأزهري حرصا على تنشئة جيل راق ومثقف، في ظل عدم جدوى التعليم الحكومي والخاص هذه الأيام، واستيلاء مراكز الدروس الخصوصية على دور المعلم، وإصرار التعليم العادي على التغريب لا دعم الهوية الدينية والوطنية، حتى باتت المدارس أزمة في كل بيت، وفق تعبيرها.

ثبات النظام التعليمي

بدوره، يرى الاستشاري الأسري والاجتماعي محمود القلعاوي أن التعليم العام يعيش أزمة يعاني منها الأبناء وأولياء الأمور، وفي المقابل ثبات النظام التعليمي في الأزهر مما جعل الأخير مخرجا ومهربا من معاناة التعليم العام.

وفي حديث للجزيرة نت، أضاف القلعاوي أن هناك حالة التخبط التي يعيشها التعليم العام بسبب القرارات المتتالية والمتسارعة غير المدروسة، التي تجعل الجميع يعيش حالة ترقب وقلق ومعاناة تؤثر على المستوى العلمي للطلاب، وهو ما يظهر كل عام مع اختبارات الثانوية العام ويصل إلى مسامع المستشارين الأسريين جميعا في استشارات سنوية متكررة.

ويشير الاستشاري الاجتماعي إلى أن الحالة الاقتصادية جزء من بواعث هذا التحول، حيث إن الدروس الخصوصية في مراحل التعليم العام وخاصة الثانوية العامة كلفتها عالية جدا، مقابل أن التعليم الأزهري لا يعاني بنفس الدرجة.

ووفق أولياء أمور تواصل معهم مراسل الجزيرة نت وطالبوا عدم نشر أسمائهم، فإن الإحساس بعدم وجود قيمة مضافة في التعليم العادي، والمصروفات الباهظة، وراء ظاهرة التحويل المتزايد من التعليم العادي إلى الأزهري.

“محمد.أ” أحد أولياء الأمور لأكثر من طفل، يرى أنه لم يجد قيمة وفائدة في التعليم العادي فنقل ابنه إلى الأزهر كي يرضي ضميره، موضحا أنه شعر بضياع عمر ابنه في التعليم، ولكن عندما نقله إلى الأزهر شعر أنه على الأقل سيعرف دينه وبعض القيم بدلا من الضياع، وفق تعبيره.

أما كمال وهو ولي أمر 3 تلاميذ كانوا في مدارس خاصة، فيقول إنه مع تدهور الأحوال الاقتصادية قام بتحويل أبنائه إلى الأزهر بسبب المصروفات، مؤكدا أنه حاول إيجاد تعليم مقبول في جودته ومناخه لتعويض أبنائه في هذه الفترة الصعبة.

إحصائيات معززة

وكشفت النشرة السنوية للتعليم قبل الجامعي الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، لآخر عام إحصائي وهو العام الدراسي الماضي، عن حدوث طفرة في أعداد التلاميذ لصالح التعليم الأزهري.

وأكدت النشرة الصادرة مطلع العام الجاري وجود 68.9 ألف مدرسة ومعهد أزهري عام 2020/2021 مقابل 67.5 ألف مدرسة ومعهد أزهري عام 2019/2020 بزيادة بلغت نسبتها حوالي 2%، وذلك لمواكبة الأعداد المتزايدة.

وبحسب تقديرات غير رسمية، بين العامين الماضيين، فقد زاد إجمالي عدد طلاب التعليم الأزهري من مليون و777 ألف تقريبا إلى مليون و900 ألف تقريبا، بزيادة حوالي 124 ألفا.

وفي تصريحات صحفية العام الماضي، كشف الرئيس السابق لقطاع المعاهد الأزهرية ورئيس جامعة الأزهر الحالي سلامة داود أن أكثر من 300 ألف طالب تقدموا للأزهر الشريف هذا العام في رياض الأطفال والابتدائي الأزهري، بينما وصل عدد من حولوا من مدارس التربية والتعليم إلى الأزهر حوالي 20 ألف طالب، و5 آلاف فقط حولوا من الأزهر إلى التربية والتعليم.

الجودة والمصروفات

هذا الإقبال بحسب مراقبين، يتواكب مع محاولات الأزهر اعتماد معايير الجودة في معاهده التعليمية وزيادة أعدادها. وبحسب بيان رسمي لقطاع المعاهد الأزهرية الأسبوع الماضي، فإن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد اعتمدت 83 معهدا أزهريا من بين المعاهد التي تم زيارتها الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسى الماضي.

البعد الثاني في الإقبال هو المصروفات، حيث اعتمد الأزهر منهج التيسير على أولياء الأمور، بحسب بيان رسمي لقطاع المعاهد الأزهرية حول المصروفات الدراسية للعام الدراسي الحالي، وبدأت من 60 جنيها فقط حتى 800 جنيه (الدولار نحو إلى 19.60 جنيها).



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى