الاخبار العاجلةسياسة

هموم الدراسة والبرد والدخل.. الأوكرانيون ينتظرون شهرين مفصليين

كييف- “الحرب مع روسيا طويلة الأمد”، قناعة يرددها الكثير من الأوكرانيين، بغض النظر عن تصريحات يكررها مسؤولون سياسيون وعسكريون، ويبشرون من خلالها بمنعطفات مفصلية قريبة، وحتى بقرب النصر.

أشهر الحرب الستة الماضية كانت مليئة بالأحداث والآمال؛ أما اليوم، فلدى شريحة واسعة من الأوكرانيين هموم جديدة تعاظمت على أعتاب سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، تخصهم وتخص أسرهم، إلى جانب الاعتبارات الوطنية الأخرى الباقية.

والحديث إلى بعض أفراد تلك الأسر في محطات الحافلات والقطارات المكتظة، أثناء توديع الزوجات والأولاد نحو دول اللجوء، كفيل برسم صورة واضحة لتلك الهموم بمختلف أبعادها.

الدراسة تعني البقاء بعيدا

أول هذه الهموم وأكبرها تتعلق ببداية العام الدراسي في سبتمبر/أيلول المقبل، واضطرار كثير من الأوكرانيين إلى البقاء في دول اللجوء لضمان مقاعد دراسية “كافية وآمنة” للأبناء.

والحديث هنا يدور حول بقاء نحو 6.3 ملايين نسمة خارج البلاد، وفق إحصائيات حكومية وأممية، إضافة إلى اضطرار نحو 8 ملايين آخرين لبدء العام الدراسي في مناطق أوكرانية جديدة، كنازحين عن مناطقهم الأصلية.

في كييف، يودع سيرهي أسرته إلى بولندا، ويقول “عمليات القصف مستمرة، ولا ضمان لسلامة مدن معينة من القصف. الأفضل أن يبقوا بعيدين حتى لا ينقطع الأطفال عن الدراسة الجيدة، ولكي لا يصابوا بأذى لا سمح الله”.

ويضيف “الوضع في كييف آمن نسبيا، لكنه مرشح لجميع الاحتمالات؛ والعملية الدراسية غير واضحة، بين جامعات ومدارس ستفتح أبوابها، وأخرى ستنتقل إلى الدراسة عن بعد، وثالثة تتوجه نحو الإغلاق لفترات طويلة خلال العام، أو الانتقال إلى نظام “الدراسة المنزلية. أعتقد أن ذلك كله غير منطقي وغير عملي”.

وكان مكتب النائب العام في أوكرانيا قد أكد أن القوات الروسية دمرت وألحقت أضرارا بأكثر من 2200 مؤسسة تعليمية، منها أكثر من 1400 جامعة ومدرسة، وأكثر من 700 روضة أطفال.

استعدوا لموسم شتاء قاس

ومما يثير مخاوف الأوكرانيين ويدفعهم إلى إبقاء أسرهم بعيدا، توقعات وتلميحات وتحذيرات رسمية بأن يكون البرد في البلاد قاسيا خلال فصلي الخريف والشتاء القادمين، ودعوات في هذا السياق لتجهيز ملابس وأغطية دافئة كافية.

اقرأ ايضاً
زعيما جنوب السودان يتعهدان بالحفاظ على السلام...بعد 10 سنوات من الانفصال

ووفق عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، فإن “على السكان أن ينسوا وصول درجة الحرارة في بيوتهم خلال موسم التدفئة (الذي يبدأ عادة مع منتصف أكتوبر/تشرين الأول ويستمر حتى منتصف أبريل/نيسان) إلى 24 درجة، متوقعا أن تكون درجة الحرارة في البيوت هذا العام عند حدود 18 درجة مئوية”.

ويرجع هذا إلى أن مخازن الغاز التي تعتمد عليها البلاد في عمليات تسخين مياه التدفئة، فرغت أو قصفت، إضافة إلى زيادة حادة طرأت على أسعار الغاز الذي تستورده البلاد من أوروبا كطرف وسيط.

ويخشى أندريه، وهو أحد سكان كييف، أن تكون أزمة التدفئة مقدمة لأزمة كهرباء، ويقول للجزيرة نت “بطبيعة الحال سيلجأ الأوكرانيون إلى السخانات الكهربائية، وهكذا سنشهد انقطاعا متكررا للتيار الكهربائي، خاصة في المباني السكنية القديمة”.

وفي سياق آخر، قال “إذا سيطرت روسيا على محطة زاباروجيا للطاقة النووية، وقطعت فعلا إمدادات الكهرباء التي تصلنا منها، فأعتقد أننا سنكون أمام مشكلة أكبر بكثير”.

توقف أو تراجع الدخل

وإلى جانب ما سبق، يؤكد الكثيرون عجزهم عن تحمل أعباء الحياة، بحكم أن نسبة لا تقل عن 30% منهم فقدت وظائفها وأعمالها، بسبب الحرب وتداعياتها.

تقول مديرة معهد “الديموغرافيا والبحوث الاجتماعية”، إيلا ليبانوفا، إن المساعدات التي يتلقاها الأوكرانيون في الدول الأوروبية تخفف أثر تراجع الدخل وزيادة نسب البطالة والتضخم، ولكنها تعني أن عودة كثير من الأسر مؤجلة.

وتابعت للجزيرة نت “من يبدأ الدراسة في دولة أوروبية (بلغتها) سيكمل فيها عاما على الأقل، أو حتى انتهاء الدراسة إذا كانت جامعية، ومن ينعم بالأمان والدفء ويحصل على المساعدات أو فرص ما للعمل، فلن يستعجل العودة ما دامت الحرب”.

واختتمت بالقول “في المحصلة، استمرار الوضع على هذا النحو يضعنا أمام أزمة اجتماعية، ربما تتجلى مظاهرها فعلا في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول)، بحكم بدء العام الدراسي الذي عادة ما يكون صاخبا، لكنها -حتما- أزمة ستتعاظم أكثر مع مرور الوقت”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى