بعد عام من العمل لمواجهة العقوبات.. كيف أصبحت تجارة إيران مع روسيا؟
طهران- في سابع خطاب متلفز وجهه للشعب الإيراني، أعلن الرئيس إبراهيم رئيسي عن زيادة علاقات بلاده التجارية مع روسيا بنسبة 80%، وقال “نعمل مع روسيا على شتى الصعد، حيث تتم متابعة ممر شمال جنوب، ونعمل على تفعيل حقول النفط والطاقة المشتركة مع روسيا، إلى جانب التعاون الثنائي في مجالات الفضاء والتجارة والاقتصاد”.
وتأتي تصريحات رئيسي بعد أكثر من عام من توليه منصبه، وتأكيده باستمرار على عدم ربط الاقتصاد الوطني بالاتفاق النووي وإبطال مفعول العقوبات الغربية، عبر تعزيز العلاقات التجارية مع دول الجوار وسياسة التوجه شرقا، التي تمثلت في توقيع اتفاقيات طويلة المدی مع كل من الصين وروسيا.
وبالرغم من ربط الأنظمة المصرفية بين طهران وموسكو مؤخرا، وتدشين الجانبين التعامل بالريال الإيراني مقابل الروبل الروسي في مبادلاتهما، فإن حجم التجارة الخارجية بينهما لم يرتق إلى المستوى المنشود، وفق مراقبين إيرانيين، في حين يرى آخرون أن التفاهمات الاقتصادية بينهما لم تدخل حيز التنفيذ بالكامل، وأنها ستثمر خلال الأعوام المقبلة.
الميزان التجاري
وفي أحدث تقرير عن واقع التجارة الخارجية، أعلنت مصلحة الجمارك الإيرانية أن تجارة البلاد غير النفطية مع العالم قد بلغت 50 مليارا و282 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الإيراني الجاري (بدأ في 21 مارس/آذار الماضي)، مسجلة ارتفاعا بنسبة أكثر من 13% مقارنة مع الفترة نفسها من العام المنصرم.
وفي التفاصيل، فقد بلغت صادرات إيران من السلع غير النفطية 51 مليونا و783 ألف طن، بقيمة 24 مليارا و251 مليون دولار خلال الأشهر الستة الماضية، مسجلة تراجعا بنسبة أكثر من 12% في الوزن، وارتفاعا بنسبة أكثر من 13% في القيمة.
كما بلغت واردات طهران خلال الأشهر الستة الماضية 16 مليونا و320 ألف طن، بقيمة 26 مليارا و31 مليون دولار، لتسجل تراجعا بنحو 15% في الحجم و13% في القيمة.
وتكشف إحصاءات الجمارك الإيرانية، أن الميزان التجاري للبلاد يميل للواردات ويأخذ منحى سلبيا خلال النصف الأول من العام الإيراني الجاري.
وتتصدر الإمارات العربية المتحدة الدول المصدرة إلى إيران بقيمة 7 مليارات و206 ملايين دولار، تليها الصين بقيمة 6 مليارات و846 مليون دولار، ثم تركيا بتصدير سلع بقيمة مليارين و680 مليون دولار.
وحلت الهند -بقيمة مليار و380 مليون دولار- في المرتبة الرابعة، قبل روسيا التي حلت خامسة بين الدول المصدرة إلى إيران بقيمة 876 مليون دولار.
وتتصدر الصين الدول المستقبلة للسلع الإيرانية بقيمة 7 مليارات و842 مليون دولار، يليها العراق بقيمة 3 مليارات و382 مليون دولار، ثم الإمارات العربية المتحدة بقيمة 3 مليارات و112 مليون دولار، بعدها تركيا باستيراد سلع إيرانية بقيمة مليارين و626 مليون دولار، وأخيرا الهند بقيمة 904 ملايين دولار.
علاقات غير متوازنة
وبالرغم من حلول روسيا خامسة في قائمة الدول المصدرة إلى إيران، فإن طهران قد خسرت فرصة تصدير السلع نحو موسكو، حيث لم يرد اسمها بين الدول الخمس الأولی الأكثر تصديرا للسوق الروسية، وفق الباحث الاقتصادي غلام رضا مقدم.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح مقدم أن توقيع العديد من التفاهمات والاتفاقيات مع حلفاء إيران الشرقيين -كالصين وروسيا- لم ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطن، مؤكدا أن السلطات الإيرانية لم تعلن تفاصيل تجارتها مع روسيا منذ شهور، مما يعني أن كفة التجارة الثنائية لا تميل لصالح طهران، وأن العلاقات الثنائية بينهما لم تصل إلى المستوى المنشود.
وفي معرض تعليقه على ما أعلنه الرئيس رئيسي عن زيادة تجارة بلاده مع روسيا، قال مقدم إن ما تم الإعلان عنه هو مجموع التجارة الخارجية مع روسيا، دون التطرق إلى الفترة الزمنية وحجم صادرات إيران إلى روسيا ووارداتها منها، مما يعني أن حجم صادرات موسكو إلى طهران أكثر بكثير مما تستورده منها.
مستقبل واعد
في المقابل، وصف رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية في وكالة مهر الإيرانية محمد حسين سيف اللهي الخطوات التي اتخذتها حكومة رئيسي للنهوض بالعلاقات التجارية مع روسيا، بأنها “فتية ولن تثمر على المدى القريب”.
وأوضح سيف اللهي -للجزيرة نت- أن الواقع التجاري والاقتصادي الحالي في علاقات طهران مع موسكو إنما هو نتيجة السياسات السابقة، وأن تنفيذ التفاهمات الأخيرة قد يستغرق أعواما، مستدركا أن العقوبات الغربية المفروضة على البلدين تشكل حافزا كبيرا للتعاون من أجل إبطال مفعولها.
وأضاف أن بلاده تمكنت حتى الآن من تخفيف وطأة العقوبات الغربية، إلا أن الوقت للحديث عن تجاوزها لا يزال مبكرا، مؤكدا أنه لا أثر يذكر على المدى القريب لانضمام إيران إلى منظمة شنغهاي على الاقتصاد الوطني.
وخلص إلى أنه مع استمرار الأزمة الروسية مع الغرب، ستلعب موسكو دورا إيجابيا في إبطال مفعول العقوبات الغربية المفروضة على كل من إيران وروسيا، مستدركا أن المشاريع المشتركة بين طهران وموسكو -ولا سيما في مجال الطاقة- سوف تستغرق وقتا طويلا حتى تنعكس إيجابا على الاقتصاد الإيراني.