الاخبار العاجلةسياسة

شعبية في الحضيض وأخطاء متكررة.. هل انهار حلم ليز تراس بلقب “المرأة الحديدية”؟

لندن – وضعت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس نفسها في موقف لا تُحسد عليه؛ فبعد أن أكدت في أكثر من حوار صحفي مع انطلاق المؤتمر السنوي لحزب المحافظين الأحد الماضي أنها لن تتراجع عن خطتها الضريبية المعروضة في “الميزانية المصغرة”، عادت لتعلن صباح أمس الاثنين التراجع عن منح إعفاءات ضريبية للأغنياء في البلاد.

واعترفت تراس بالخطأ في طريقة تقديمها الميزانية المصغرة والمثيرة للجدل، والتي أدت لانهيار تاريخي في قيمة الجنيه الإسترليني، إلا أن هذا الإقرار لم يخفّف من الغضب الشعبي على سياسات حزب المحافظين.

وعبّر البريطانيون عن هذا الغضب بالتظاهر أمام مقر إقامة مؤتمر حزب المحافظين في مدينة بيرمينغهام، لدرجة أن وزير الطاقة والتجارة جاكوب ريز موغ اضطر إلى الاستعانة بالشرطة للوصول إلى مقر المؤتمر بعد أن حاصره المحتجون.

ويلتقي المحافظون هذه السنة في ظروف استثنائية، بل مصيرية، ستحدد مستقبل حكمهم لبريطانيا، الذي دام لأكثر من 12 عاما.

عشرة مرشحين يتنافسون على زعامة حزب المحافظين ببريطانيا
حزب المحافظين يعقد مؤتمره في ظروف مصيرية قد تحدد مستقبل حكمه لبريطانيا الممتد منذ سنوات (الجزيرة)

تمرد في وجه تراس

ظلّت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس وفيّة لخطها السياسي في اتخاذ المواقف ثم التراجع عنها، فبعد أيام من الدفاع عن خطتها لمنح الطبقة الغنية إعفاءات ضريبية، عادت للاعتراف بأنها أخطأت في طريقة تقديم خطة المالية الجديدة، وتراجعت عن قرار خفض الضريبة على الدخل بالنسبة للأغنياء.

وتواجه تراس حالة من التمرد في صفوف البرلمانيين من حزبها الرافضين خطتها الاقتصادية وتبعاتها، ومن المتوقع أن يعقد العشرات منهم مؤتمرا للتعبير عن معارضتهم الخطط الاقتصادية للحكومة.

وكان مايكل كوف، من أشد المنتقدين لخطة ليز تراس، وهو الذي يعد من قيادات حزب المحافظين وسبق أن تقلد عددا من المناصب الوزارية. إذ أعلن صراحة أنه سيصوت ضد “الميزانية المصغرة” التي تقترحها تراس، مضيفا أن الحكومة اتخذت القرار الخطأ عندما قررت أن تمنح إعفاءات ضريبية للأغنياء في وقت يعاني فيه الملايين في البلاد.

بالمقابل، انهالت عاصفة من الانتقادات على رئيسة الحكومة الجديدة لأنها أعلنت التراجع عن خطتها الاقتصادية، ذلك بأن عددا من أنصارها والمقربين منها اعتبروا هذا التراجع “إهانة لها ولحكومتها”، وسيزيد من انعدام الثقة فيها، خصوصا وأن تراس تراجعت عن مواقف أخرى خلال حملتها للوصول إلى رئاسة الوزراء.

انقسام وانتخابات مبكرة

كان لافتا غياب وزير الخزانة السابق ريشي سوناك عن أشغال حزب المحافظين، وهو الذي أصبح أحد الوجوه البارزة في الحزب وكان قاب قوسين أو أدنى من الوصول لزعامته، إضافة لعدد من نواب الحزب، وذلك احتجاجا على سياسات حكومة ليز تراس.

ويُظهر غياب سوناك ومن يواليه من البرلمانيين حجم الانقسام الحاصل في حزب المحافظين، والذي يهدد ليز تراس بحدوث تمرد ضدها إذا لم تنجح في طمأنة كتلتها البرلمانية بأنها قادرة على الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية.

في المقابل أعلنت وزيرة الثقافة السابقة نادين دوريز دعمها لذهاب البلاد نحو انتخابات عامة مبكرة، على غرار سنة 2019، والتي منحت حزب المحافظين أغلبية مطلقة حينها.

وتبرر الوزيرة المثيرة للجدل رأيها هذا بأن البرنامج الانتخابي لحزب المحافظين لعام 2019 لم يتم تطبيق أجزاء كبيرة منه بسبب الاضطرابات الكبيرة في الحكومة البريطانية خلال الأشهر الماضية، وأن ليز تراس ليس عليها أن تبقى مقيدة بخطط وضعها بوريس جونسون.

لكن الانتخابات المبكرة تثير الكثير من التحفظ في صفوف حزب المحافظين، خصوصا وأن الحزب لا يمر بأفضل أيامه أمام تزايد الغضب الشعبي على أداء الحكومات المتعاقبة.

وما يزيد من الضغط على حزب المحافظين هو النجاح الكبير لمؤتمر حزب العمال المنعقد قبل أسبوعين، والذي خرج منه الحزب أكثر قوة ووحدة وببرنامج واضح للتعامل مع أزمات البلاد في حال إجراء انتخابات مبكرة.

استطلاعات الرأي تظهر تقدم حزبي المحافظين والعمال بالانتخابات العامة
استطلاعات الرأي تظهر تقدم حزب العمال على المحافظين في أي انتخابات مبكرة (الجزيرة)

شعبية في الحضيض

تتفق كل استطلاعات الرأي على أن إجراء أي انتخابات سابقة لأوانها سيعطي الصدارة لحزب العمال، وإن اختلفت النسب في ذلك، إلا أن الأرقام تظهر حجم غضب متزايد ضد هذا الحزب وسياساته.

وأظهر استطلاع رأي أنجزته مؤسسة “يو بول” لصالح صحيفة “تايمز” (Times) البريطانية، أن المحافظين متخلفون بفارق 9 نقاط عن حزب العمال، وهي الأرقام المشابهة لتلك التي دفعت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي إلى الاستقالة والإعلان عن إجراء انتخابات سابقة لأوانها.

ومؤخرا، أعطت عدة استطلاعات للرأي الأسبقية لحزب العمال، آخرها مع بداية مؤتمر حزب المحافظين، وأظهر أن حزب العمال سيتصدر الانتخابات المقبلة بفارق 23 نقطة، وهو أكبر فارق يحققه هذا الحزب منذ 2010 عندما استلم ديفيد كامرون رئاسة الوزراء.

ويعتبر مؤتمر المحافظين الفرصة الأخيرة للحزب ككل ولليز تراس شخصيا لتظهر كقائدة جديدة له أو بصورة “المرأة الحديدية” فيه، وإلا فالبديل هو العد العكسي للإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى