مجتمع

إمام المسجد النبوي: لا يستطيع أحد أن يحيط بمحاسن النبي الكريم

قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد بن طالب بن حميد -في خطبة الجمعة-: إن أحدا من الناس مهما علا فضله واتسع علمه وكمل عقله لا يستطيع أن يحيط بمحاسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يستقصي أنواع كماله وألوان جماله صلى الله عليه وسلم، بل كلهم عاجز عن التعبير عن تلك المعاني المحمدية والصفات المصطفية، فالله تولى إقراءه فقال سبحانه: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”، وحفظ له ما اقرأه فقال: “سنقرئك فلا تنسى”، وتولى تعليمه فقال: “لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فاذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه”، وإن المقام المذكور في قوله تبارك وتعالى: “قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي”، ليدل على موضع الاعتبار في شأن هذا الرسول المختار، الذي هيأه ربه وأهله وأعده وأمده في روحه وجسمه وعقله وفهمه وسمعه وبصره وسائر مداركه وجوارحه وجوارحه، ووهبه التمكين لتلقي الوحي عن رب العالمين، والله تبارك وتعالى أمر العباد باتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وجعل اتباعه آية محبتهم لله ورسوله فقال عز وجل: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم”، “قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين”، وذلك باتباع أقواله وأفعاله وأحواله وتعرف سجاياه الكريمة وأخلاقه العظيمة ليتأسى به ويتبع ولا يخالف عن أمره ولا يبتدع.

وأضاف: حق حب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون فوق محبة النفس والآباء والأبناء والأزواج والعشيرة والتجارة والأموال، ولا ريب أن أسباب المحبة ترجع إلى أنواع الجمال والكمال والنوال التي اجتمعت في مجمع صفات الكمال، ومحاسن الخصال صلى الله عليه وسلم، من أبدع الله تعالى صورته العظيمة وهيئته الكريمة وطوى فيه أنواع الحسن والبهاء والطهر والنقاء صلى الله عليه وسلم، وكلما زادت المعرفة بمحاسن المحبوب زادت المحبة له، وبذكر شمائله صلى الله عليه وسلم وسماع أوصافه ونعوته تحيا قلوب المحبين وتطرب أرواحهم وعقولهم ويزداد حبهم ويتحرك اشتياقهم وإن الله تبارك وتعالى خلق نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم في أجمل صورة بشرية، وأكمل خلقة آدمية، وأجمعت كلمة واصفيه أنه لم يرى له مثيل سابق ولا نظير لاحق فقد كان أحسن الناس خلقا وخلقا، فلم يرى شيء قط قبله ولا بعده أحسن منه ولا مثله صلى الله عليه وسلم، فهو أجود الناس صدرا وأصدقهم لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، حلو المنطق كلامه فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، أبهى الناس وأجملهم من بعيد وأحسنهم من قريب لا تشنؤه عين من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين فهو أنضر الناس منظرا وأححسنهم قدا، إذا قال استمع لقوله وإذا أمر ابتدر أمره.

اقرأ ايضاً
أمير الرياض يستقبل سفير جمهورية الجزائر لدى المملكة

وتابع: كان عظيم الحلم، وما انتقم لنفسه من شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى، وكان أحسن الناس وأجودهم وأشجعهم، ما سئل شيئا إلا أعطاه، وكان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، فما رؤي أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أصحابه إذا أمت بهم الملمات وأحاطت بهم المخاوف لاذوا بجنابه الرفيع واحتموا بحماه المنيع صلى الله عليه وسلم، وكان أعدل خلق الله في حقوق العباد قواما بالقسط منتصرا للحق، رحيما بالأهل والعيال والصبيان والأيتام، وربما بكى لمرض بعض أصحابه أو موتهم، “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، وكان عليه الصلاة والسلام الناس أعظم الناس حياء لأنه أعظمهم إيمانا، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها لا يواجه أحدا بما يكرهه، فكان حياؤه حياء محبة وإجلال وعبودية وحشمة، عظيم المهابة، توجه الله تاج العزة والكرامة وكساه حلة الفخامة، دائم الخشوع والانكسار والتواضع للعزيز الغفار في سائر مواقفه الكريمة ومشاهده العظيمة وصلواته وعبادته صلى الله عليه وسلم، قال الله اعز وجل: “والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى”، إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، محفوفا بالكرامة الإلهية، ومعنيا بالعناية الربانية، إرهاصا لنبوته وتمهيدا لرسالته وإعلانا بعظيم مرتبته، وأن له صلى الله عليه وسلم شأنا كبيرا، فهو دعوة أبيه إبراهيم، وبشارة أخيه عيسى، ورؤيا أمه وكانت رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام، إشارة إلى ما يجيء به من ذلك النور الذي يهدي به العالم.

مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى