الاخبار العاجلةسياسة

بعد قرار أوبك بلس خفض الإنتاج.. كيف سترد واشنطن؟

واشنطن- بعد دقائق من إعلان تجمع أوبك بلس خفض الإنتاج اليومي بمقدار مليوني برميل، خرجت الكثير من التصريحات والتعليقات من مختلف دوائر صنع القرار الأميركي للتعليق على هذه الخطوة غير المتوقعة.

وتساءل عدد من المعلقين عن المقصود من خفض إنتاج أوبك، وهل تمثل تلك الخطوة ازدراء للولايات المتحدة شاركت فيه دول خليجية حليفة؟ وماذا يمكن لواشنطن أن تفعله الآن؟

وستشاور إدارة الرئيس جو بايدن الكونغرس بشأن الأدوات والسلطات الإضافية التي تخفف من سيطرة منظمة أوبك على أسعار الطاقة.

وأشار بيان للبيت الأبيض، صدر أمس الأربعاء، إلى أن خطوة أوبك بلس تمثل “تذكيرا يحتم على الولايات المتحدة أن تقلص اعتمادها على المصادر الخارجية من الوقود الأحفوري، والآن مع تمرير قانون خفض التضخم، باتت واشنطن في وضع يتيح لها القيام بأهم استثمار في تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة وزيادة أمن الطاقة، و”ذلك من خلال زيادة اعتمادنا على الطاقة النظيفة وتقنيات الطاقة التي يتم صنعها وإنتاجها في الولايات المتحدة”.

عقاب وضغط على الحلفاء

وانتقد مسؤولو البيت الأبيض التخفيضات في الإنتاج، ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير القرار بأنه يصطف مع روسيا، واتهمت الدول الأعضاء الحليفة بمنظمة أوبك بالتحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودعمه في الحرب على أوكرانيا.

من ناحية أخرى أثار القرار حفيظة واشنطن لدفعه الأسعار للارتفاع، وسط مخاوف من انكماش اقتصادي عالمي، ومخاوف من تأثيرات سلبية على الناخبين الأميركيين الذين يتجهون في الثامن من الشهر القادم لانتخاب كونغرس جديد.

وكان موقع أكسيوس الإخباري قد أشار إلى أن اثنين من كبار مستشاري الرئيس بايدن قد زارا العاصمة السعودية قبل 10 أيام فقط في محاولة فشلت للتأثير على المملكة السعودية حتى لا يتم تخفيض إنتاج النفط، وأشار الموقع إلى أن بيان البيت الأبيض عقب إعلان قرار أوبك بلس لم يكن بيانا عاديا وكان استثنائيا، إذ خرج موقعا من مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومدير المجلس الاقتصادي الوطني براين ديز، هذه على غير عادة بيانات الإدارة الأميركية.

وقال جورجيو كافييرو، المدير التنفيذي لمركز تحليلات دول الخليج العربي بواشنطن، للجزيرة نت إن هناك أيضا أسئلة حول الخطوات التي قد تتخذها الولايات المتحدة لجعل الرياض تدفع ثمن خطط أوبك بلس لخفض إنتاج النفط.

وذكر كافييرو أنه “وبالنظر إلى أن الهدنة في اليمن انتهت صلاحيتها في بداية هذا الشهر، فإن الوضع الخطير وغير المؤكد في البلد الذي مزقته الحرب يمكن أن يترك المملكة العربية السعودية عرضة لهجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية”، ويعتمد السعوديون على الولايات المتحدة، الضامن الأمني للمملكة، للحصول على الحماية، وهذا الواقع يمنح واشنطن بعض النفوذ الذي يدعو عدد من المشرعين الأميركيين إدارة بايدن إلى استخدامه من أجل التأثير على سياسات الطاقة السعودية”.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار حسين إبيش، كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إلى أن قرار أوبك بلس “تم اتخاذه في سياق الأوضاع الدولية الحالية، ومن السهل تخيل، ربما خلال عدة أشهر فقط، ظروف مغايرة تنتج حسابات مختلفة تماما لدول الخليج”.

اقرأ ايضاً
طالبت بتحقيق العدالة في مقتل شيرين أبو عاقلة.. ماذا قالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا عن إسرائيل؟

محدودية خيارات أميركا على الرد

وأكد إبيش أنه “ليس لدى واشنطن الكثير من الأدوات للرد على قرار أوبك بلس، لأن السلعة قابلة للاستبدال والمنتجون الوحيدون الذين لديهم مساحة كبيرة للمناورة من حيث التوسع بدلا من تقليص الإنتاج هم دول الخليج”.

واعتبر أبيش في حديثه أن “ما يمكن أن تفعله واشنطن هو التعبير عن عدم رضاها ثنائيا، من حيث مبيعات الأسلحة المحتملة، والتعاون المتعلق بالأمن وغيرها من أشكال التعاون التي لا ترغب دول الخليج في تقليلها، ومع ذلك، فإن المستويات التي تجري بها هذه الأشكال من التعاون الأمني حاليا مفيدة للطرفين، مما يعني أن واشنطن ستعاني على الأقل من أي انسحاب بقدر ما قد تعاني منه الإمارات والسعودية. لذلك، من الصعب استخدام هذه الأدوات، في المدى القصير، خاصة أن مثل قضايا تسعير النفط تكون مؤقتة”.

وتوقع أبيش أنه ربما يتغير الوضع الجيو-إستراتيجي كليا مع حلول فصل الشتاء في أوروبا، حيث إن تأثير انخفاض الإمدادات التي تلبي الطلب المستمر أو حتى المتزايد سيعني معاناة اقتصادية واجتماعية حقيقية لملايين الناس العاديين، ويمكن أن يغير ذلك حسابات بعض الأطراف.

“يمكن أن يأتي الضغط على الدول الخليجية من الأوروبيين بمثل ما يأتي من الولايات المتحدة. ويمكن أن يحدث تأثيرا يدعم الرأي القائل إنهم يدعمون عدوان روسيا ضمنيا، أو على الأقل يشتركون في نوع من القضايا الاقتصادية المشتركة معها لأسباب لا علاقة لها بالحرب الأوكرانية، بطرق مختلفة”، يقول أبيش.

واعتبر أن الصورة كلها يمكن أن تتغير حال اضطرت موسكو إلى التصالح مع كييف، وأضاف في حديثه للجزيرة نت “في ظل هذه الظروف، فإن النظر إلي قرار أوبك على أنه داعم لروسيا سيتغير، وفي الواقع، عند هذه النقطة، سوف يتطلع الأوروبيون إلى الوصول إلى الطاقة الروسية بأنفسهم، وسيكون من الصعب انتقاد أعضاء أوبك بشكل مفرط”.

زيادة إنتاج النفط وتقليل تصدير المنتجات النفطية الأميركية المكررة

وطالما هدد أعضاء جمهوريون وديمقراطيون بضرورة اللجوء لتبني تشريعات لمواجهة ما يرونه مخالفات قواعد المنافسة ضد أوبك، إلا أن عددا من المراقبين اعتبروا هذه الجهود “لا معنى لها”، وأنه إذا أرادت واشنطن ممارسة “ضغط حقيقي” على المنتجين الخليجيين الرئيسيين، فإن الولايات المتحدة عليها أن تبدأ في حجب بعض المساعدات الأمنية والتعاون العسكري.

من جانبه، قال السيناتور الديمقراطي إد ماركي إنه سيعيد تقديم مشروع قانون لمطالبة الممثل التجاري الأميركي بمتابعة ملف ممارسات الدول المنتجة للنفط الاحتكارية والمناهضة للمنافسة.

كما دعا السيناتور الديمقراطي جو مانشين أمس الأربعاء إلى استثمار المزيد من الموارد الأميركية في إنتاج المزيد من وسائل الطاقة الأحفورية. وقال مانشين في بيان له “إعلان اليوم من أوبك بلس يؤكد لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستقلة وآمنة للطاقة حتى لا يتم تخويفنا من قبل الخصوم الأجانب”.

وقال جورجيو كافييرو في حديثه للجزيرة نت إن “البيت الأبيض درس تقييد صادرات المنتجات النفطية المكررة. وقد ناقش المسؤولون في فريق بايدن هذا الاحتمال مع منتجي النفط. وإدراكا منها للقرار الأخير الذي اتخذته أوبك بلس، يبدو من المرجح أن تتخذ حكومة الولايات المتحدة هذه الخطوة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى