ستراتفور: التعبئة العسكرية ستخلق تحديات ديمغرافية واقتصادية سيئة لروسيا
يتوقع المراقبون أن تؤدي التعبئة العسكرية في روسيا إلى زيادة الضغوط الاقتصادية في البلد على المدى القريب وأن يتفاقم الضرر الذي تلحقه بالاقتصاد على المدى البعيد.
ووفق تقرير نشره مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية الأميركي -في موقعه الإلكتروني- فإن الضغوط الاقتصادية من شأنها زيادة التحديات الديمغرافية في روسيا وزيادة هجرة الأدمغة، وقد تؤدي إلى نقص كبير في القوى العاملة وإطلاق موجات من الهجرة الداخلية.
وقد أعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أن سلطات بلاده جندت 200 ألف شخص من القوات المسلحة في إطار “التعبئة العسكرية الجزئية” التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي يفترض أن تشمل استدعاء 300 ألف جندي احتياطي من ذوي الخبرة العسكرية للقتال في أوكرانيا.
فرار جماعي
وأشار المركز -المعروف اختصارا بـ”ستراتفور” (Stratfor) إلى أن تقارير إخبارية نقلت عن مسؤولين في الرئاسة الروسية -في نفس اليوم الذي أعلن فيه شويغو عن حصيلة التجنيد العسكري- أن نحو 700 ألف روسي قد غادروا البلاد خلال أسبوعين من إعلان التعبئة في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
وما زالت الهجرة الجماعية مستمرة، إذ ما تزال طوابير المواطنين الروس الطويلة تشاهَد على جميع الحدود البرية الروسية تقريبا، وسط تقارير تفيد بأن بعض القوات التي تم حشدها حديثا لم تتلق التدريب الكافي ولا تسلمت المعدات العسكرية اللازمة قبل إرسالها إلى جبهات القتال.
كما تشير التقارير إلى أن الرقم الذي أعلن عنه الرئيس الروسي (تجنيد 300 ألف شخص) رقم أولي في المرحلة الأولى للتجنيد، وأن السلطات تنوي التوسع في الاستدعاءات العسكرية في الأشهر المقبلة مع استمرار التحديات العسكرية التي تواجهها القوات الروسية في أوكرانيا وفق تقرير ستراتفور.
وبالرغم من جهود الكرملين للتخفيف من وقع التعبئة العسكرية على الشعب الروسي، فإن ستراتفور أبرز أن تلك الخطوة قوبلت باحتجاجات شعبية استمر بعضها لعدة أيام في بعض المناطق وأسفرت أحيانا عن اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن.
كما نفذت هجمات محدودة النطاق على قوات الأمن في بعض المدن بمناطق مختلفة في روسيا، غير أن تلك الاضطرابات لم تثن السلطات الروسية عن مواصلة سياساتها المتعلقة بالتعبئة ومن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى تغيير في تلك السياسات في المستقبل.
تداعيات مؤلمة
وعن تداعيات التعبئة على الصعيدين الاقتصادي والديمغرافي في روسيا، قال الموقع إن التأثيرات السيئة للحرب في أوكرانيا ستكون مؤلمة وطويلة الأمد على الشعب الروسي وعلى اقتصاده.
فخلافا لتداعيات جائحة كورونا، التي كان تأثيرها الأكبر على كبار السن، فإن من يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية في أوكرانيا هم من الشباب الذكور الذين هم في قمة عطائهم وإنتاجهم الاقتصادي.
ومن المحتمل أن يُقتل العديد ممن يتم تجنيدهم من الشباب في المعارك الطاحنة الدائرة في أوكرانيا، أو يصابون بجروح بليغة تحد من قدرتهم على تكوين عائلات أو شغل وظائف معينة عندما يعودون من الحرب.
وأبرز تقرير ستراتفور أن الخسائر المتزايدة في أرواح الجنود الروس من الرجال الذين هم في سن الإنجاب والإنتاج والمساهمة في اقتصاد البلد لا يقتصر ضرره على تراجع القوى العاملة في روسيا فحسب، بل سيؤدي إلى انخفاض معدلات المواليد في البلاد.
وقال المركز إن مئات الآلاف الذين فروا من روسيا هربا من التجنيد العسكري معظمهم من الشباب الثري والمتعلم، مما يفاقم المشكل الديمغرافي والاقتصادي في البلاد.