رسالة تحذيرية إلى الملك تشارلز الثالث.. رفض إسلامي ومسيحي فلسطيني لنقل السفارة البريطانية للقدس
القدس المحتلة- أرسل مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، رسالة إلى الملك البريطاني تشارلز الثالث، عبّر فيها المجلس والهيئات الإسلامية عن مخاوفهم ورفضهم نية رئيسة وزراء بريطانيا ليزا تراس نقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وكُتبت الرسالة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم سلمها مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى عزام الخطيب في 12 أكتوبر/تشرين الأول إلى ديان كورنر التي تتولى منصب القنصل البريطاني العام، ثم أعلنت الدائرة عنها ونشرت فحواها عبر منصاتها الرسمية أمس الأحد.
مخالفة للقانون الدولي
ونشرت الرسالة باللغة الإنجليزية وختمت باسم عزام الخطيب ومفتي القدس وفلسطين محمد حسين، ورئيس مجلس أوقاف القدس عبد العظيم سلهب، الذين طالبوا بريطانيا “باتخاذ موقف تاريخي لإنهاء الاحتلال وإحلال السلام الشامل والعادل”، مضيفين أن ما صدر عن رئيسة الوزراء البريطانية ليزا تراس يعد موقفا منحازا للاحتلال وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والإنساني، وتنصلا من المسؤوليات التاريخية للمملكة المتحدة، وامتدادا لبيان حكومة الانتداب البريطاني على البلاد.
وسردت الرسالة حقائق تاريخية حول الوضع القائم منذ عام 1852، مرورا باحتلال القدس عام 1967 ومحاولات تغيير الوضع القائم حتى اليوم، ولخصت هدفها بالقول “نعارض نقل السفارة لأننا نفهمها كرسالة إلى العالم مفادها أن المملكة المتحدة خلافا للقانون الدولي والوضع الراهن تقبل استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، والضم الإسرائيلي أحادي الجانب، وإجراءات التهويد في المدينة المقدسة، هذه الخطوة تقوض حل الدولتين، وتؤجج الصراع الديني والوضع غير المستقر في القدس وبقية الأراضي المحتلة”.
تحذير وتذكير
وبعد توقيعه على الرسالة أكد مفتي القدس وفلسطين محمد حسين للجزيرة نت على مضمونها التحذيري والتذكيري قائلا “هدفنا هو تحذير بريطانيا من إقدامها على مثل هذه الخطوة، التي تمثل اعتداء على حق الفلسطينيين والعرب في القدس وإنكار أنها أرض محتلة، ونقول لها إن هذه خطوة غير مقبولة وموجه ضد مصالح الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية ويجب أن تتنبه لها”.
ويوضح المفتي بأنه وقادة الأوقاف الإسلامية في القدس تأكدوا من استلام الملك البريطاني تشارلز الثالث للرسالة، متأملا أن تلقى ردا إيجابيا. وأضاف “يجب أن تعلم بريطانيا أن خطوتها المحتملة تلك ستؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، ولها في وعد بلفور عبرة”.
خطوات أخرى
يؤيد رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات ما جاء في الرسالة، ويبين للجزيرة نت أهميتها وتوقيتها المناسب وتعبيرها عن موقف الشعب الفلسطيني، لكنه يرى أنها يجب أن تتبع بعدة خطوات؛ منها المطالبة باعتذار بريطانيا عن وعد بلفور، واستنكار ومحاربة الأذى الذي يمارسه الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، إلى جانب تفعيل دور الشعب البريطاني كداعم للتحرر والحريات.
ويضيف بكيرات مؤكدا “يجب أن تتبع الرسالة أيضا باحتجاجات من كافة المنظمات الرسمية وأصحاب القرار قبل أن يقع الفأس في الرأس، تاريخ بريطانيا أسود مع الشعب الفلسطيني وبدل أن ترسخ الاحتلال يجب أن تقف مع الضحية ضد الجلاد، نحن نرى أن ما يقوم به الاحتلال من اعتداءات وانتهاكات في القدس وفلسطين ما هو إلا نتيجة دعم بريطانيا وغيرها من الدول التي انحازت إلى رواية الاحتلال”.
دعوة لقطع العلاقات
من جانبه علّق رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري على احتمال نقل السفارة البريطانية إلى القدس المحتلة قائلا “هذا الأمر ليس غريبا على بريطانيا التي مهدت لقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، القرار متوقع برأيي، ونحن كفلسطينيين نعتبر أن بريطانيا هي أول دولة آذتنا وهي سبب مشاكلنا ومآسينا”.
وعن رمزية القرار قال صبري للجزيرة نت إن تلك الخطوة تعني إقرارا من بريطانيا بيهودية القدس وتثبيتها عاصمة لدولة إسرائيل رغم أنها محتلة فعليا وحسب القانون الدولي، وذلك بعدما منحت أرضَ فلسطين للشعب اليهودي إبان وعد بلفور.
وأضاف خطيب الأقصى “هذا اعتداء فوق اعتداء، لو كانت الدول العربية تملك شيئا من الكرامة لقطعت علاقتها مع بريطانيا، ولكن لا يوجد موقف عربي موحد يلزم بريطانيا ويجبرها على التراجع عن هذه الخطوة الخطيرة”.
اعتراض مسيحي
وفي ذات السياق أصدر مجلس بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بيانا لدعوة مراجعة موقع السفارة البريطانية في إسرائيل، قيل فيه إن هذا التوجيه جاء استجابة لطلب مجموعة “أصدقاء إسرائيل المحافظين”، الذين يسعون إلى نقل السفارة من موقعها الحالي في تل أبيب إلى موقع جديد في القدس.
ويقول المجلس الكنسي إن المسيحيين عاشوا ألفي عام في ظل العديد من الإمبراطوريات والحكومات المختلفة في القدس، وساعدهم الوضع القائم (الستاتيكو) على الانسجام في المدينة ونسج العلاقات الجيدة بين المجتمعات الدينية حول العالم.
وختم البيان “ينظر المجلس إلى هذه الخطوة كعائق إضافي أمام عملية السلام المحتضرة بالفعل. وبدلا من تخصيص موارد حكومية قيّمة لمثل هذا المسعى الذي يأتي بنتائج عكسية، نشجع رئيسة الوزراء البريطانية والحكومة على مضاعفة جهودها الدبلوماسية لتسهيل استئناف العملية السياسية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية من أجل المضي قدما في إطار زمني محدد ومرحلي لمبادرة سلام جدّية وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.