معارك ضارية في دونيتسك وخيرسون
بالتزامن مع تفاقم حدة المعارك على طول خطوط التماس الروسية – الأوكرانية، خصوصاً حول منطقتي دونيتسك وخيرسون، واصلت موسكو الاثنين الضغط العسكري المباشر على المدن الأوكرانية عبر توسيع قائمة الأهداف التي تم قصفها باستخدام مسيرات انتحارية. في الوقت ذاته، شهد الوضع في المناطق الحدودية المجاورة نشاطاً متزايداً أيضاً مع استمرار حشد القوات الروسية البيلاروسية المشتركة قرب المناطق الحدودية في مناطق الشمال الأوكراني، في حين فاقم تزايد معدلات الضربات أخيراً في مناطق الغرب وخصوصاً حول أوديسا، من قلق مولدافيا المجاورة التي أعلنت أنها طلبت مساعدة من «شركاء» لمساعدتها في مواجهة مخاطر محتملة من اتساع رقعة المعارك.
وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أن حوالي 170 دبابة و200 عربة قتالية مدرعة ومئات القاذفات من طراز «هاون» وصلت إلى بيلاروسيا في إطار عمليات نشر «مجموعة القوات البيلاروسية – الروسية المشتركة» قرب المناطق الحدودية مع أوكرانيا. وأفاد مساعد وزير الدفاع البيلاروسي فاليري ريفينكو بأن «إجمالي عدد القوات التي ستصل إلى بيلاروسيا زاد على تسعة آلاف عسكري».
وقال ريفينكو إن معظم مقترحات وزارة الدفاع البيلاروسية في ظل الظروف الحالية للوضع العسكري والسياسي الدولي، بشأن ضرورة الحوار (مع الشركاء الغربيين) وتهدئة التوتر لم يتم قبولها، مضيفاً أن «النتيجة هي نشر قوات إقليمية».
وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو قد قال أسبوع، إنه اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نشر مجموعة قوات إقليمية مشتركة «على خلفية توتر الوضع الأمني على الحدود الغربية لبيلاروسيا».
وأعلنت موسكو ومينسك في وقت سابق، عن نقل مجموعات من وحدات الطائرات والمدفعية وسلاح المشاة إلى المنطقة. وسط مخاوف أوكرانية من أن تكون الخطوة مقدمة لتوسيع انخراط بيلاروسيا في المعارك الجارية.
وفي تطور لافت على الطرف الغربي من الحدود الأوكرانية، أعلنت رئيسة مولدوفا مايا ساندو بأن بلادها «مستعدة لاستخدام تدابير حماية في حالة التعدي المحتمل على أراضي وسيادة الجمهورية من قبل روسيا الاتحادية». وقالت ساندو رداً على سؤال الصحافيين بشأن عبور صواريخ روسية أطلقت على مناطق جنوب غربي أوكرانيا فوق الأراضي المولدافية إن «أمن مواطنينا أولوية، منذ الأسابيع الأولى للحرب ونحن نطلب من الشركاء مساعدتنا في تعزيز قدراتنا الدفاعية. آمل ألا نصل إلى ذلك، ولكن إذا جازفت روسيا بالتعدي على سيادة مولدوفا وسلامة أراضيها، فنحن حينها سنستخدم تدابير وقائية»، وأشارت إلى أن بلادها «تبحث مع الشركاء» آليات تعزيز القدرات الدفاعية.
وأوضحت أن «السلطات تتفاوض مع شركاء لتعزيز قطاع الدفاع»، لكنها زادت أنها «ليست مستعدة بعد للإعلان عن تفاصيل».
وفي وقت سابق، أفادت وزارة الدفاع في مولدوفا بأن ثلاثة صواريخ أطلقت من سفن في البحر الأسود عبرت أجواء مولدافيا لضرب أهداف في أوديسا (جنوب غرب) وأعلنت الخارجية المولدافية بعد ذلك، استدعاء السفير الروسي في العاصمة كيشيناو، أوليغ فاسنيتسوف، وتسليمه مذكرة عكست الموقف المولدافي، كما أعلنت السلطات أنها تدرس احتمال إغلاق المجال الجوي.
وكان برلمان مولدوفا قد فرض مع بداية الحرب في أوكرانيا حال الطوارئ في البلاد وتحدثت السلطات أكثر من مرة لاحقاً عن مخاوف من اتساع رقعة المعارك وامتدادها إلى مولدوفا. كما أصدرت تحذيراً قوياً للانفصاليين في إقليم بريدنيستروفيه الانفصالي المحاذي لمدينة أوديسا الأوكرانية من الانخراط في القتال إلى جانب القوات الروسية ضد أوكرانيا.
ميدانياً، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قواته «تخوض معارك ضارية» في منطقتي سوليدار وأرتيموفسك. وزاد أن الوضع في المنطقة «صعب للغاية لكن قواتنا صادمة في مواقعها». وتشهد المنطقة قتالاً عنيفاً منذ أيام، بعد نجاح القوات الروسية والقوات الانفصالية الموالية لها في وقف تقدم القوات الأوكرانية على عدة محاور في محيط خيرسون. وكانت أوكرانيا أعلنت عن إحراز تقدم واسع في المنطقة، استعادت معه عدة بلدات، لكن الجيش الروسي أعلن في المقابل أنه نجح في صد الهجوم. بعد ذلك تحول التركيز العسكري إلى محور دونيتسك حيث تحاول موسكو إحراز تقدم في هذه المنطقة التي تسيطر القوات الروسية على نحو نصف أراضيها.
وقال زيلينسكي في وقت سابق: «لا يزال الوضع صعباً للغاية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وخاصة على محور باخموت (الاسم الأوكراني لبلدة أرتيموفسك)، مازلنا صامدين في مواقعنا خلال الأيام الأخيرة».
في المقابل، قال أندريه ماروتشكو وهو قائد ميداني انفصالي أن القوات الروسية وحلفاءها «يتقدمون بثبات باتجاه مدينة أرتيموفسك».
وقال ماروتشكو، إن القتال كان يدور في ضواحي أرتيموفسك، وكانت القوات الأوكرانية تنسحب إلى الأجزاء الغربية والشمالية الغربية من المدينة.
وقال ناطق عسكري آخر في المنطقة إن «الجيش الروسي يقوم بإجلاء سكان المناطق الخاضعة لسيطرته في أرتيموفسك وسوليدار وعدد من القرى المحررة في تلك المنطقة».
بالتزامن، أفادت وزارة الدفاع الروسية الاثنين بأن قواتها استهدفت مواقع للتحكم تابعة للقوات الأوكرانية، وأنظمة الطاقة في أوكرانيا.
وجاء في إيجاز صحافي يومي لوزارة الدفاع الروسية أن «ضربات بأسلحة جوية وبعيدة المدى عالية الدقة أسفرت عن تدمير مواقع للتحكم تابعة للقوات الأوكرانية ونظام الطاقة في أوكرانيا».
ونقلت وسائل إعلام مقاطع فيديو تظهر قيام مدافعين يحملون أسلحة فردية مضادة للجو بمحاولات لإسقاط طائرات مسيرة هاجمت بعض المواقع في كييف ومدن أخرى.
وقال الناطق العسكري إن القوات الروسية دمرت موقعين قرب خاركيف تتمركز فيهما وحدات تابعة للواءين الميكانيكيين 14 و92، و«تمت تصفية حوالي 160 جندياً أوكرانياً خلال الهجوم».
وأشار إلى تصدي القوات الروسية لـ«محاولة هجوم فاشلة للقوات الأوكرانية في اتجاه ليسيتشانسك»، وقال إنه «تمت خلال المواجهات تصفية أكثر من 50 جندياً أوكرانياً و6 دبابات».
وفي اتجاه نيكولايف – كريفي روغ، قرب خيرسون، أحبطت القوات الروسية وفقاً للناطق محاولة من قبل وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية لاختراق الدفاعات التي أقامتها القوات الروسية بعد إعادة انتشارها في المنطقة.