هل حانت ساعة التعاون بين الحكومة الجديدة ومجلس الأمة في الكويت؟
تمر الكويت بمرحلة سياسية جديدة، بعد انتخابات مجلس الأمة الأخيرة وما أفرزته من دخول وجوه جديدة، وسيطرة المعارضة على نسبة كبيرة من المقاعد البرلمانية، وبعد إعادة التشكيل الحكومي -للمرة الثانية- خلال مدة لم تتجاوز 12 يومًا فقط، وشهدت دخول 12 وزيرًا في التشكيل الحكومي الجديد.
ويتطلع الشارع الكويتي إلى طي صفحة الماضي، والعمل بشكل واضح وسريع لحل قضايا جوهرية وملفات عديدة مثل الارتقاء بالمنظومة الصحية، وتطوير العملية التعليمية، وتوفير الرعاية السكنية للمواطنين، ومعالجة الشؤون الاقتصادية والاستثمارية، ومكافحة الفساد.
فهل ستتعزز حالة التفاؤل التي يعيشها الشارع الكويتي في المرحلة المقبلة، من خلال التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة الذي بدأت أولى جلساته اليوم؟
مرحلة مخاض
ويعتقد الدكتور أحمد المليفي، وهو وزير وعضو في مجلس الأمة السابق، أن البلاد مرت بمرحلة مخاض، بين مرحلتين: سابقة كان فيها كثير من الأخطاء والصراع البرلماني-البرلماني والبرلماني-الحكومي، والمرحلة الانتقالية الحالية التي أجريت فيها انتخابات مجلس الأمة، وكان فيها تغيير كبير بإقرار الانتخابات بالبطاقة المدنية -لأول مرة- وإبعاد العبث الذي كان يشمل الجداول الانتخابية، ومن ثم التعبير بشكل يعكس توجهات المنطقة الانتخابية لكل دائرة من الدوائر الانتخابية الخمس. كما ظهرت وجوه شابة جديدة، وانتهت الظواهر السلبية التي شهدتها الانتخابات السابقة، مثل إجراء الانتخابات الفرعية واستخدام المال السياسي.
وقال المليفي -للجزيرة نت- إن التشكيل الحكومي الجديد مرّ بمخاض من نتائج المرحلة السابقة، أدى إلى وجود إشكاليات دستورية ستنظر فيها المحكمة لاحقًا، ودور الانعقاد القادم لمجلس الأمة سيكون فيه كثير من القضايا الدستورية، سواء قضايا الطعن على العملية الانتخابية أو الإجراءات التي شُكّلت بها الحكومة، والمراسيم التي صدرت بتشكيلها، وتأجيل دور الانعقاد الأول لمجلس الأمة من 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى 18 من الشهر ذاته.
وأضاف المليفي “اليوم بعد تشكيل الحكومة بوجوه جديدة، هناك تفاؤل حذر بين أوساط الشعب الكويتي، لأن الحكومة لن تُمنح شيكًا على بياض، وأعتقد أن الانتقال الرئيسي للحكومة القادرة على الإنجاز لا يتعلق بأسماء الوزراء أو كفاءتهم فقط، بل بالعمل المؤسسي الكامل الذي ستنتهجه الوزارة، فاليوم يجب أن تكون للفريق الحكومي خطة واضحة بأهداف وجهاز رقابي، ولذلك عندما ننظر إلى رئيس مجلس الوزراء يجب أن ننظر إلى الرجال الذين حوله، وأعني بذلك المستشارين”.
ويرى المليفي أن من المهم أن يكون لرئيس الوزراء فريق على دراية كبيرة ونزاهة حتى يساعده في توجيه الأهداف بدقة، وفي الوقت المحدد. “ولذلك، ينبغي أن نتحدث عن تغيير إدارة البلد من إدارة فردية تعمل بردّات الفعل إلى إدارة جماعية تعمل بتخطيط ورسم سياسات ومتابعتها حتى وقت التنفيذ”.
أولويات معروفة
ويرى المحلل السياسي الدكتور فيصل الشريفي أن الحكومة بتشكيلها الجديد شهدت دخول مجموعة من الوزراء لأول مرة وهي أسماء قد تستفيد من الجو العام الداعم لمرحلة التعاون والاستقرار، بخاصة أن معظم الأولويات التي يطرحها الشارع الكويتي معروفة سلفًا، كما أن الحكومة لديها برنامج عمل ستقدمه أمام مجلس الأمة.
وأضاف -للجزيرة نت- أن أعضاء مجلس الأمة يعرفون أنهم تحت رصد الناخبين الذين منحوهم ثقتهم، وتحت مجهر الوعود التي أطلقوها خلال فترة الانتخابات، “لذلك هنا فرصة تاريخية للإنجاز بسبب ما لمسناه من صدق نوايا وإجراءات قامت بها الحكومة في الفترة الماضية بقيادة سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف، وأيضًا لرغبة النواب في تحقيق ما وعدوا به المواطنين، فضلا عن أن معظم الأولويات يمكن التعامل معها وترجمتها إلى أهداف متى ما كان برنامج العمل الحكومي قابلًا للتطبيق والقياس ومحددًا بالتكلفة المالية والمدة الزمنية”.
وأوضح الشريفي أن من المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة بعض الهدوء الذي سيفسح المجال أمام التعاون في الجوانب التشريعية، كما أن الرقابة والمحاسبة سوف تكونان على الأداء بعيدًا عن الشخصانية.
تعزيز التعاون
وترى المحامية أريج حمادة أنه يتضح من التشكيلة الوزارية الجديدة أن الحكومة تسعى إلى تعزيز التعاون مع مجلس الأمة عبر تعيين نواب في موقع وزراء في هذه الحكومة، وهم ينتمون إلى تكتلات سياسية معارضة للتوجه الحكومي، وأحدهم ينتمي إلى التكتل السياسي الإسلامي. كما أن ما يؤكد صحة هذه الخلاصة -وفق حمادة- هو تشكيل لجنة وزارية ثلاثية مؤلفة من الدكتور بدر الملا وبراك الشيتان وعمار العجمي، بهدف التنسيق بين الحكومة والبرلمان، وذلك يعني أن الكويتيين مقبلون على مرحلة انتقالية للتوجهات السياسية، تهدف إلى الانتقال من توجه معارض للحكومة إلى موالٍ لها.
وأضافت حمادة -للجزيرة نت- أن هناك فرقًا دائمًا بين النظرية والتطبيق، فمن يرى أن على الحكومة أن تخلق لها أغلبية دائمة في البرلمان ينسى التكلفة الضخمة لمثل هذا الخيار، مثل القفز على القوانين، كما حدث مرارًا وتكرارًا في الماضي عند توقف مسألة “التنفيع” التي يُرى أنها دواء، في حين أنها أكثر ضررًا من المرض ذاته.
خطاب تاريخي وواضح لسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح بإفتتاح #مجلس_الأمة_2022 و الحلو في خطابات الشيخ مشعل هو دائما يكرر ( الشعب الشعب الشعب) والذي يتضح معاه حبه للشعب وهذا اكثر شي الشعب الكويتي يحتاجه 🇰🇼❤️ و ختم كلمته بدعاء جميل و اللهم احفظنا من كيد الكائدين و حقد الحاقدين pic.twitter.com/PNg61FtHGW
— أريج عبدالرحمن حمادة🇰🇼 (@AreejHamadah) October 18, 2022
وأشارت إلى أن الحل الأمثل للتعامل الحكومي المستقبلي مع البرلمان هو أن تضرب الحكومة ومسؤولوها المثل والقدوة الحسنة في الشفافية والعمل الصحيح، وأن تعتمد نهج التضامن الحقيقي بين الوزراء مع ضرورة شرح برامجها بشكل متواصل في وسائل الإعلام ومحاولة العمل الجاد لتغيير الثقافة السلبية المتوارثة التي ترى في كل مشروع سرقة، وفي كل مسؤول حالة تجاوز، وعندئذ سيدعمها الشعب وسيضغط على ممثليه في مجلس الأمة لدعمها.
يُذكر أن سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد قد استقبل يوم الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في قصر بيان، سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف والوزراء في الحكومة الجديدة، لأداء اليمين الدستورية، وطالب الحكومة بالعمل على تحقيق مصالح الوطن العليا، وتطبيق القانون على الجميع بكل عدل ومساواة، وترسيخ مبدأ النزاهة والشفافية، والإسراع في تنفيذ الملفات ذات الأولوية.