محطة الخرسعة للطاقة الشمسية.. أحدث المشاريع القطرية في عالم الطاقة المتجددة
لم تمنع صدارة قطر للدول المنتجة والمصدرة للغاز في العالم من التوسع في المشروعات الخاصة بالطاقة المتجددة وضخ مزيد من الاستثمارات بها، والتي كان أبرزها مشروع محطة “الخرسعة” للطاقة الشمسية الذي افتتحه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ويأتي افتتاح مشروع محطة الخرسعة للطاقة الشمسية في إطار التوجه القطري نحو قطاع الطاقة المتجددة والاهتمام به، وزيادة الاستثمارات فيه، حيث تطمح الدوحة لبذل المزيد نحو تنمية مصادر هذا القطاع وتطويرها.
وتمثل محطة الخرسعة، التي تعد الأولى في قطر وواحدة من أكبر المحطات من نوعها في المنطقة، خطوة نحو تنفيذ إستراتيجية الدوحة للاستدامة، وتحقيق حزمة من الإيجابيات مثل توفير إنتاج الطاقة بأسعار تنافسية وتقليل الاعتماد على الغاز وتقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين البيئة المحيطة.
ويقول سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة إن محطة الخرسعة واحدة من مبادرات دولة قطر الإستراتيجية لبناء مشاريع تهدف إلى خفض الانبعاثات الغازية والحرارية.
وأوضح الكعبي، في تصريح بمناسبة تدشين محطة الخرسعة لإنتاج الطاقة الشمسية، أن المحطة ستسهم في تحقيق خفض في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون يقدر بنحو مليون طن سنويا.
وقبل نحو شهرين أعلنت قطر عن مشروع لإنشاء محطتين للطاقة الشمسية على أن تشرعا في إنتاج الكهرباء في نهاية 2024، وستنفذ المشروع شركة “سامسونغ” الكورية الجنوبية باستثمار بلغ 2.3 مليار ريال قطري (الدولار يساوي 3.65 ريالات).
وستبنى المحطتان في مدينتي مسيعيد وراس لفان الصناعيتين، حيث من المقرر أن تسهم المنشأتان في زيادة قدرة توليد الطاقة المتجددة في قطر إلى 1.67 غيغاوات بحلول 2024، علما بأن إستراتيجية قطر للطاقة تستهدف توليد 5 غيغاواتات من الطاقة الشمسية بحلول 2035.
محطة بسعة 800 ميغاوات
أما محطة الخرسعة فتقع غرب الدوحة على مساحة تتجاوز 10 كيلومترات مربعة، وبتكلفة إجمالية تقدر بنحو 1.7 مليار ريال قطري، حيث تتضمن أكثر من 1.8 مليون لوحة شمسية، وتقدر السعة الكلية للمشروع بنحو 800 ميغاوات.
وتم تثبيت الألواح الشمسية على قواعد معدنية تعتمد تقنية متابعة حركة الشمس من الشرق إلى الغرب، لتعزيز الاستفادة القصوى من مساحة الأرض وتعظيم الإنتاج اليومي من المحطة.
ومن المقرر أن ينتج هذا المشروع كهرباء تصل إلى 10% من ذروة الطلب على الكهرباء في البلاد، وذلك يعني القيام بدور مهم في تلبية الاحتياجات المحلية من إمدادات الطاقة والأهداف الإستراتيجية لقطر للطاقة للاستدامة والتي تتضمن إنتاج طاقة نظيفة، وتحقيق انتقال مسؤول إلى طاقة منخفضة الكربون.
ويتضمن المشروع أحدث الحلول في تكنولوجيا الطاقة الشمسية كاستخدام الألواح المزدوجة، وتطبيق أحدث الأنظمة الآلية لتعقب الشمس، إضافة إلى استخدام الروبوتات في عملية التنظيف المستمرة للألواح الشمسية باستخدام المياه المعالجة، وذلك بهدف تعزيز كفاءة المحطة وضمان استمرارية الإنتاج وتقليل كلفة التشغيل في المحطة.
دعم قطري للطاقة النظيفة
وكانت الدوحة وقعت في مطلع 2020 اتفاقية مع شركتي “توتال” (Total) الفرنسية و”ماروبيني” (Marubeni) اليابانية لتشييد المحطة، حيث كان مقررا افتتاحها في الربع الأول من 2021، وأن تبلغ قدرتها الكاملة بحلول الربع الأول من 2022، لكن ظروف جائحة كورونا حالت دون المضي في هذه الخطط.
ويقول الخبير الاقتصادي عبد الله الخاطر إن افتتاح محطة الخرسعة للطاقة الشمسية يأتي تحقيقا ومواكبة لرؤية قطر العامة ورؤيتها الاقتصادية لتنويع الاقتصاد وموارد الطاقة وتنويع التدفقات النقدية والإسهام بشكل أكبر في معالجة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي بوجه عام.
انجاز في الطاقة النظيفة 🇶🇦
افتتاح محطة الخرسعة للطاقة الشمسية والتي ستوفر ما يعادل 10% من الطاقة الكهربائية للدولة وقت الذروة . pic.twitter.com/7LsjHWMYJ7
— حمد لحدان المهندي (@hamadlahdan) October 18, 2022
ويوضح الخاطر، في تصريح للجزيرة نت، أن نهج قطر وإستراتيجتها الخاصة بالطاقة يعظمان من أهمية ودور الطاقة النظيفة والمتجددة ويؤكدان دعم قطر لأي تحرك دولي نحو التوجه لهذا النوع من الطاقة.
وفي هذا الصدد، يشير إلى أنه قبل عام تم تغيير اسم “قطر للبترول” إلى “قطر للطاقة”، وذلك مواكبة للتوجه نحو كفاءة أكثر في استخدام الطاقة وتنويع مصادرها والاعتماد على الطاقة النظيفة، إذ تُرجمت هذه الإستراتيجية في المرحلة الماضية من خلال شراء شركات طاقة أو إنشاء محطات طاقة كهروضوئية مثل محطة الخرسعة للطاقة الشمسية.
ورغم امتلاك قطر لموارد الطاقة الأحفورية كالغاز والغاز المسال، فإن الخبير الاقتصادي القطري يؤكد حرص بلاده على تنويع مصادر الطاقة لديها حيث تتوفر لديها أهم مصادر الطاقة المتجددة المتمثلة في الطاقة الشمسية، والتي يعني الاستثمار بها خفض الانبعاثات الكربونية ومن ثم الإسهام في الحد من التغير المناخي.
الروبوتات والذكاء الاصطناعي
ويلفت الخاطر إلى أن توفر طاقة الشمس في قطر يتيح إحلال الطاقة الكهروضوئية، ومن ثم سيمكّن دولة قطر من المحافظة على مستويات تصدير الطاقة النظيفة التي يحتاج إليها العالم.
ويضيف أن مشروع الخرسعة للطاقة الشمسية يتميز بأنه يواكب التطورات التقنية، بخاصة ما يتعلق بالخلايا الشمسية وآليات جمع الطاقة الشمسية والاعتماد على الروبوتات والذكاء الآلي والاصطناعي في متابعة الضوء وتحسين الخلايا الشمسية القادرة على تحويل نسب أعلى من الطاقة، وذلك يعني دخول قطر عصرا جديدا في مجال إنتاج الطاقة، في مواكبة لأحدث التوجهات العالمية في هذا المجال.
وعن دلالة افتتاح مشروع الخرسعة للطاقة الشمسية في هذا التوقيت، يقول الخبير الاقتصادي الخاطر إن قطر تريد أن تثبت للعالم أنها جادة وتؤمن بالطاقة النظيفة وتتحرك بقوة نحو ذلك، وأنها إلى جانب إسهامها الكبير في توفير الطاقة النظيفة من خلال الغاز المسال فإنها على استعداد لمزيد من الدعم لتوفير الطاقة المتجددة لدول العالم بتأسيس مثل هذه المحطات.
ويؤكد الخاطر، في ختام تصريحه للجزيرة نت، أن أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حاليا تؤكد صحة رؤية قطر وإستراتيجتها بشأن الطاقة، وأن لديها قدرة على استقراء مستقبل الطاقة في العالم بما يعزز مكانتها عالميا، بالإضافة إلى سعيها الحثيث للمشاركة في معالجة مشكلات التلوث البيئي.