رياضة

بناء مستشفى أفضل من امتلاك 10 سيارات فيراري- ساديو ماني.. “سقراط” كرة القدم الذي وهب مسيرته لنصرة المحتاجين

“ليس لدي الكثير من الكلام للتعبير عن كل فرحتي بعد هذه الجائزة، لا أود الحديث عما أقوم به لفائدة شعبي، أنا سعيد بالفوز بجائزة سقراط، أتمنى الخير لبلدي السنغال وسأسعى دوما من أجل تحقيق ذلك”.

بهذه الكلمات الخجولة تحدث النجم السنغالي ساديو ماني لحظات بعد تتويجه بجائزة “سقراط” المستحدثة، في حفل جائزة الكرة الذهبية الذي تنظمه مجلة “فرانس فوتبول” (France Football) الفرنسية، وتُمنح الجائزة للاعبين الذين يشاركون في الأعمال الخيرية والإنسانية، ويناضلون من أجل دعم الفقراء والأطفال المحرومين، ويسهمون بمشاريع اجتماعية وصحية، ويدعمون جهود حماية البيئة والمناخ.

وأنشئت الجائزة بالتعاون مع منظمة “السلم والرياضة”، وأطلق عليها اسم “سقراط”، وهو أحد أساطير كرة القدم البرازيلية، وذلك اعترافا بجهود النجم البرازيلي السابق الذي توفي في 2011، وكان طوال حياته رمزا للإبداع في كرة القدم ونموذجا للأعمال الإنسانية ومحاربة الأنظمة الدكتاتورية في بلده البرازيل.

سيرة كروية وجهود إنسانية لافتة

ولم يكن تتويج ماني بجائزة “سقراط”، التي تولى تقديمها النجم البرازيلي السابق راي شقيق سقراط، إلا اعترافا بسيرة إنسانية وأنشطة اجتماعية وجهود جمة لمساعدة المحرومين في السنغال لنجم بايرن ميونخ، الذي سارت حياته خارج الملاعب بنفس وتيرة التواضع والتميز والإشعاع داخل المستطيل الأخضر حتى تحول إلى أيقونة في الجهود الإنسانية بين نجوم كرة القدم.

وبجانب مشواره الكروي الملهم الذي جعله واحدا من أفضل اللاعبين في تاريخ الكرة السنغالية والأفريقية، وأحد نجوم الساحرة المستديرة في العالم في السنوات الأخيرة، كرس ماني حياته لمساعدة الأطفال والشباب، ولم تقتصر جهوده على بامبالي مسقط رأسه، فشملت كل مناطق السنغال، كما سعى إلى دعم المساواة في ممارسة كرة القدم بين الفتيان والفتيات في بلاده.

 

ماني المتواضع صديق المحتاجين

ولد ساديو في العاشر من أبريل/نيسان 1992، في قرية بامبالي، جنوب شرق العاصمة داكار، وكان لذلك دور كبير في تنشئته على قيم التواضع والقناعة وتربيته على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، فوالده كان إماما في المسجد الصغير داخل قرية بامبالي النائية التي يعيش جلّ سكانها شظف الحياة.

وعندما أصبح ماني نجما في نادي ليفربول الذي حمل ألوانه بين 2016 و2022 كان أول عمل قام به هو تقديم مساعدة مالية قدرها 243 ألف يورو لترميم وصيانة المدرسة الوحيدة في القرية التي تلقى فيها تعليمه الابتدائي.

كان ذلك أول الأعمال الإنسانية لماني الذي نشأ على فلسفة خاصة لخّصها في تصريح سابق قال فيه “لماذا أشتري 10 سيارات فيراري أو 20 ساعة مرصعة بالألماس، أو تكون لي طائرتان؟ ماذا سيفعل ذلك للعالم؟ من الأفضل لي أن أبني مستشفى في قرية بامبالي على أن أملك 10 سيارات فيراري”.

وأسهم ماني في بناء مستشفى بمدينة سيديو، وموّل إصلاح المدارس وتهيئتها، ومنح التلاميذ المتفوقين دراسيا في قريته جوائز مالية كما أهداهم أجهزة كومبيوتر.

اقرأ ايضاً
3 فيديوهات حققت 4 ملايين مشاهدة.. لاعب "فري ستايل" يستعرض مهاراته مع أبو تريكة ويراوغ كافو

ويقول ماني “أنا مجرد إنسان. لست مثاليا، ولكن من المهم أن أكون مثالا جيدا للشباب في بلدي، عشت الخصاصة والجوع، فقدت والدي الذي كان يعاني من مرض وآلام حادة في المعدة، ولم يتلق عناية طبية كافية لسبب بسيط هو أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك مستشفى في مدينتنا، لا أريد أن أقدم وعودا أخرى، والله وحده يعلم المستقبل، لكن التعليم والصحة الجيدة يجب أن يكونا من أولويات جيلنا”.

التمسك بحلم الطفولة

واجه ماني في بداية مسيرته في كرة القدم رفض عائلته بخاصة والده الذي عارض بشدة ممارسة ابنه لكرة القدم، وقال ماني عن تلك المرحلة من طفولته “هربت من بامبالي إلى داكار من دون أن يعلم أحد، وبعد أسبوع عندما علم أفراد العائلة أني في العاصمة أعادوني إلى القرية”.

لكن طموح الطفل كان أقوى حيث توجه بعد ذلك، في عمر 16 عاما، نحو مدينة مبور (جنوب) وهناك لفت نظر كشاف المواهب برمالين دياتا، وضمه في عام 2009، بعمر 17 عاما، إلى نادي “جينيراسيون فوت” السنغالي.

لكن مقامه في نادي جينيراسيون لم يدم طويلا، إذ شاهده أوليفييه بيران كشاف المواهب في نادي ميتز الفرنسي، وقرر ضمه للنادي في صائفة 2011، ليظهر يوم 12 يناير/كانون الثاني 2012 لأول مرة بقميص ميتز، وذلك في مباراة أمام باستيا ضمن دوري الدرجة الثانية.

كان ذلك الانتقال منعرجا أول في قصة الصعود اللافت لماني الذي طوى بسرعة مراحل النجاح والإبداع، مستفيدا من موهبة لافتة وحياة هادئة وقدمين ساحرتين.

لعب ماني مع سالزبورغ النمساوي بين عامي 2012 و2014 أكثر من 87 مباراة وسجل 45 هدفا (غيتي)

ولعب النجم السنغالي لأندية سالزبورغ النمساوي منذ 2012 حتى 2014، ثم مع ساوثامبتون الإنجليزي الذي غادره في 2016 متوجها إلى ليفربول ليبلغ مع الريدز ذروة نجاحه وقمة عطائه حيث توّج بالعديد من الألقاب وأبرزها لقب دوري أبطال أوروبا 2019 والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، كما أحرز في 2020 الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائن النادي مدة طويلة، وشكل مع النجم المصري محمد صلاح ثنائيا بارزا في تشكيلة المدرب يورغن كلوب.

وفي صائفة 2022 انضم ماني إلى بايرن ميونخ الألماني الذي لعب معه حتى الآن 19 مباراة وسجل 9 أهداف.

أما مسيرته مع منتخب “أسود التيرانغا” فبدأت في 25 مايو/أيار 2012 في مباراة ودية أمام المغرب، ومنذ ذلك الوقت خاض 92 مباراة دولية سجل خلالها 33 هدفا.

وأسهم ماني في تتويج منتخب السنغال بكأس أمم أفريقيا 2022، وبلغ معه النهائي في نسخة 2019، كما أحرز جائزة أفضل لاعب في أفريقيا في عامي 2019 و2022، فضلا عن جائزة أفضل لاعب في نسخة أمم أفريقيا 2022.

ويتطلع النجم السنغالي إلى قيادة منتخب “أسود التيرانغا” نحو إنجاز جديد في كأس العالم 2022 في قطر، وتخوض السنغال البطولة ضمن المجموعة الأولى إلى جانب قطر والإكوادور وهولندا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى