الاخبار العاجلةسياسة

26 تهديدا يوميا لأعضاء الكونغرس.. هل لدى النظام الأميركي القدرة على احتواء العنف السياسي المتزايد؟

واشنطن – جاء الهجوم على منزل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ليجدد المخاوف من العنف السياسي المهدد للديمقراطية الأميركية قبل أيام من الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي.

وأظهرت حسابات المشتبه فيه ديفيد ديباب على شبكات التواصل الاجتماعي ترديده نظريات المؤامرة، التي تروج لها حركة “كيو أنون” (QAnon)، خاصة ما يتعلق بالتشكيك في نتيجة انتخابات عام 2020، وتعرض أصحاب العرق الأبيض لهجمات من الأقليات المختلفة.

ومثلت محاولة اغتيال بيلوسي أحد حلقات مسلسل لا يتوقف من العنف السياسي الذي وصل لذروته في هجمات السادس من يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول، في محاولة لوقف التصديق على الانتخابات الرئاسة التي فاز بها جو بايدن وخسرها دونالد ترامب.

ولم يقتصر ارتكاب العنف على الجمهوريين اليمينين، فقد ارتكب الكثير من الراديكاليين الديمقراطيين أعمال عنف، وعلى سبيل المثال قُبض على رجل من أنصار السيناتور بيرني ساندرز لإطلاقه النار على عدد من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين أثناء لعبهم البيسبول، مما أصاب النائب ستيف سكاليز في عام 2017.

في الوقت ذاته، أظهر استطلاع لموقع أكسيوس أجراه بالمشاركة مع شركة أبسوس للبيانات، أن 40% من الجمهوريين و25% من الديمقراطيين سيزعمون تزوير الانتخابات إذا لم يفز حزبهم بالسيطرة على الكونغرس في الانتخابات النصفية، وهو ما يبعث برسائل مزعجة لسلطات إنفاذ القانون.

تزايد التهديدات

تعمل الولايات والمقاطعات مع اقتراب يوم الانتخابات على أن تكون على أهبة الاستعداد لتجنب تكرار انتخابات عام 2020 وعنف في السادس من يناير/كانون الثاني 2021. من جانبها تحذر الحكومة الفدرالية من تهديد متزايد للانتخابات النصفية اعتمادا على ارتفاع نبرة التطرف في وسائط التواصل الاجتماعي، مع شعور الكثيرين بما يعتبرونه “مظالم أيديولوجية”.

ويرى خبراء أن ادعاء مزاعم تزوير انتخابات 2020 منتشرة بشدة بين هذه الفئات، التي تحذر من تكرار “التزوير” في انتخابات 2022.

وتشمل أهداف الجماعات المتطرفة المرشحين الذين يخوضون السباقات الانتخابية، والمسؤولين المنتخبين، والعاملين في مراكز الاقتراع، والتجمعات السياسية، وممثلي الأحزاب السياسية، والأقليات العرقية والدينية، أو المعارضين الأيديولوجيين، والشركات الخاصة المرتبطة بفرز الأصوات.

ووثقت شرطة الكابيتول الأميركية زيادة كبيرة في التهديدات ضد أعضاء الكونغرس في السنوات الأخيرة، ووثقت بشكل خاص 9600 تهديد مباشر أو غير مباشر في عام 2021 وحده، أي ما يزيد عن 26 تهديدا يوميا.

وأشارت نشرة حديثة لمكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) إلى أنه “من المحتمل أن ينظر بعض المتطرفين المحليين، ولا سيما المتطرفين المناهضين للحكومة الفدرالية والمتطرفين ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية، إلى التوترات الاجتماعية والسياسية خلال انتخابات التجديد النصفي المقبلة على أنها فرصة لاستخدام العنف أو الترويج له لتعزيز أهدافهم الأيديولوجية”.

Early elections in the US state of California
تحذيرات من ترهيب الناخبين أمام مراكز الاقتراع في الانتخابات النصفية (الأناضول)

إستراتيجية التركيز على المحليات

مع اقتراب يوم الانتخابات، يحذر رؤساء المقاطعات والبلديات وقادة الشرطة المحلية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة من تبني جماعات متطرفة محلية إستراتيجية ترهيب الناخبين أمام مراكز الاقتراع على المستويات المحلية المختلفة.

ويقول مكتب التحقيقات الفدرالي إن الولايات التي من المرجح أن تشهد دعوات لمراجعة الانتخابات وإعادة فرز الأصوات، مثل أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا، مرشحة لأن تشهد بعض أعمال العنف الانتخابي.

وتتطلع جماعات متطرفة مثل “براود بويز” (Proud Boys) و”أوث كيبرز” (Oath Keepers) إلى التأثير على نتائج الانتخابات النصفية القادمة لصالح مرشحيها المفضلين من خلال التسجيل كعاملين في مراكز الاقتراع أو كمراقبين لعملية التصويت.

اقرأ ايضاً
لنصرة غزة.. عشرات الآلاف من فلسطينيي الـ48 يتظاهرون في سخنين (صور)

ويرى خبراء أمنيون أن منظمات اليمين المتطرف بدأت بتغيير إستراتيجية التركيز على المستوى الوطني لصالح العمل في المقاطعات والولايات بصورة غير مركزية منفصلة. ولجأت هذه المنظمات إلى هذا التغيير بعد انتخابات عام 2020 وما تبعها من الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.

وأشارت تقارير لتعرض مسؤولي الانتخابات في 50 من أصل 67 مقاطعة في ولاية بنسلفانيا الحاسمة لتهديدات ومضايقات ضدهم وضد أسرهم. وفي إحدى حلقات ترهيب الناخبين البارزة، شوهد حراس مسلحون يرتدون معدات تكتيكية وهم يراقبون صندوق الاقتراع بالبريد في منطقة ميسا بولاية أريزونا.

وتعتمد إستراتيجية الجماعات المتطرفة للانتصار الانتخابي على المقاطعة المحلية، ثم العديد منها، وهذا يعني السيطرة عمليا على الولاية كلها. ويتحمل قادة البلديات والمقاطعات مسؤولية كبيرة لحماية الانتخابات النصفية القادمة، التي يمكن أن تكون بمثابة بروفة للانتخابات الرئاسية لعام 2024.

ضبابية موقف الجمهوريين

تجنب الرئيس السابق دونالد ترامب إدانة الاعتداء على منزل بيلوسي الذي تجمعه بها تاريخ طويل من العداء السياسي، في الوقت ذاته دان الكثير من قادة الحزب الجمهوري الاعتداء، إلا أنهم رفضوا ربط الاعتداء بالخطاب السياسي للحزب الجمهوري.

وردت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا ماكدانيال على التلميحات إلى أن الخطاب الجمهوري ساعد في تأجيج الهجوم على منزل رئيسة مجلس النواب، وذلك خلال ظهورها في برنامج “فوكس نيوز صنداي”، قائلة إن مثل هذه الاتهامات “غير عادلة”.

وألقى بعض الديمقراطيين باللوم على الخطاب العنيف الذي استخدمه بعض الجمهوريين، وفشل قادة الحزب الجمهوري في إدانة خطاب الرئيس السابق دونالد ترامب المحرض على العنف. ورأى أغلب الديمقراطيين أن الهجوم على منزل بيلوسي يمثل النتيجة الحتمية لخطاب الجمهوريين العنيف والتهديدي المتزايد تجاه خصومهم السياسيين، وهي ظاهرة تصاعدت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وقالت ماكدانيال إنها تعتقد أن “هذا شخص مختل عقليا، نعم هناك من يقولون دعونا نتخلص من بيلوسي، أو دعونا نستعيد مجلس النواب، لكن لا أحد من الجمهوريين يقول اذهبوا وارتكبوا أعمال عنف”.

وذكرت ماكدانيال أن “العنف يشمل كلا الحزبين، لقد تعرض النائب الجمهوري لي زيلدين للهجوم، وكانت لدينا محاولة اغتيال بحق القاضي بريت كافانو، ولم يتبرأ الديمقراطيون من ذلك، ولم يتطرق الرئيس جو بايدن إلى محاولة اغتيال كافانو”.

معضلة التعديلين الأول والثاني بالدستور الأميركي

يرى بعض الخبراء أنه من الصعب التحكم في وتيرة العنف السياسي بسبب بعض القيود الدستورية التي تعرقل عمل سلطات إنفاذ القانون خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير والترويج لنظريات المؤامرة، وحق المواطن في الحصول على أسلحة نارية.

ومنح التعديل الدستوري الأول للمواطنين الأميركيين “حرية العبادة والكلام، والصحافة وحق الاجتماع”، وحظر على الكونغرس إصدار أي قانون يحد من هذه الحقوق، في الوقت الذي حمى فيه التعديل الثاني حق اقتناء الأسلحة وتشكيل مليشيا محلية.

وتُصعب هذه التعديلات من قدرة السلطات الأميركية على وقف نشر أشخاص أخبارا زائفة على شبكات التواصل الاجتماعي، منها الكثير من نظريات المؤامرة، في الوقت الذي لا تملك فيه أي سلطات لمنع هؤلاء الأشخاص أنفسهم من الحصول على أسلحة نارية متقدمة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى