الاخبار العاجلةسياسة

لماذا يستهدف الاحتلال المخيمات؟ سؤال تجيب عنه المقاومة الفلسطينية

 نابلس- مثل ما جرى بمخيم جنين مطلع الشهر الجاري، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الاثنين مخيم نور شمس (شرق مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية)، وداهمت منازل لمواطنين واعتقلت وأصابت بعضهم وجرَّفت البنية التحتية في المخيم.

وعلى مدى أكثر من 4 ساعات استمرت عملية الاحتلال العسكرية بمخيم نور شمس، واستخدم فيها الجيش عتادا عسكريا كبيرا من قبيل الجرافات المجنزرة “دي9” (D9)، وتخللها إطلاق نار بالذخيرة الحية والاشتباك مع المقاومين، واستهداف منازل مواطنين وتدمير البنية التحتية في مداخل المخيم وشوارعه الرئيسية التي فكك الاحتلال فيها 10 عبوات ناسفة، حسب قنواته الإعلامية.

وفي الأثناء، اقتحمت قوة كبيرة مخيم عقبة جبر في أريحا وعاثت فيه فسادا، كما توغلت قوات من جيش الاحتلال سبقتها وحدات خاصة إسرائيلية إلى مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين شرق نابلس.

وفي المخيمات الثلاثة، فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه في اعتقال من يصفهم بالمطلوبين.

 ورد الاحتلال على فشله بإطلاق النار وإصابة مواطنين عُزَّل واعتقال آخرين، كان أبرزهم في مخيمي طولكرم وعسكر، حيث استخدم الاحتلال أحد الشبان درعا بشرية خلال عمليته العسكرية.

بينما نجح المقاومون في الانسحاب من مواقعهم في خطوة تكتيكية، واشتبكوا مع جنود الاحتلال كما جرى بمخيمي طولكرم وعسكر، وأعلنوا أنهم “أوصلوا دولة الاحتلال للنتيجة ذاتها كما حدث في مخيم جنين من قبل”.

A Palestinian militant speaks during a press conference in Jenin Camp in the Israeli-occupied West Bank
المقاومة الفلسطينية عززت وجودها في مخيمات الضفة الغربية المحتلة (رويترز)

محاولة للردع

ويقول فتحي قرعاوي -وهو سياسي وأحد شخصيات مخيم نور شمس- إن اقتحام المخيم أمر متوقع في كل لحظة؛ فالاحتلال يعتبر أن هناك مقاومين يرفضون تسليم أنفسهم، وهو متخوف منهم، وما داموا كذلك فستستمر الاقتحامات.

ويضيف للجزيرة نت أن المخيمات باتت “بؤرا للإرهاب” في نظر الاحتلال، وبالتالي وضع على أجندته مباغتة المطلوبين والمبادرة لاعتقالهم.

وعادة تكون اقتحامات الجيش الإسرائيلي مصحوبة بعمليات تخريب وتدمير للبنية التحتية وترهيب السكان الآمنين، والهدف “ردع” الفلسطينيين حتى لا يحتضنوا المقاومة.

ويرى قرعاوي أن الاحتلال يفشل في تحقيق هذا الهدف حتى وإن تعرض لحياة اللاجئ المحملة بالهموم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. ويقول “فطرة الناس السليمة تتجه للمقاومة، فهي تشعر بظلم الاحتلال، وهي في ظل الظروف السياسية التي نعيشها فقدت أمل العودة، ولم يعد لديها ما تخسره، حتى أنها اعتادت مشهد الشهداء والجنازات”.

ويؤكد أن استهداف المواطنين في مصدر عيشهم وبنيتهم التحتية يزيد حالة التعبئة وردة الفعل على الاحتلال “وانتظار الانقضاض مرة أخرى”.

ورغم تفاوتها في احتواء المقاومة، فإن المخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية تتشابه في ظروفها الاقتصادية والجغرافية والديمغرافية أيضا، فضلا عن التقارب الاجتماعي رغم حياة البؤس والتشرد التي تعيشها، إلا أن كل ذلك شكَّل “بيئة حاضنة” للمقاومة، حسب وصف قرعاوي.

اقرأ ايضاً
كان شريكا صعبا للولايات المتحدة.. كيف استقبلت واشنطن فوز أردوغان برئاسة تركيا؟

وفي رصده انتهاكات الاحتلال في مخيمات الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، رصد مركز معلومات فلسطين (معطى) 2544 انتهاكا (بين اقتحام واعتقال واعتداء) إسرائيليا، كان أبرزها في مخيمات “عقبة جبر” و”بلاطة” “وعسكر” “والعروب” و”نور شمس” و”جنين”.

ضرب الحاضنة

ورغم إدراك المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عدم جدوى “الحل العسكري” مع المقاومة الفلسطينية، فإن الاحتلال -وفق محمد أبو علان الباحث في الشأن الإسرائيلي- ليس أمامه سوى ضرب “الحاضنة الشعبية للمقاومة”، في إشارة إلى المخيمات، و”هذا ما جعله يستهدف البنية التحتية ويزرع الدمار في كل عدوان يشنه على تلك المواقع”.

ويفسر أبو علان للجزيرة نت سر استهداف الاحتلال للمخيمات بقوله إنها صارت بالدرجة الأولى “بؤرة المقاومة”، وفي مرحلة من المراحل أضحت ملجأ للمقاومة، بل وتؤوي مقاومين من خارجها.

كما صار الاحتلال يواجه صعوبة في اقتحامها، بفعل تصدي المقاومين، ولذلك استخدم “الطائرات المسيرة” في اغتيال مقاومين في جنين وقصف مواقع للمقاومة قبيل عمليته العسكرية هناك.

ويوضح أبو علان أن جيش الاحتلال منذ أشهر عبّر عن قلقه وتخوفه من المتفجرات والعبوات الناسفة في المخيمات، ولهذا بات يركز جهده أكثر “لكسر المقاومة” بها، ومحاولة القضاء على هذه الظاهرة بأسرع وقت.

المخيمات قواعد للانطلاق

ويتفق رامي أبو زبيدة -وهو مختص في بالشأن العسكري- مع سابقيه من المتحدثين في أن المخيمات باتت تشكل حاضنة للمقاومة فعلا، وأن ذلك جعلها هدفا للاحتلال، ويقول “المخيمات امتداد للمقاومة وتمدها باستمرار على مدار تاريخ الثورة الفلسطينية بزخم كبير”.

ويضيف أبو زبيدة للجزيرة نت أن المقاومة تحصنت في المخيمات وباتت تشكل معاقل لها وخلايا عسكرية شبه منظمة ابتعدت عن العمليات الفردية، وما زالت تتطور وتتوسع.

ولكون العمل العسكري يشكل خطرا على منظومة الاحتلال الأمنية بات يخشى هذه المخيمات، وأصبح يستهدفها “حتى لا يخرج عمل المقاوم من إطار المناطق المحدودة للمخيمات الفلسطينية إلى عمق الضفة الغربية والمستوطنات”.

وعن شكل استهداف الاحتلال عسكريا للمقاومة والمخيمات، يرى أبو زبيدة أن إسرائيل تدرجت في ذلك؛ فبدأت بعمليات استنزاف ومحاولة استدراج للمقاومين للخروج لمناطق مفتوحة والاشتباك معهم وقنصهم، أو دخول وحدات خاصة.

لكن المقاومين طوروا قدراتهم، سواء كانت عسكرية أو من حيث التكتيك بالتخفي ورصد ومتابعة القوات الخاصة الإسرائيلية وتطوير العبوات الناسفة التي تؤرق الاحتلال وتصيب أهدافه.

وأمام هذا الواقع يحاول الاحتلال تعزيز قواته بآليات محصنة كالجرافات والآليات العسكرية المصفحة، وإخراج المقاومين وتحييد بؤر المقاومة بالضفة، فضلا عن استخدام الطائرات المسيرة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى