رياضة

ياسين بونو حارس منتخب المغرب.. “أسد الأطلس” الذي يحلم بكتابة التاريخ في مونديال قطر

كانت سنة 2022 عام التألق والبروز لعدد من نجوم منتخب “أسود الأطلس”، لكن الامتياز الأكبر كان لياسين بونو حارس نادي إشبيلية الإسباني الذي كتب اسمه بأحرف ذهبية في تاريخ الدوري الإسباني عندما تُوّج خلال الموسم الماضي بجائزة “زامورا” التي تمنح سنويا لأفضل حارس في الليغا، متفوقا على كبار حراس المرمى في العالم ليكون بذلك أول عربي يحرز تلك الجائزة.

وبعد موسم لافت مع إشبيلية، سيكون مونديال قطر 2022 أكبر تحد لياسين بونو الذي أسهم بشكل فعال في تأهل أسود الأطلس لكأس العالم للمرة الثانية على التوالي، بعد مونديال روسيا 2018.

تجربة أندلسية ملهمة

ويعد ياسين بونو واحدا من أفضل حراس المرمى في تاريخ المنتخب المغربي، وأحد أبرز اللاعبين العرب والأفارقة في الدوريات الأوروبية الكبرى، وذلك بفضل انتظام أدائه؛ ليصبح في فترة وجيزة أحد أعمدة الفريق الأندلسي الذي انضم إليه في سبتمبر/أيلول 2019 قادما من نادي جيرونا معارا، قبل أن يوقع وثائق الانتقال نهائيا أواخر صيف 2020.

وحتى الآن حقق الحارس المغربي مع الفريق الأندلسي نتائج لافتة؛ إذ توج عام 2020 بلقب يوروبا ليغ 2020، بعد إزاحة مانشستر يونايتد الإنجليزي في نصف النهائي، ثم الفوز في النهائي على حساب إنتر ميلانو الإيطالي.

وخلال تلك المسيرة اللافتة، انتزع بونو إعجاب جميع المتابعين للكرة الأوروبية، بل أشاد بخصاله المدرب النرويجي “أولجنار سولسكاير” عقب مباراتي نصف نهائي يوروبا ليغ عندما وصفه بالحارس العظيم.

وفي العام ذاته، أسهم في إنهاء إشبيلية مسابقة الليغا في المركز الرابع والتأهل لدوري أبطال أوروبا (2021-2022) قبل أن يكرر الإنجاز ذاته في موسم (2022-2023).

وبجانب النتائج الباهرة مع إشبيلية، حقق الحارس المغربي إنجازات فردية غير مسبوقة للاعبين العرب، وذلك عندما أصبح أول حارس مرمى عربي يكون ضمن قائمة المرشحين للفوز بجائزة “ياشين” التي تمنحها مجلة “فرانس فوتبول” لأفضل حارس مرمى في العالم عام 2022.

وخسر بونو جائزة “ياشين 2022” لصالح الحارس البلجيكي لريال مدريد تيبو كورتوا، لكنه كسب جائزة أخرى على حساب “كورتوا” نفسه، عندما توج في مايو/أيار من العام الحالي بجائزة “زامورا” لأفضل حارس مرمى في الدوري الإسباني، بقبوله 24 هدفا في 31 مباراة؛ متقدما على حارس الميرينغي (29 هدفا في 36 مباراة) ليكون أول حارس عربي والثاني في أفريقيا بعد الكامروني جاك سونغو في موسم 1996-1997.

وفي تصريحات لصحفية ماركا الإسبانية، عقب تسلمه جائزة “زامورا”، قال بونو “هذا اللقب الشخصي له أهمية كبيرة بالنسبة لي، أعدّه تتويجا لموسم ملهم في إشبيلية، لكنه فوق ذلك إنجاز جماعي لكل زملائي ومدربي ومشجعي النادي، هدفنا دائما التفوق وتحقيق نتائج متميزة لإشبيلية”.

وحتى الآن خاض بونو 81 مباراة بألوان الفريق الأندلسي، لكن يوم 20 مارس/آذار 2020 سيظل راسخا في مسيرته حينما سجل هدفا في شباك بلد الوليد ضمن الجولة 28 من الليغا، وذلك في الوقت القاتل من المباراة مانحا فريقه نقطة التعادل (1-1) في سيناريو مثير.

بدايات كبيرة وطريق صعب

على أنه لا بد من الإشارة إلى أن طريق بونو نحو تثبيت نفسه ركيزة أساسية في مرمى إشبيلية لم يكن مفروشا بالورود، فقد عانى كثيرا عند انتقاله إلى الفريق الأندلسي في موسم 2019-2020، وكان الحارس الثاني خلف التشيكي “توماس فاسليك”، لكنه استطاع أن يخوض تحديا صعبا انتهى بأن يتحول إلى اسم لامع وعنصر مؤثر في نتائج فريقه.

كانت مسيرة بونو مثيرة ومليئة بالصعوبات، ففي الثمانينيات من القرن الماضي هاجر والداه إلى كندا، وهناك تحديدا في مدينة مونتريال ولد الطفل ياسين في الخامس من أبريل/نيسان 1991، وبعدها بسنوات عادت أسرته إلى المغرب، وفي سن الثامنة التحق الحارس الصغير بأكاديمية الوداد البيضاوي ليبدأ رحلة كروية لا تزال تعد بالكثير حتى الآن.

وتدرج بونو في الفئات الشابة للوداد البيضاوي بين 1998 و2009، قبل صعوده في 2010 للفريق الأول، لكنه عاش طويلا في ظل الحارس الدولي نذير المياغري.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، حين كان الوداد يستعد للسفر إلى تونس لخوض مباراة الإياب الحاسمة أمام الترجي التونسي ضمن نهائي دوري أبطال أفريقيا، تعرض المياغري إلى الإصابة ليدفع مدرب الوداد بالحارس البالغ 20 عاما في التشكيلة الأساسية خلال المواجهة التي خسرها الوداد بهدف وحيد.

ورغم البدايات الثقيلة التي لم يخيب فيها آمال مدربه، عاد بونو ليلازم بنك البدلاء بمجرد رجوع المياغري من الإصابة، حيث لعب 11 مباراة فقط في ذلك الموسم.

كان موسم 2012-2013 أول منعرج كبير في مشوار الحارس المغربي عندما انتقل إلى أتلتيكو مدريد الإسباني، تحت قيادة مدربه الأسطوري دييغو سيميوني، لكنه وجد أمامه صعوبات كبيرة ليلفت اهتمام المدرب الأرجنتيني، وذلك في ظل وجود البلجيكي “تيبو كورتوا” آنذاك في المرمى.

بعد خوض موسمه الأول في مدريد ضمن الفريق الثاني الذي كان يشارك ضمن دوري الدرجة الثالثة، وكان ياسين بونو يمني نفسه بالحصول على فرصته، لكن خروج كورتوا لم يكن كافيا ليحقق ذلك، إذ تم تعاقد أتلتيكو مع السلوفيني “يان أوبلاك” ليجد المغربي نفسه أمام حتمية الرحيل مؤقتا من العاصمة الإسبانية، وذلك في أعقاب موسم 2013-2014 والانتقال في نطاق الإعارة لنادي سرقسطة بالدرجة الثانية.

بعد موسمين، معارا إلى سرقسطة، انضم بونو إلى نادي جيرونا في الدرجة الثانية، بداية موسم 2016-2017، ونجح معه في الصعود للدوري الإسباني الممتاز لأول مرة في تاريخ النادي، واستمر معه في الموسم التالي، الذي حقق فيه انتصارا تاريخيا على حساب ريال مدريد (2ـ1).

وفي موسمه الثاني، وبعد أشهر من تمديد عقده عاما إضافيا، وذلك في يناير/كانون الثاني 2019، نزل جيرونا للدرجة الثانية ليقرر بونو مغادرة النادي قائلا آنذاك في تصريحات إعلامية “جئت من المغرب منذ 7 سنوات، لعبت في أعلى مستوى، الآن لا يمكنني أن أقطع خطوة للوراء”.

كان ذلك التصريح بمثابة القرار النهائي بالانتقال إلى إشبيلية معارا من جيرونا مع أحقية النادي الأندلسي في تفعيل عقد الشراء نهائيا، وهو ما حصل في بداية موسم 2020-2021.

المونديال.. الحلم الكبير

بداية المشوار الدولي لياسين بونو كانت في 14 أغسطس/آب 2013 عندما منحه مدرب أسود الأطلس في ذلك الوقت رشيد الطاوسي الفرصة ليحمل قميص منتخب بلاده أول مرة، وذلك في مباراة ودية أمام بوركينا فاسو (2 ـ1).

ومنذ تلك المواجهة، خاض بونو 45 مباراة دولية، كما شارك في كأس أمم أفريقيا 2019، وبلغ الدور ثمن النهائي، وفي نسخة 2022 من المسابقة ذاتها بلغ ربع النهائي قبل الهزيمة أمام مصر (1-2).

أما في كأس العالم، فكان بونو ضمن قائمة أسود الأطلس لنهائيات روسيا 2018، لكنه كان احتياطيا للحارس منير، في حين سيكون -حسب المتابعين- خيارا أول للمدرب وليد الركراكي في مونديال قطر 2022 الذي يعد أول مسابقة دولية كبرى يخوضها بونو بطموح التألق مع المنتخب بعد موسم لافت في ناديه إشبيلية.

1428110759شارك بونو في 45 مباراة حتى الآن مع المنتخب المغربي وأسهم في بلوغ أسود الأطلس ربع نهائي أمم أفريقيا 2022 (غيتي)

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى