الاخبار العاجلةسياسة

تزايد مخاوفهم مع صعود اليمين إلى الحكم.. المسلمون الأكثر عرضة للكراهية والعنصرية في السويد

ستوكهولم- باستياء وضيق تذكر السورية ابتسام حمود الاعتداءات والمضايقات التي تعرضت لها بشكل متكرر في السويد بسبب حجابها الذي يكشف هويتها المسلمة.

وتقول حمود للجزيرة نت “في إحدى المرات كنت أمشي في الطريق مع طفلي وأختي فاقتربت منا سيدة سويدية وقامت بضربنا بأكياس حملتها حتى سقطنا أرضا”.

ولم تكتف المرأة السويدية بذلك، بل قامت بسب الشقيقتين والطفل بعبارات بذيئة، وقالت حمود “هذا السلوك غير إنساني، فقد عانيت أنا وطفلي من رضوض، وكان كلامها جارحا، كيف يحدث هذا وهم يدّعون أنهم بلد حقوق الطفل؟”.

وفي حادثة أخرى بأحد مواقف الحافلات تذكر حمود كيف قام رجل سويدي مسن بدفعها من كتفها وشتمها بعبارات نابية وعنصرية أيضا.

وقدمت حمود إلى السويد منذ 8 أعوام، وتعيش في مدينة مالمو جنوبي البلاد، وتقول “لا أعرف لماذا أصبحت السويد هكذا، باتت الحياة هنا صعبة وغير مرحب بنا لكوني محجبة ولا أرغب بخلع حجابي”.

هذه الاعتداءات والمضايقات دفعت حمود للتفكير بمغادرة السويد والبحث مع عائلتها عن “بلد آخر يقبل لوني وديني” كما تقول، لكنها تضيف “الأمر ليس سهلا”.

%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%AF 1
مخاوف المسلمين في السويد زادت مع تصاعد قوة كتلة أحزاب اليمين بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة (الجزيرة)

السويد لم تعد بلد التعددية

وزادت نتائج الانتخابات الأخيرة التي شهدتها السويد وتعالي قوة كتلة أحزاب اليمين قلق المسلمين عامة على مصيرهم في هذا البلد.

وفي الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم 11 سبتمبر/أيلول الماضي فازت الكتلة المدعومة من حزب أقصى اليمين (ديمقراطيو السويد) لتتمكن من تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.

ويرى الكثيرون أن السويد لم تعد كما عرفت في السابق بلد التعددية والهجرة وحقوق الإنسان، وأن نتائج الانتخابات عكست المتغيرات المتواترة كل عام، إذ بات حزب ديمقراطيي السويد اليميني ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان.

وعلى ضوء ذلك يعتقد المراقبون أن ظاهرة العنصرية والكراهية صارت جزءا أساسيا في حياة المهاجرين، خاصة المسلمين منهم، ففي تقرير لمجلس منع الجريمة تبين أن مخاوف المسلمين من المواقف السلبية تجاه الإسلام قد ازدادت في السويد.

كما أفاد التقرير بأن المسلمين الذين يرتدون ملابس تسمح بالتعرف على هويتهم الدينية يعانون من اعتداءات مباشرة في الأماكن العامة.

ووفق المعطيات المنشورة، ارتفع عدد المسلمين في السويد من 150 ألفا بنهاية الثمانينيات إلى أكثر من 800 ألف في الأعوام الأخيرة، بينهم أكثر من 190 ألف سوري، و170 ألف عراقي، ومئات الآلاف من مسلمي أفغانستان وفلسطين وإيران والبوسنة والشيشان وتركيا وغيرها.

تزايد مخاوف المسلمين

في مقابلة مع الجزيرة نت، يقول الباحث وأستاذ الدراسات الدينية في جامعة سودرتورن السويدية سيمون سورينفري إن “نمو أحزاب اليمين القومي يعد من أبرز العوامل التي ساهمت في مخاوف المسلمين بالسويد، وتحديدا حزب ديمقراطيي السويد، وحصوله على فرصة فرض سياسته وشروطه على الحكومة الحالية في العديد من القضايا”.

اقرأ ايضاً
الشيخ نواف يفتتح جلسة مجلس النواب ويدعو إلى التعاون

ويعرف حزب ديمقراطيي السويد بخطابه الذي لطالما انتقد سياسة الهجرة ومجتمع التعددية، وطالب لسنوات عديدة بإغلاق باب الهجرة و”عدم أسلمة” السويد.

ويضيف سورينفري “ليس من الغريب أن يشعر العديد من الناس بالقلق بعد فوز حزب ديمقراطيي السويد وحصوله على مركز يتحكم بالسلطة في البلاد، فهذا الحزب لطالما انتقد سياسة الهجرة وأظهر عداءه للمسلمين”.

وعلى الرغم من تصاعد مكانة وخطاب اليمين يقول الباحث إن الإحصاءات المتاحة عن جرائم الكراهية ضد الأديان لا تُظهر زيادة كبيرة في تلك المعادية للإسلام على وجه التحديد، وإن السويد لا تزال لديها تشريعات عدة للحريات الدينية، لكنه يضيف “لقد تغير المناخ الاجتماعي وليس الإطار القانوني الذي ينظم كيفية عيش الأقليات في السويد”.

الشيخ سعيد عزام، رئيس مجلس الإفتاء السويدي
الشيخ سعيد عزام دعا المسلمين في السويد إلى معرفة حقوقهم والاطلاع على القوانين (الجزيرة)

مقترحات حكومية تمس بالمسلمين

لجأت الحكومة الجديدة المدعومة من اليمين المتشدد إلى إعلان حزمة من المقترحات التي تسعى إلى تطبيقها في الأيام المقبلة، ومنها عدم منح الإقامات الدائمة، وتقليص حصة السويد من اللاجئين والتي قلصتها الأمم المتحدة من 6400 خلال العام إلى 900 شخص فقط، وتشديد قوانين منح الجنسية وربطها بتوفر وظيفة ومعرفة اللغة، إضافة إلى تشريع “قانون الشرف” والذي يخص المسلمين تحديدا ويمنع تدخل الأهل أو الأقارب في حرية الشباب والشابات في اختيار شريك حياتهم ولباسهم ودينهم.

ويقول رئيس مجلس الإفتاء السويدي الشيخ سعيد عزام إن الحكومة الجديدة طرحت عدة مقترحات لقوانين أغلبيتها تمس المسلمين والمهاجرين في السويد.

ودعا عزام في حديث للجزيرة نت المسلمين الموجودين في السويد إلى معرفة حقوقهم والاطلاع على القوانين “لأن الأخطاء التي نرتكبها لعدم معرفتنا بالقوانين هي التي تزيد كراهية السويديين لنا”، على حد قوله.

ويضيف “للأسف السويد باتت مكانا صعبا للمسلم المحافظ الذي يسعى إلى لم شمل أسرته وبيته، وعلينا أن نعمل قدر المستطاع حتى لا تضيق الأمور أكثر”.

ويرى عزام أن مشاركة الجاليات المسلمة والمهاجرة الفاعلة في الدراسة والتحصيل العلمي ودخول سوق العمل تفتح المجال للتعارف وإعطاء صورة جيدة عنها.

ويضيف “علينا إعطاء صورة جيدة، وهناك واجبات على المرء العمل بها ليتمكن من المطالبة بحقوقه”.

ويشارك مجلس الإفتاء السويدي ممثلا بالشيخ سعيد عزام في اجتماعات مع الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني السويدية ضمن مساعٍ لمنع الجريمة والحد من الإسلاموفوبيا.

ويقول عزام “هناك جهود تشكر عليها السويد، لكن للأسف توجد أيضا أصوات عنصرية تقوم بشحن الشارع وتسعى لتغذية الكراهية بين أطياف المجتمع”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى