الاخبار العاجلةسياسة

رفض إسرائيل تحقيق واشنطن في اغتيال شيرين أبو عاقلة.. كيف تلقاه الأميركيون؟

واشنطن- في ظل التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فوجئ كثيرون في واشنطن برفض إسرائيل القاطع لإطلاق مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) تحقيقا في مقتل شيرين أبو عاقلة -الصحفية بشبكة الجزيرة- وإدانتها التحقيق ووصفه بأنه “خطأ فادح” وتعهدها بعدم التعاون معه.

وجاء الرفض الإسرائيلي للتحقيقات الأميركية رغم تأكيدات كاري غليشر -الملحق القانوني لمكتب التحقيقات الفدرالي السابق في إسرائيل- عن دور المكتب وما يقوم به من بناء شراكات مهمة ومفيدة للطرفين في التحقيقات المشتركة.

ويقول غليشر -في فيديو على موقع مكتب التحقيقات الفدرالي- إن “مهمة (إف بي آي) في إسرائيل تتمحور حول بناء علاقات طويلة الأجل وتعزيزها، بما يسمح لقيادات المكتب في واشنطن بالتواصل مع أي من القادة الإسرائيليين في أي وقت”.

 

ضغوط من داخل المعسكر الديمقراطي

تفاوتت مواقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من التردد في إدانة مقتل شيرين أبو عاقلة للمطالبة بتحقيق شفاف، فمنذ اللحظات الأولى لمقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، ترددت إدارة بايدن في تبني الرواية الفلسطينية، وفضلت الرواية الإسرائيلية، ودعت “إلى تحقيق مشترك لكشف ملابسات الحادث”.

ورغم أن شيرين أبو عاقلة تحمل الجنسية الأميركية، فإن واشنطن لم تفصح عن رغبتها في الانضمام للمحققين في حادثة مقتلها، والسبب الوحيد لذلك هو أن مثل هذه المبادرة قد تغضب الجانب الإسرائيلي.

ودفعت ضغوط 57 مشرعا أميركيا ديمقراطيا -الذين بعثوا رسالة إلى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يطالبون فيها بالتحقيق في مقتل شيرين- لإطلاق مكتب التحقيقات الفدرالي تحقيقا في القضية.

وكانت تحقيقات سابقة أجرتها شبكة الجزيرة ووسائل إعلام غربية، بينها شبكة “سي إن إن” (CNN) ووكالة “أسوشيتد برس” (Associated Press) وصحيفة واشنطن بوست (Washington Post)، أكدت أن الزميلة الراحلة قُتلت برصاص الجيش الإسرائيلي.

وقدمت إسرائيل روايات متضاربة، إذ ادّعت في البداية أن شيرين قتلت برصاص مسلحين فلسطينيين، قبل أن تتراجع وتعلن في سبتمبر/أيلول الماضي أن هناك احتمالا كبيرا جدا أن تكون قُتلت برصاص أطلقه جندي إسرائيلي “عن طريق الخطأ”.

وغرد السيناتور الديمقراطي من ولاية ميريلاند، كريس فان هولين، مرحبا بخطوة وزارة العدل، ووصفها بأنها “خطوة متأخرة، ولكنها ضرورية ومهمة في السعي لتحقيق العدالة والمساءلة في مقتل المواطنة والصحفية الأميركية شيرين أبو عاقلة رميا بالرصاص”.

وقاحة الرفض الإسرائيلي

في حديث مع الجزيرة نت، قالت سارة لي واتسون المديرة التنفيذية لـ”منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن” إنه “في حين أنه من المعتاد أن ترفض إسرائيل أي تعاون مع الهيئات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق في جرائم قواتها الأمنية، فمن المدهش أن يرفض الإسرائيليون بوقاحة التعاون مع أكبر حليف لهم، الولايات المتحدة. إنها علامة على عدم الاحترام الصارخ وعدم الامتنان للأسلحة التي ترسلها الولايات المتحدة إلى إسرائيل كل عام وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات”.

اقرأ ايضاً
‏البرلمان الكويتي يوافق على «تعارض المصالح»

وأضافت سارة لي واتسون أن “ادعاء إسرائيل بأن تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي يتدخل في شؤونها الداخلية أمر سخيف، في حين أنها -أي إسرائيل- سعيدة للغاية بالاعتماد على الدعم العسكري الأميركي، مشيرة إلى أن مكتب التحقيقات الفدرالي يفعل الشيء الصحيح بتحقيقه في مقتل مواطنة أميركية، كما فعل مع جرائم قتل أميركيين آخرين في جميع أنحاء العالم، خاصة أن إسرائيل أظهرت بوضوح أنها تتستر على الجرائم التي يرتكبها جنودها”.

بدوره، أكد السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، أنه “إذا لم تتعاون إسرائيل مع هذا التحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة، فسيُغضب ذلك كثير من القادة السياسيين الأميركيين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي”.

وتابع في حديثه للجزيرة نت “إذا أرادت إسرائيل أن تستمر في كونها شريكا أمنيا وسياسيا وثيقا للولايات المتحدة، فعليها أن تتراجع عن هذا الموقف الخطير، وتساءل هل ستقبل إسرائيل عدم تعاون المسؤولين الأميركيين إذا تم اغتيال صحفي إسرائيلي بارز في الولايات المتحدة؟ يجب على إسرائيل أن تضع في اعتبارها أن هناك حدودا للتسامح الذي أظهرته الحكومات والمواطنون الأميركيون تجاه معظم المواقف الإسرائيلية”.

ويضيف ماك أن “تفاصيل مقتل شيرين تكشف عن أن الضحية كانت معروفة جيدا لدى إسرائيل وتم تحديدها بوضوح على أنها صحفية، وهو ما دفع حتى بالعديد من أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة لتوقع سلوك أكثر تعقلا من جانب إسرائيل”.

اتهامات ثابتة

ويتهم مسؤولون فلسطينيون وعائلة الشهيدة أبو عاقلة وشبكة الجزيرة إسرائيل بتعمد استهدافها وقتلها، خاصة أنها كانت ترتدي خوذة وسترة واقية تحمل كلمة “صحافة” عندما أطلق عليها النار في وضح النهار بشهر مايو/أيار الماضي في الضفة الغربية المحتلة.

وليس بغريب أو من غير المعتاد أن يقوم مكتب التحقيقات الفدرالي بإجراء تحقيقات في الوفيات غير الطبيعية للمواطنين الأميركيين في الخارج، خاصة إذا كانوا موظفين حكوميين.

ومع ذلك، فإن مثل هذه التحقيقات المنفصلة ليست هي القاعدة، ومن النادر، إن لم يكن غير المسبوق، أن تحدث في “دولة” حليفة للولايات المتحدة مثل إسرائيل معترف بها في واشنطن على أنها تتمتع بنظام قضائي مستقل.

من جانبه، أشار آرون ديفيد ميللر، الدبلوماسي السابق والخبير حاليا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في تغريدة له “أن ضغوط الكونغرس من أجل إجراء تحقيق أميركي في وفاة شيرين أبو عاقلة يمثل تحذيرا ضمنيا للحكومة الإسرائيلية المقبلة. قد يكون هناك -في الواقع- بعض القيود على دعم الولايات المتحدة للإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين”.

من جانبها، لم تكشف وزارة العدل الأميركية متى يبدأ التحقيق، وما الذي سيترتب عليه. ويمثّل إعلان التحقيق خطوة نادرة في ظل علاقات خاصة تجمع بين الجانبين.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى