الاخبار العاجلةسياسة

حل البرلمان الماليزي.. الائتلاف الحاكم يهرب من أزماته ويخالف رغبة الملك

كوالالمبور- سجلت حكومة رئيس الوزراء الماليزي إسماعيل صبري أقصر مدة حكم في تاريخ البلاد، وذلك بعد إعلانه حل البرلمان، ليفتح الطريق أمام انتخابات مبكرة في غضون 60 يوما، حسب ما ينص عليه الدستور.

وكان إعلان حل البرلمان متوقعا ومفاجئا في الوقت نفسه؛ فهو متوقع بسبب الضغوط التي مارستها قيادة حزب “المنظمة القومية الملايوية المتحدة” المعروف اختصارا باسم (أمنو) على رئيس الوزراء إسماعيل صبري، وهو أحد نواب رئيس الحزب.

أما المفاجأة في ذلك، فبسبب أن حل البرلمان جاء خلافا لرغبة الملك عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه، وتجاهل مؤشرات موضوعية تقتضي التأجيل، مثل طرح الميزانية السنوية في البرلمان وعدم الانتظار لمناقشتها وإقرارها، وعقد الانتخابات في موسم الأمطار الموسمية التي يصاحبها فيضانات عادة.

وقد انتقد الملك النظام السياسي غير المستقر في البلاد، وعبر عن عدم رضاه عن حل البرلمان بقوله إنه “لا يملك خيارا آخر”.

الملك في الزاوية

وكان من اللافت أن الملك -قبل استقبال رئيس الوزراء صباح الخميس الماضي- زار دائرة الأرصاد الجوية ومركز الإنذار من الفيضانات، للتحقق من جاهزية الدوائر المختصة بمواجهة خطر الفيضانات مع حلول الأمطار الموسمية، ورافقه خلال تلك الزيارة 3 وزراء عرفوا بمعارضتهم لتنظيم انتخابات مبكرة.

وكانت قيادة حزب أمنو -وهو أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم- قد كلفت رئيس الوزراء بلقاء الملك، لطلب حل البرلمان في أقرب وقت، لكن لقاء الخميس انتهى من دون إشارة إلى ذلك، وعاد رئيس الوزراء ليقابله ثانية بعد يومين ويحصل منه على موافقة بحل البرلمان، فهو من صلاحيات الملك بناء على توصية من رئيس الوزراء.

ووفق النظام البرلماني المعمول به في ماليزيا، فإن سلطة الملك دستورية لا تنفيذية، لكنه يستطيع رفض طلب حل البرلمان إذا لم يقتنع بمسوغاته.

ولم يرغب الملك في حل البرلمان مستندا إلى رسالة -بعثها للقصر وزراء يمثلون أحد أركان التحالف الحاكم- تنصحه بعدم الموافقة على ذلك، إضافة إلى حلول موسم الفيضانات ومناقشة الميزانية، فضلا عن التكاليف المضاعفة بسبب عدم تزامن انتخابات البرلمان المركزي مع انتخابات المجالس التشريعية في الولايات.

لكن، ونظرا لملفات شائكة تخص الملك مع الحكومة، فقد وجد نفسه مضطرا للاستجابة لقرار قيادة حزب أمنو، حسب ما أفادت به -للجزيرة نت- مصادر مطلعة في دوائر السلطة، لا سيما أن الملك السابق اضطر إلى التنحي عام 2018 بضغط من الحكومة.

بين السجن والسلطة

شكل يوم 23 من سبتمبر/أيلول الماضي نقطة فاصلة بالنسبة لقيادة حزب أمنو، فهو اليوم الذي حُكم فيه على رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق بالسجن بعد تثبيت المحكمة الفدرالية الحكم عليه بتهم فساد، وبعث ذلك بإنذار لجميع الساسة المتهمين بقضايا فساد مماثلة.

اقرأ ايضاً
السعودية ترحب بقرار مجلس محافظي «الطاقة الذرية» بشأن إيران

ورغم أن حزبه يقود التحالف الحاكم، فقد ظهر رئيس الحزب زاهد حميدي أكثر إصرارا من أي وقت مضى على تعجيل الانتخابات، لكي يتفادى مصير سابقه.

وقد رأى كثير من المحللين السياسيين -خاصة المحسوبين على المعارضة- أن الانتخابات المبكرة تصب في خدمة المتهمين بقضايا فساد، أملا في تغيير المعادلة السياسية، وإمكانية تغيير المدعي العام الذي يملك إسقاط القضايا في المحاكم، علما بأن المدعي وفق النظام القضائي يعمل وفق توصيات الحكومة.

وترى دوائر مغلقة في حزب أمنو أن الحكم على نجيب عبد الزراق بالسجن 12 عاما حصر الصراع بين رئيس الحزب زاهد حميدي ورئيس الوزراء إسماعيل صبري، فرئيس الحزب يشعر بالضيم من حرمانه منصب رئيس الوزراء الذي يمنحه حصانة من محاكمات الفساد، ويضاف إلى ذلك التناقض في سياسات الحكومة وسياسات الحزب، بينما يرى إسماعيل صبري أن الاستمرار في المنصب حق مكتسب.

وكان المخرج من أزمة الثقة التي تخيم على قيادة أمنو الهروب إلى الأمام بتعجيل الانتخابات، والدخول في مارثون آخر لإعادة ترتيب الأوراق داخل الحزب والأحزاب المتحالفة معه.

مأزق المعارضة

من جهة أخرى، بدا غريبا رفض المعارضة حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، وقد عزا عدد من قادتها رفضهم حل البرلمان إلى أنه لن يخدم إلا المتهمين بالفساد من قيادة أمنو، وهو ما أكده للجزيرة نت أحمد فاضل فهمي ممثل حزب عدالة الشعب في البرلمان المنحل.

أما مستشار حزب العمل الديمقراطي، ليم كيت سيانغ، فذهب بعيدا إلى اعتبار أن هدف تعجيل الانتخابات هو إطلاق سراح نجيب عبد الرزاق.

ويضيف فهمي أن “تحالف الأمل” المعارض ملتزم بالتفاهم الذي توصل إليه مع الحكومة في سبتمبر/أيلول 2021، الذي كان بتوصية من الملك من أجل استقرار النظام السياسي، وذلك بعد جائحة كورونا والتراجع الاقتصادي.

وتتجنب المعارضة الخوض في الخلافات التي تسببت في الإطاحة بحكومة تحالف الأمل بعد 22 شهرا من انتخابات مايو/أيار 2018، والانشقاقات التي سادت أحزابها منذ سقوط حكومتها في فبراير/شباط 2020.

وقد شهدت ماليزيا 3 حكومات في فترة انتخابية واحدة، كما أن رئيس الحزب الذي يقود تحالف الحكم ليس رئيس الوزراء، وهي سابقة في التاريخ السياسي الماليزي، ومؤشر على ضعف الحكومات الائتلافية.

ويخشى كثير من المراقبين أن تكون نتيجة الانتخابات المقبلة مزيدا من الشرذمة الحزبية، وذلك بعد أن ودعت ماليزيا حقبة حكم الحزب الواحد في الانتخابات السابقة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى