الاخبار العاجلةسياسة

حلم قد يتأجل سنوات.. هل أغلقت المحكمة العليا البريطانية الباب في وجه انفصال أسكتلندا؟

لندن- ضربة قوية تلقاها مشروع انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، بعد أن كانت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن تمنّي النفس بالحصول على سند قانوني لتنظيم استفتاء غير ملزم بشأن الانفصال تضغط به أكثر على الحكومة البريطانية.

وأغلقت المحكمة العليا البريطانية -التي تعد أعلى هيئة قضائية في المملكة المتحدة- هذا الباب نهائيا برفضها أية محاولة لتنظيم استفتاء للانفصال من دون موافقة الحكومة في لندن؛ مما يضع رئيسة وزراء أسكتلندا والحزب الوطني الأسكتلندي -الذي تنتمي إليه- في مأزق حقيقي؛ وهو الذي بنى مشروعه السياسي على تنظيم استفتاء انفصال جديد بعد السابق الذي نُظم سنة 2014 وصوتت الأغلبية فيه لصالح البقاء مع المملكة المتحدة.

وتبقى الأنظار موجهة إلى أسكتلندا وحكومتها لمعرفة الخطوة المقبلة التي ستقوم بها، وهل ستتحدى حكم المحكمة العليا وتنظم الاستفتاء من دون موافقة الحكومة في لندن؟

epa07850262 An exterior general view of the Supreme Court during a hearing on the prorogation of parliament, in London, Britain, 18 September 2019. The Supreme Court is due to rule on 19 September whether the suspension of parliament by British...
المحكمة العليا البريطانية منعت أي استفتاء على انفصال أسكتلندا من دون موافقة الحكومة في لندن (الأوروبية)

ماذا قالت المحكمة العليا؟

أعلنت المحكمة العليا أن القانون الذي بموجبه تم تأسيس البرلمان الأسكتلندي سنة 1999 لا يمنحها صلاحيات اتخاذ القرارات المتعلقة بالسيادة، أو المسائل الدستورية، التي تبقى حكرا على مجلس العموم البريطاني في لندن. وحسب المحكمة، فإنه لا يحقّ للبرلمان الأسكتلندي اتخاذ أي قرار يتعلق بالاتحاد بين أسكتلندا وبريطانيا.

ورفضت المحكمة العليا الطرح الذي تقدمت به أسكتلندا بشأن إمكانية إجراء استفتاء من دون موافقة لندن، على أن يكون هذا الاستفتاء غير ملزم ولن يكون له أي أثر قانوني، إلا أن المحكمة قالت إنه في ظل غياب أي موافقة من الحكومة البريطانية فإن الاستفتاء لن يكون قانونيا وهو غير شرعي.

ما الخيارات المتبقية أمام أسكتلندا؟

هناك 3 سيناريوهات باتت مطروحة أمام الحكومة الأسكتلندية بعد قرار المحكمة العليا:

  • أولها: أن تنتظر إلى حين الانتخابات العامة المقررة نهاية 2024 أو 2025، ذلك أن حزبي الوطني والخضر الأسكتلنديين وعدا بجعل هذه الانتخابات بمثابة استفتاء على الانفصال بعد دخولهما الانتخابات بمشروع واحد وهو إجراء استفتاء الانفصال، وفي حال حصولهما على الأغلبية المطلقة فهذا سيعد بمثابة تصويت من الأسكتلنديين على خيار الخروج.
    كما يأمل الحلف المؤيد للانفصال أن يحصل على عدد مقاعد أكبر داخل مجلس العموم البريطاني؛ مما يمنحه قدرة على الضغط أكثر على الحكومة البريطانية لتغيير موقفها.
  • والخيار الثاني: التخلي عن مشروع الانفصال، أو الانتظار إلى حين نضوج كل شروطه الموضوعية، خاصة أن نيكولا ستورجن -التي تقود حاليا جهود تنظيم استفتاء جديد- سبق أن قالت -خلال استفتاء 2014- إن الاستفتاء فرصة لمرة واحدة في كل جيل.
    وتتعالى الأصوات المطالبة بالتركيز على تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للبلاد والتعافي من آثار جائحة كورونا والركود الاقتصادي وعدم التصعيد مع لندن، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
  • أما الخيار الثالث: فهو إصرار الحزب الوطني الأسكتلندي على إجراء الاستفتاء رغم قرار المحكمة العليا، وعدّ نتيجته دليلا قاطعا على الرأي العام في أسكتلندا. إلا أن هذا الخيار يبقى مستبعدا خاصة مع تصريح نيكولا ستورجن بأنها تحترم قرار المحكمة العليا، وأنها مصرة على أن يكون تنظيم الاستفتاء شرعيا وقانونيا. كما أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أكثر من 65% من الأسكتلنديين يعارضون تنظيم استفتاء من دون اتفاق مسبق مع الحكومة البريطانية.
اقرأ ايضاً
لاكروا: إسرائيل مستمرة في بناء جدار الفصل وفلسطينيون يرون أنه سينهار مثلما انهار جدار برلين
epa08120052 Thousands of campaigners for Scottish independence wave Scottish, Catalonian, Lion Rampant and other flags as they attend the All Under One Banner (AUOB) march through Glasgow, Scotland, Britain, 11 January 2020. According to reports, several thousand supporters of Scottish independence took part in the protest march. EPA-EFE/Robert Perry
أسكتلنديون مؤيدون للانفصال عن تاج المملكة المتحدة يرفعون علم أسكتلندا في مظاهرة سابقة (الأوروبية)

لماذا تريد أسكتلندا الانفصال؟

كاد استفتاء سنة 2014 -الذي صوّت فيه 55% من الأسكتلنديين لصالح البقاء مع المملكة المتحدة- أن ينهي جدل الانفصال، لولا أن البريكست (انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي) أعاد فتح هذا الجدل من جديد. والسبب أن أسكتلندا صوتت لصالح خيار البقاء مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 62%، وهو ما منح الحزب الوطني الأسكتلندي مبررا للمطالبة باستفتاء انفصال جديد لأن أسكتلندا اختارت البقاء مع الاتحاد الأوروبي.

ومنذ انطلاق مفاوضات الانفصال بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، تقول أسكتلندا إن هذا الانفصال ضد إرادتها، خاصة بعد أن اختارت الحكومة البريطانية في عهد رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون نهج الانفصال الكامل عن الاتحاد الأوروبي، في حين ترى الحكومة الأسكتلندية أن من مصلحتها الاقتصادية والتجارية البقاء مع الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، تقول الحكومة البريطانية إن الحكومة في أسكتلندا لحد الآن عاجزة عن تقديم رؤية متكاملة حول الانفصال، وشكل العملة الجديدة، وطبيعة الحدود بين أسكتلندا وبريطانيا والنظام السياسي. وتؤكد الحكومة البريطانية موقفها الثابت بأن إجراء الانفصال “لا يكون إلا مرة واحدة في كل جيل”.

ماذا عن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي؟

رغم معارضة بريطانيا انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، فإن هذا لا يمنعها من إظهار موقف متشدد مع أي صوت يدعو لمراجعة قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بل إن رئيس الوزراء البريطاني الحالي ريشي سوناك أكد أنه سيقف ضد أي اتفاق يجبر بريطانيا على ملاءمة قوانينها مع قوانين الاتحاد الأوروبي، مما يعني أنه سيواصل نهج بوريس جونسون في تحقيق الانفصال الكامل عن الاتحاد الأوروبي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى