الاخبار العاجلةسياسة

تهدد بعمل بري للسيطرة عليها.. لماذا عين تركيا على تل رفعت وعين العرب ومنبج تحديدًا؟

إسطنبول- تكرر ذكر مدن عين العرب وتل رفعت ومنبج، شمال سوريا على لسان المسؤولين الأتراك، بوصفها هدفًا للعملية البرية المرتقبة توسيعًا للضربات الجوية التي تشنها حاليًا تحت اسم “المخلب السيف”، كما طالبوا مرارًا بإخلائها من المسلحين الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني.

وتقع هذه المدن الثلاثة في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على تل رفعت، فيما تسيطر على منبج وعين العرب (كوباني) ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها الوحدات والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال المصنف على لائحة الإرهاب في البلاد.

وقالت مصادر تركية رسمية للجزيرة الثلاثاء إن تركيا اشترطت انسحاب ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية من منبج وعين العرب كوباني وتل رفعت. وأضافت المصادر أن أنقرة اشترطت أيضا عودة مؤسسات النظام السوري بديلا عن “قوات سوريا الديمقراطية”، بما فيها القوات الأمنية وحرس الحدود.

وإذا كانت هذه المناطق الثلاثة أولوية لصانع القرار التركي، فما هي الأسباب التي تجعلها كذلك؟ وهل المطالبة بإخراج المسلحين الأكراد منها هي سقف المطالب الأمنية التركية أم أنها مرحلة أولى ستتبعها مطالبات مماثلة في بقية المناطق التي تسيطر عليها “قسد”؟.

تطالب أنقرة حلفاءها الغربيين وعلى رأسهم واشطن بالكف عن دعم ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، باعتبارها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن في تركيا حربًا انفصالية منذ عقود والمدرج على لوائح الإرهاب في كل من تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. إلا أن الأخيرة تبرر دعمها بضرورة التعامل مع قوات محلية لمكافحة تنظيم الدولة، وتقول إن “قسد” يمثل مظلة متنوعة من المقاتلين الأكراد والعرب وغير ذلك.

ماذا حدث في تل رفعت؟

في عام 2018 شنت تركيا ثاني عملياتها البرية داخل الأراضي السورية وأولى عملياتها التي تستهدف مقاتلي الوحدات الكردية في عفرين، وتمكنت من طردهم والسيطرة على الأخيرة بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية.

وانحازت الوحدات الكردية في ذلك الحين إلى منطقة تل رفعت التي كانت قد انتزعت السيطرة عليها من فصائل المعارضة عام 2016 مستغلة القصف الجوي الروسي الذي كان يستهدفها في ذلك العام.

A fighter of Syrian Democratic Forces (SDF) holds her weapon as they announce the destruction of Islamic State's control of land in eastern Syria, at al-Omar oil field in Deir Al Zor, Syria March 23, 2019. REUTERS/Rodi Said TPX IMAGES OF THE DAY
مقاتلو الوحدات الكردية سيطروا على تل رفعت عام 2016 بعد طرد مقاتلي المعارضة السورية (رويترز)

ورغم سيطرة القوات التركية على عفرين في عملية “غصن الزيتون” في حدث قيل إنه نتيجة لضوء أخضر روسي، فإن تل رفعت ظلت جيبًا في خاصرة المنطقة، بعدما أخلت روسيا عفرين من جنودها الذين كانوا منتشرين فيها قبل العملية التركية، وجمعتهم في تل رفعت ما شكل ملاذًا للمقاتلين الأكراد.

وطالبت تركيا روسيا مرارًا بإخلاء تل رفعت وإعادتها إلى المعارضة السورية ليتمكن سكانها الذين لجؤوا إلى تركيا من العودة إليها، إلا أنها ظلت عصية على التفاهمات.

ماذا حدث في منبج وعين العرب؟

وفي حين لم تكن عفرين تضم جنودًا أميركيين قبل عملية غصن الزيتون، فإن تل أبيض ورأس العين شرقي نهر الفرات التي استهدفتها عملية “نبع السلام” التركية أواخر 2019 كانت تضم قوات أميركية بالفعل، ولكن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قررت سحب قواتها في سوريا قبيل العملية، ما جعل منطقة تل أبيض ورأس العين ومنبج وعين العرب ومعظم المناطق الأخرى في مرمى الجيش التركي.

اقرأ ايضاً
ترقب لإبحار أول سفينة حبوب أوكرانية.. كييف تحذر القوات الروسية من التعرض لسفنها وموسكو تطالب بتصدير متزامن

وبعد أيام على انطلاق “نبع السلام” وسيطرة القوات التركية على تل أبيض ورأس العين، عادت التحذيرات الأميركية بموازاة التحذيرات الروسية إلى الصدارة، ما دفع أنقرة للانخراط في مفاوضات مع كل من موسكو وواشنطن على حدة، نجم عنها اتفاق سوتشي مع روسيا والذي تعهدت الأخيرة فيه بإخلاء المنطقة الحدودية بعمق 30 كيلومترًا من مقاتلي “قسد” وكذلك الحال بالنسبة لمنطقتي منبج وتل رفعت، وانتشار قوات النظام في محيط منبج.

وحصلت تركيا على اتفاق مشابه مع الجانب الأميركي الذي تعهد بمعالجة المخاوف الأمنية التركية وإخلاء الشريط الحدودي من مقاتلي “قسد” إلا أن أنقرة تقول إن أيًا من تلك التعهدات لم تتحقق.

لماذا هذه المناطق الثلاث؟

ورغم سيطرتهم على مناطق واسعة شمال شرق سوريا خاصة شرقي نهر الفرات، فإن الخطر الذي يهدد الأمن القومي التركي ويهدد أمن المعارضة السورية ينطلق من هذه المناطق الثلاث تحديدًا، بحسب الباحث السياسي في مركز جسور للدراسات، وائل علوان.

وشهد شارع الاستقلال وسط مدينة إسطنبول التركية في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي انفجارًا نجم عنه مقتل 6 مدنيين وإصابة أكثر من 80 آخرين، في هجوم وجهت السلطات التركية أصابع الاتهام بشأنه إلى وحدات حماية الشعب، وفرعها المتمركز تحديدًا في مدينة عين العرب (كوباني).

وفي ضوء هذا الهجوم، اعتبر علوان متحدثا للجزيرة نت أن “عين العرب لا تزال تشكل بؤرة تهديد مستمرة، وكذلك الحال بالنسبة لمنبج حيث تعد تهديدا لمناطق المعارضة المجاورة التي تديرها تركيا”.

ولفت الباحث إلى أن المجموعات المتمركزة في منطقة تل رفعت تستهدف بشكل شبه يومي مناطق المعارضة السورية.

وأوضح أن المناطق الثلاث التي يصر الأتراك على طرد قوات “قسد” منها” رغم أن أجزاء منها تتجاوز عمق 30 كيلومترا التي تطالب بها أنقرة، إلا أنها مذكورة نصًا في اتفاق سوتشي الذي يقول بإخلاء كامل تل رفعت وكامل منبج ثم المناطق شرق وغرب عملية “نبع السلام” بعمق 30 كيلومترا.

وبناء عليه، فإن “منبج كاملة وتل رفعت كاملة بالنسبة لتركيا هي استحقاق في التفاهمات التركية الروسية والتركية الأميركية”، بحسب علوان.

ويرى الباحث السياسي أن “الاتصال الجغرافي” بين مناطق نبع السلام ومناطق المعارضة شمال حلب يساهم في إرساء الاستقرار المطلوب وإفساح المجال أمام تحقيق مشاريع تنمية كبيرة، بما يجعلها مقصدًا لمعظم اللاجئين في تركيا، لا سيما الذين ينتمون إليها، وهو مشروع يعتقد علوان أنه يمثل “أولوية لتركيا”.

لماذا الآن؟

وبالمثل، يؤكد المحلل السياسي المتخصص بالشأن التركي أحمد حسن أن عدد المهجرين من هذه المناطق كبير وتسهل عودتهم، الأمر الذي يحل جزءا من مشكلة عودة اللاجئين.

وبالإضافة إلى ذلك، عبر حسن للجزيرة نت عن اعتقاده بحاجة حزب العدالة والتنمية التركي إلى “نصر عسكري وسياسي” قبل الانتخابات العام المقبل، فيما تشكل هذه المناطق الخيار الأفضل لتحقيق هذا النصر.

ويعود ذلك بحسب المحلل السياسي إلى إمكانية تنفيذ العملية العسكرية البرية بطريقة أقل خطورة، لأن روسيا والولايات المتحدة قد لا ترى فيها نفس الخطورة على مصالحهما كما هو الحال في المناطق الواقعة شرقي الفرات.

وتشكل منطقتا منبج وعين العرب ومعهما تل رفعت ما تبقى في غرب الفرات من خط ربط حزب العمال الكردستاني و”قسد”، الممتد من العراق إلى البحر المتوسط، أو ما يطلق عليه الكوريدور اللوجستي، بحسب حسن، الذي رأى أنه يتم العمل على إنهائه من قبل تركيا باستهداف هذه المناطق كمرحلة أولى، قبل الانتقال الى قلب المشروع في شرق الفرات.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى