اقتصاد

تشكل 1% من الاقتصاد.. هل يتجه العراق إلى إغلاق مصانعه الحكومية؟

بغداد- أثار تصريح لوزير الصناعة والمعادن العراقي الدكتور خالد بتال بأن نحو 40 ألف موظف فائض عن الخدمة في مصانع الوزارة، وأن وزارته عاجزة عن تأمين رواتب موظفيها؛ انتباه الكثير من العراقيين، خاصة أن المصانع كانت تشكل رافدا جيدا للاقتصاد قبل عام 2003.

وفي تصريحه بيّن بتال أن وزارته تضطر للاقتراض من وزارة المالية لتمويل رواتب موظفيها، وهو ما أدى إلى مديونية عالية.

وخلال مؤتمر صحفي السبت الماضي في الموصل (شمالي البلاد)، رأى بتال أن وزارة الصناعة تحولت إلى “شبكة للرعاية الاجتماعية”.

ووصف واقع الصناعة في العراق “بالمرّ جدا”، مشيرا إلى أن هناك تركة ثقيلة من تراكمات السنوات السابقة.

الوزير خالد بتال وجود نحو 40 ألف موظف فائض عن الخدمة في مصانع الوزارة (الجزيرة نت)
بتال كشف عن وجود نحو 40 ألف موظف فائض عن الخدمة في مصانع الوزارة (الجزيرة نت)

إغلاق المصانع

وتعليقا على تصريحات الوزير، يقول مدير عام الدائرة الفنية في وزارة الصناعة المهندس ناصر إدريس المدني إن هناك أعدادا هائلة من الموظفين خارج حاجة المصانع والشركات تم تعيينهم بعد عام 2003، حيث كان مدير المصنع لا يستطيع الاعتراض خوفا من الكتل السياسية والأحزاب.

وبيّن المدني للجزيرة نت أن تصريحات الوزير بتال لا تعني إنهاء خدمات هؤلاء، بل تعني أن رواتب هذه الأعداد الكبيرة قد تسبب ارتفاع كلفة الإنتاج؛ ومن ثم خسارة المصانع.

وحول احتمالية إغلاق جميع المصانع الحكومية بعد تصريحات الوزير، نفى المدني أي توجه نحو ذلك، لافتا إلى أنه وفق قانون شركات التمويل الذاتي فإن المصانع التي تخسر 3 سنوات متتالية يتم تحويلها للقطاع الخاص أو لشركات مساهمة.

وعن تحويل تلك المصانع الخاسرة للقطاع الخاص، يؤكد المدني عدم تطبيقها بسبب تخوف الدولة العراقية من غضب العاملين؛ مما جعل الوزارة تدفع الرواتب الشهرية لأعداد كبيرة من العمالة من دون إنتاج.

عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات العراقي رائد الرحمان:ي معظم المصانع الحكومية خاسرة ولا جدوى اقتصادية من استمرارها بهذه الحالة (الجزيرة نت)
الرحماني رأى أن معظم المصانع الحكومية خاسرة ولا جدوى اقتصادية من استمرارها (الجزيرة نت)

لا جدوى اقتصادية

في الجانب الآخر، وتعليقا على تصريح الوزير، يقول عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات العراقي رائد الرحماني إن معظم مصانع وزارة الصناعة والمعادن خاسرة، ولا توجد جدوى اقتصادية من استمرارها بهذه الحالة.

وفي حديثه للجزيرة نت يطرح الرحماني حلا لإنقاذ القطاع الصناعي عبر التوجه بعرض المصانع الحكومية للاستثمار أو المشاركة بين القطاعين العام والخاص من خلال قانون الشراكة بينهما المطروح أمام البرلمان حاليا.

أحد مصانع القطاع العام في العراق (الجزيرة نت)
مصنع شركـة ديالى العامة يرفد دوائر الدولة العراقية والسوق المحلية بالمحولات الكهربائية (الجزيرة نت)

المصانع المتوقفة والعاملة

خصت وزارة الصناعة والمعادن العراقية الجزيرة نت بإحصائية عن عدد المصانع في العراق العاملة منها والعاطلة، إذ يبلغ العدد الكلي للمصانع التابعة لشركات القطاع العام في العراق نحو 227، في حين يبلغ العدد العامل منها 144 فقط.

ووفقا لتلك البيانات فإن نحو 18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقفة عن العمل لأسباب مختلفة.

في حين، وضعت الوزارة خطة لتأهيل وتشغيل المصانع الـ83 المتوقفة، منها 17 بخطة قصيرة الأمد تستغرق عاما واحدا، و24 بخطة متوسطة الأمد (3 سنوات)، و42 معملا بخطة طويلة الأمد (5 سنوات).

اقرأ ايضاً
أسعار النفط تقفز 5% نهاية تداولات الأسبوع
الجواهري العراق كان لديه مصانع حققت الاكتفاء الذاتي قبل العام 2003 (الجزيرة نت)
الجواهري: العراق كان لديه مصانع حققت الاكتفاء الذاتي قبل عام 2003 (الجزيرة نت)

طفرة نوعية

ويكشف الاستشاري في التنمية الصناعية والاستثمار عامر عيسى الجواهري عن أن العراق شهد طفرة نوعية داخل الاقتصاد الوطني قبل عام 2003، إذ كانت لديه معامل في الأدوية والغزل والنسيج والألبسة والأسمدة والفوسفات ومصانع السكر ومصانع الإسمنت والحديد الصلب والصناعات الدقيقة، وأخرى للمواد الغذائية والألبان، وحققت الاكتفاء الذاتي للبلاد، مشيرا إلى أنها اليوم عاطلة عن العمل تدفع مرتبات للآلاف من موظفيها والعاملين فيها من دون إنتاج.

وبلغة الأرقام، أوضح الجواهري للجزيرة نت أن مساهمة الصناعة في حجم الناتج الإجمالي للعراق بلغت 6% عام 1979 و10% عام 1985. أما في عام 1988 فبلغت 13.9%، وفي الأعوام ما بعد حرب الخليج الثانية عام 1990 بلغت 3.8%، حتى 2001 بلغت 1.5%، ووصلت إلى 2.7% عام 2011، في حين انتكست عام 2018 إلى نحو 0.9% من إجمالي الناتج المحلي للعراق.

ويضيف الجواهري أن خطة التنمية الحكومية (2018-2022) في العراق تهدف إلى زيادة نسبة مساهمة القطاع الصناعي من 0.9 إلى 1.1% .

وأشار الجواهري إلى أن الاستثمارات المطلوبة لتحقيق معدل النمو المستهدف في الخطة قدرت بنحو 186.7 مليار دولار، منها 111.7 مليار دولار من الموازنات التخطيطية السنوية، أما المتبقي فمن استثمارات القطاع الخاص.

شركة الفارس العامة احدى تشكيلات وزارة الصناعة المُتخصصة بالصناعات الميكانيكية حققت إيرادات 200% خلال النصف الأول من ٢٠٢٢ (الجزيرة نت)
شركة الفارس العامة إحدى شركات وزارة الصناعة المتخصصة في الصناعات الميكانيكية (الجزيرة نت)

الرؤية الوزارية

بموازاة ذلك قال المتحدث باسم وزارة الصناعة والمعادن مرتضى الصافي إن الوزارة بدأت تنفيذ خطة موضوعة لدعم القطاع الصناعي في العراق.

وأوضح للجزيرة نت أن الوزارة استطاعت إعادة افتتاح أكثر من 20 مصنعا ومعملا كانت متوقفة عن العمل خلال السنوات الثلاث الماضية.

وحول الصناعات الكبيرة في العراق مثل الأسمدة، والبتروكيماويات، والحديد الصلب، والصناعات العسكرية، والأدوية، والفوسفات والكبريت؛ يقول إن رؤية الوزارة هي إعطاء أولوية للصناعات الإستراتيجية، مع عدم إهمال الصناعات التحويلية والصناعات التفصيلية الأخرى.

ولفت إلى أن الوزارة تدعم القطاع الخاص في ما يخص الصناعات التفصيلية التي لها علاقة بحياة المواطن كون عمل الوزارة هو رعاية القطاع الصناعي.

الصناعة “قُتلت”

في هذه الأثناء، رأى عضو لجنة الاقتصاد النيابية عبد اللطيف المحمداوي أن القطاع الصناعي تم إطلاق رصاصتين على جسده: الأولى بعدم السماح بإنشاء معامل ومصانع للإنتاج المحلي، والثانية هي الاستغناء عن استيراد السلع الأولية من أجل بقاء البلد مستهلكا غير منتج.

وبيّن المحمداوي في حديثه للجزيرة نت أنه لا وسيلة للنهوض بالاقتصاد العراقي إلا من خلال تفعيل القطاع الصناعي الذي يسهم في تشغيل أكبر عدد من العمالة ورفد السوق المحلية بمختلف المنتجات.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى