الاخبار العاجلةسياسة

عقوبات تصل 3 سنوات سجنا.. هكذا تحاصر إسرائيل كراجات إصلاح السيارات بالضفة

الخليل- “لا يوجد زبائن، الكراجات فارغة والمستقبل مخيف” هكذا بدأ الفلسطيني محمد عوايصة حديثه تعقيبا على قرار منع فلسطينيي 48 من إصلاح سياراتهم بالضفة الغربية المحتلة.

يضيف عوايصة -للجزيرة نت، وهو صاحب كراج يوظّف معه 5 مختصين في إصلاح وتغيير قطع السيارات- أن آثار القرار الذي أصدره جيش الاحتلال كانت مباشرة “فمنذ 5 أيام تراجع عدد الزبائن ولم تعد في الكراجات سيارات نمرة صفراء” في إشارة إلى لون لوحات تسجيل مركبات الداخل الفلسطيني التي تحمل أرقاما إسرائيلية.

1
قوات الاحتلال تفتش سيارات في ورشة تصليح فلسطينية (مواقع التواصل)

السجن 3 سنوات

ويوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شنّت شرطة وجيش الاحتلال حملة تفتيش في قرية “النبي إلياس” شرقي مدينة قلقيلية، التي تقع بمنطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية، شمالي الضفة.

وكان هدف الحملة فلسطينيي 48 الذين يصلحون مركباتهم في كراجات فلسطينية، وقد قامت الشرطة بضبط 9 مركبات، واستدعت أصحابها للاستجواب.

وقالت شرطة الاحتلال -في بيان وصل الجزيرة نت نسخة منه- إنه “بحسب القانون، يُحظر إصلاح المركبات الإسرائيلية في الكراجات الفلسطينية”.

ووصفت الحالة بأنها “خطيرة” وأن دخول أراضي السلطة “محظور” مدّعية أن صيانة السيارات بهذه الكراجات “ليست آمنة” من حيث أداء العمل وقطع الغيار المركّبة بالسيارات. وقالت الشرطة “عقوبة جريمة حظر التصليح تصل إلى السجن 3 سنوات”.

أسواق تستهدف فلسطينيي 48

يقع كراج عوايصة وعشرات محلات تصليح وبيع قطع السيارات، ومتاجر أخرى، في شارع يمتد عدة كيلومترات قرب بلدة الظاهرية (جنوبي الضفة) وقريبا من حاجز بئر السبع العسكري، والذي يفصل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 عن تلك المحتلة عام 1948.

وتزداد حركة فلسطينيي 48 نحو الضفة لدرجة الاكتظاظ في العُطل الرسمية، والسبت من كل أسبوع، وهو يوم إجازة بإسرائيل.

ويرتاد الظاهرية يوميا المئات من سكان المدن الفلسطينية بالنقب، منها بئر السبع ورهط وحورة واللقية وغيرها، لغرض التسوق أو إصلاح سياراتهم أو الزيارات العائلية، نظرا لوجود مصاهرة ونسب بين شقي الوطن.

7 1
كراجات بالظاهرية (جنوب الخليل) بعد منع الاحتلال فلسطينيي 48 من إصلاح سياراتهم بالضفة (الجزيرة)

أسعار منافسة

يبين عوايصة (34 عاما) أنه يشتري من شركات التأمين الإسرائيلية السيارات المتضررة من حوادث سير، ويستفيد من قطعها السليمة ويبيعها للزبائن بأسعار تقل بنحو 80% عن سعرها في إسرائيل.

يقول صاحب الكراج -وهو أب 6 أبناء- إن القرار الإسرائيلي بملاحقة أصحاب السيارات “قاتل للمهنة والعاملين فيها وعائلاتهم”.

ويدعو كل من يستطيع الضغط على الاحتلال لدفعه إلى التراجع عن القرار، محذّرا من بطالة تنتظر آلاف العاملين بهذه المهنة.

ويرد عوايصة على تبرير شرطة الاحتلال بأن أراضي السلطة غير آمنة بقوله “منذ عشرات السنين ونحن بهذه المهنة ولم تُسجل حالة خطر واحدة، بالنسبة لقطع الغيار فإننا نبيع الزبون البضاعة التي يطلبها وبسعر أقل من أراضي الـ 48”.

وتابع متحدثا من كراجه الفارغ بينما يتبادل الحديث مع موظفيه خلافا للعادة “جميع الكراجات الفلسطينية بها مهنيون وخبراء ومرخصة وتخضع للرقابة من السلطة الفلسطينية”.

اقرأ ايضاً
موسكو تجند الكوماندوز الأفغان الذين تخلت عنهم واشنطن

ويضيف أنه يعمل بمهنته منذ 18 عاما، ولا يستبعد أن يكون الغرض من القرار هو الضغط اقتصاديا على الفلسطينيين من جهة، وإرضاء أصحاب شركات قطع السيارات والكراجات الإسرائيليين.

وأطلع عوايصة مراسل الجزيرة نت على مراسلات عبر تطبيق واتساب مع زبائنه من فلسطينيي 48، يعتذرون فيها عن عدم الحضور مبدين تخوفهم من ملاحقتهم أو تصوير سياراتهم بكراجات فلسطينية، وآخرين قرروا أخذ سياراتهم قبل إتمام إصلاحها.

خبرة ومهارة

من جهته يقول علي شعور، وهو صاحب 4 متاجر تتعلق بغسل وصيانة وإصلاح السيارات، إنه يشعر بقلق شديد على مستقبله ومستقبل أبنائه الأربعة الذين يعملون معه.

وأضاف “نعتمد بنسبة 95% على فلسطينيي 48، ومنذ 4 أيام لم نستقبل إلا عددا قليلا منهم”.

ويقول إن محله واحد من مئات المحلات التجارية والمشاغل التي فتحت السنوات الأخيرة في شارع يرتاده فلسطينيو 48.

أما عن زبائن الضفة كبديل، فيقول “محلات هذه المنطقة مخصصة لفلسطينيي 48 وهم أفضل من حيث الوضع المادي والدفع النقدي، أما زبائن الضفة فلديهم خيارات كافية بمناطق أخرى، وترددهم على الكراجات يكون في حالات الضرورة فقط”.

أما طلال سمامرة، وهو صاحب محل لطلاء السيارات، فوجد متسعا للجلوس أمام محله، إذ لديه سيارة واحدة بالمراحل الأخيرة قبل التسليم، ولا ينتظر زبائن جددا.

ويقول للجزيرة نت “نحن نشتغل حسب طلب الزبون، لدينا خبراء ومهرة وسعرا أفضل من مدن الداخل الفلسطيني، لذلك يفضل فلسطينيو 48 إصلاح سياراتهم هنا”.

10
قطع غيار سيارات مستعملة بأحد كراجات الظاهرية جنوب الضفة (الجزيرة)

قطع التواصل

في الجانب الآخر، يُبدي المواطن ذياب أبو مديغم، القادم من مدينة راهط بالنقب، داخل أراضي الـ 48، قلقا حقيقيا من تبعات قرار الشرطة الإسرائيلية. ويقول إن كثيرين أمثاله امتنعوا عن إدخال سيارتهم إلى كراجات الضفة.

ويضيف الشاب “هنا نجد بسهولة قطع السيارات التي نريدها لكل الشركات، وإذا كان سعر القطعة مثلا بالداخل 250 شيكلا، نجدها هنا بـ 50 شيكلا” (الدولار= 3.4 شياكل).

ويقول أبو مديغم أيضا إن في الكراجات بالضفة خبراء ومحترفين يتقنون أعمالهم في وقت قياسي، مقابل الانتظار لأسابيع في الداخل.

ولا يرى المواطن في القرار الإسرائيلي سوى “محاولة لتقييد حركة وتنقّل فلسطينيي 48 وصِلتهم بفلسطينيي الضفة” دون أن يستبعد مزيدا من التضييق مستقبلا على التسوّق بالضفة.

ولا تتوفر إحصاءات حديثة عن مهنة إصلاح السيارات وعدد العاملين فيها، لكن معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني -نشرت عام 2017- أفادت بوجود 5281 منشأة لصيانة وإصلاح المركبات بالضفة، يبلغ عدد العاملين فيها نحو 11 ألفا و 35 شخصا من الجنسين.

كما أفادت الإحصاءات بوجود 1385 منشأة لبيع قطع غيار وإكسسوارات المركبات، ويبلغ عدد العاملين فيها 2881.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى