اخبار العالم

تساؤلات حول دور إيطاليا في مكافحة «الإرهاب» بأفريقيا

في ظل ما تشهده منطقة غرب أفريقيا والساحل الأفريقي من مواقف مناهضة للدور الفرنسي، تتحدث إيطاليا عن دور محتمل لقيادة جهود أوروبية في مكافحة الإرهاب في القارة.
ويقلل مراقبون وخبراء من قدرة إيطاليا على سد الفراغ الفرنسي عسكرياً، لكنهم يرون أنها قد تقدم مقاربة غير مباشرة في هذا السياق، عبر المسار الاقتصادي والتنموي.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الأحد الماضي، إن بلادها «تستطيع قيادة مكافحة الإرهاب في أفريقيا وتعزيز التعاون والنمو الاقتصادي والتجاري بين الاتحاد الأوروبي ودول القارة».
وخلال حديثها، في النسخة الثامنة من ملتقى «حوارات المتوسط» السنوي في روما، قدمت ميلوني خطتها المسماة «خطة ماتي» لأفريقيا، قائلة: «إن الاستقرار والأمن في أفريقيا يعدان شرطاً مسبقاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية» للدول الأوروبية والأفريقية معاً. وأكدت ميلوني أن إيطاليا «لا تريد أن تلعب دوراً جائراً، تجاه الدول الأفريقية، بل دوراً تعاونياً يقدر هويات وخصوصيات الأمم الأفريقية».
وأكدت ميلوني أن أولويات السياسة الخارجية والأولويات الوطنية والأمنية «الأكثر إلحاحاً» للحكومة الإيطالية، تشمل «تحقيق الاستقرار الكامل والدائم لليبيا»، واتخاذ مكانة رائدة في مواجهة «انتشار التطرف الراديكالي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى محمد الأمين ولد الداه، الخبير في شؤون الساحل الأفريقي، أن «إيطاليا تستطيع بالفعل مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، عبر شراكات تنموية مع دول المنطقة، يمكن من خلالها تعزيز الاقتصاد والتنمية، وهو أهم محور قد يلعب دوراً حاسماً في كبح النفوذ الإرهابي».
وقال ولد الداه إن «من شأن دور إيطالي في هذا السياق التنموي والاقتصادي أن يصب في مصلحة روما، والاتحاد الأوروبي بصفة عامة؛ لأن الخروج الفرنسي من منطقة الساحل يفاقم التهديد الإرهابي على القارة الأوروبية كلها».
ويرى الخبير في شؤون الساحل الأفريقي أنه «على الرغم من الضرر الكبير الواقع عليها فإن إيطاليا تفتقر إلى النفوذ الفرنسي في دول الساحل، والذي يتكون من علاقات ممتدة ومتشعبة، ليس فقط مع دوائر السلطة، بل مع القوى الاجتماعية والثقافية والحزبية وغيرها».
ويقول إنه «ربما نشهد في منطقة الساحل تبلوراً لدور أوروبي جديد، وإعادة توزيع أدوار، ولن تجد إيطاليا ممانعة من دول أفريقيا التي تعلم تماماً أنها لن تستطيع مواجهة الإرهاب منفردة دون مساعدة من الظهير الأوروبي».
وقبل أن تصبح رئيسة للوزراء، هاجمت ميلوني بشدة فرنسا؛ بسبب سياساتها في أفريقيا، واتهمتها «باستغلال الدول الأفريقية، والسيطرة على مواردها، ومفاقمة معاناة شعوبها».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسمياً انتهاء عملية «برخان» لمكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي.
من جانبه، رأى ماهر فرغلي، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة، أن «إيطاليا قد تكون لديها الرغبة في لعب دور في هذه المنطقة بعد الانسحاب الفرنسي، وانتهاء عملية برخان، لكن الرغبة والتصريحات الإعلامية لا تكفي في ظل الوضع المتفاقم للغاية في منطقة الساحل».
ويقول فرغلي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن إيطاليا لا تستطيع أن تلعب دوراً جوهرياً، حيث لا تملك تراكم الخبرات في المجالين الاستخباراتي والعسكري، كما أنها لم تلعب دوراً جوهرياً من قبل في مواجهة الإرهاب في ليبيا، وبقية دول أفريقيا، والأمور في منطقة الساحل معقدة جداً».
وتصاعد الإرهاب في دول الساحل الأفريقي بشكل أسرع من أي منطقة أخرى في أفريقيا، بزيادة 140 في المائة منذ عام 2020، وأسفر هذا عن مقتل 8 آلاف شخص، ونزوح 2.5 مليون، بينما وصل عدد ضحايا هجمات تنظيم «داعش» وحده، خلال 2022، إلى نحو ألف قتيل، كما يشير تقرير أصدره «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية»، ومقره واشنطن.
وقال رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن تصريحات ميلوني تأتي في سياق تسارع وتيرة التنافس الدولي نحو الوجود الاستراتيجي في أفريقيا لأغراض عديدة محتملة، ومنها أغراض اقتصادية وعسكرية واستخباراتية، في وقت تطفو فيه على السطح فكرة تبديل اللاعبين القدامى في القارة، ومنهم فرنسا، ليحل محلهم لاعبون جدد».
وأضاف زهدي أن «القوى الأوروبية تدرك حالياً أكثر من ذي قبل أن استمرار تفشي الإرهاب في أفريقيا يعني تهديداً مستمراً للقارة العجوز، لأن تتحول لمسرح عمليات أو نقاط لانتشار الإرهاب، سواء في شكل عمليات إرهابية مباشرة، أو من خلال دعم لوجيستي أو مالي لعمليات الإرهاب عبر دول أوروبا، ومنها إيطاليا كونها دولة جوار بحري لأفريقيا».
وأشار إلى أن «مشاركة إيطاليا أو قيادتها العمل الأوروبي في مواجهة الإرهاب في أفريقيا هي فكرة طرحت على فترات متقاربة خلال العامين الماضيين، لكن دون إجراءات تنفيذية واضحة أو تمهيدية من جانب روما حتى الآن».

اقرأ ايضاً
إثيوبيا تحشد مواطنيها في الخارج لاستكمال «سد النهضة»

منبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى