دور “إف بي آي” الغامض.. لماذا تتحفظ واشنطن على هوية الجهة التي سلمتها المتهم الأخير بتفجير لوكربي؟
واشنطن- تطرّقت المؤتمرات الصحفية اليومية لوزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض، إضافة لبيان طويل صدر عن وزارة العدل، إلى مثول المتهم بتصنيع قنبلة استخدمت فيما يُعرف بـ “تفجير لوكربي” عام 1988، أمام محكمة بالعاصمة واشنطن، يوم الاثنين.
واتهم الليبي أبو عجيلة محمد مسعود خير المريمي بتصنيع قنبلة استخدمت في تفجير طائرة “بان إم 103” فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية، وهو ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 259، إضافة إلى 11 شخصا على الأرض.
غير أن كل الأطراف الأميركية حرصت على عدم التطرق إلى الجهة التي ساعدت، وربما قبضت وسلمت المريمي للسلطات الأميركية. واكتفت الجهات الحكومية الثلاث بتوجيه الشكر العام إلى السلطات الليبية.
ولم يذكر أي مسؤول أميركي كيف تم احتجاز المريمي وإيصاله للولايات المتحدة، إلا أن وسائل إعلام ليبية محلية ذكرت أن مسلحين خطفوه في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من مقر إقامته في العاصمة طرابلس.
حجب هوية الجهة المتعاونة
واعتبر نائب وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، السفير السابق ديفيد ماك، والذي سبق له العمل كدبلوماسي في سفارة بلاده بليبيا، أن مثول المتهم أمام محكمة في واشنطن يعد “تطورا إيجابيا”.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار السفير ماك، والذي يعمل حاليا كخبير بالمجلس الأطلسي، إلى أن “الأمر استغرق 34 عاما منذ الحادث الإرهابي وتفجير طائرة بان إم 103 للوصول واعتقال آخر متهم. كان من الأفضل بكثير لو حدث ذلك بينما كان معمر القذافي على قيد الحياة”.
ومع ذلك، يقول ماك إن محاكمة المريمي تظهر “أن مرتكبي الإرهاب ضد الولايات المتحدة لا يمكن أن يهدأ لهم بال أبدا، مع العلم أن الحكومة الأميركية ستواصل السعي لتحقيق العدالة”.
وعن كيفية القبض على المريمي، قال السفير ماك إن ما جرى يوضح أن “سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في الحفاظ على الاتصالات مع مجموعة واسعة من الجهات السياسية الليبية الفاعلة يمكن أن تؤدي لتحقيق نتائج جيدة”.
ووفقا للدبلوماسي السابق فإن لدى الحكومة الأميركية “سببا وجيها للتحفظ بشأن الوكالة الحكومية الليبية المحددة، أو الفصيل السياسي، أو المؤسسة التجارية، أو المليشيا التي تعاونت معها من خلال تقديم معلومات أو إجراءات أدت إلى اعتقال أبو عجيلة”.
وقال ماك إن هذا التحفّظ “يساعد على ضمان التعاون المستقبلي من قبل مختلف الأطراف الليبية التي تسعى إلى إقامة علاقة عمل مع الولايات المتحدة”.
البيت الأبيض والخارجية.. نفس الرد
في المؤتمر الصحفي بالبيت الأبيض، يوم الاثنين، رفض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان التطرق لأية تفاصيل تتعلق بعملية اعتقال وتسليم وسفر المتهم الليبي.
وردا على سؤال “هل يمكنك تقديم تفاصيل حول كيفية احتجاز المشتبه به في قضية لوكربي بالولايات المتحدة؟” رد سوليفان بالقول “اليوم هو يوم جيد لأن مسعود سيواجه العدالة لدوره المزعوم في تفجير لوكربي عام 1988. وأقول إن ما جرى تم بطريقة قانونية، وفقا للإجراءات المعمول بها”.
وأضاف “لمزيد من التفاصيل حول كيفية حدوث ذلك، أود أن أحيلك إلى وزارة العدل، لأنهم في وضع أفضل ليكونوا قادرين على التحدث عن ذلك”.
دور غير واضح
من جانبها، أصدرت أمس وزارة العدل الأميركية بيانا طويلا حول مثول المتهم المريمي أمام المحكمة. وجاء في البيان “القبض على المدعى عليه تم من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) وتم إحضاره إلى الولايات المتحدة للمثول أمام المحكمة” دون توضيح طبيعة الدور الذي قامت به “إف بي آي”.
وكانت وزارة العدل قد أعلنت، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2020، عن تقديم شكوى جنائية تتهم المريمي بتدمير طائرة “بان أم 103” وطلبت الولايات المتحدة في وقت لاحق إصدار نشرة حمراء صادرة عن الإنتربول -كما هو معتاد في القضايا المتعلقة بهاربين أجانب- تطلب من جميع الدول الأعضاء فيها تحديد مكان المتهم وتوقيفه بغرض تسليمه أو إعادته بشكل قانوني إلى الولايات المتحدة لمواجهة التهم الموجهة إليه.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وجهت هيئة محلفين فدرالية الاتهام رسميا إلى المريمي نفس التهم الواردة في الشكوى الجنائية. وقد تم الكشف عن لائحة الاتهام خلال مداولات المحكمة يوم الاثنين.
وقال وزير العدل الأميركي ميريك جارلاند “المدعى عليه محتجز حاليا لدى الولايات المتحدة ويواجه اتهامات. وهذه خطوة مهمة إلى الأمام في مهمتنا لتكريم الضحايا والسعي لتحقيق العدالة نيابة عن أحبائهم”.