الجزيرة نت رصدت شوارع العاصمة.. آلاف السودانيين يحيون ذكرى ثورة ديسمبر
الخرطوم- على وقع قنابل الصوت وعبوات الغاز المسيل للدموع، أحيا آلاف المتظاهرين في السودان، اليوم الاثنين، الذكرى الرابعة لانطلاق ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، التي مهدت للإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019.
وشهدت العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث (الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان) خروج أعداد كبيرة من المحتجين المطالبين برحيل الحكم العسكري والرافضين للتسوية السياسية.
وردد المتظاهرون هتافات مطالبة بالقصاص لضحايا الاحتجاجات، ورفعت خلال المواكب -التي تخللتها مواجهات شرسة مع قوى الأمن- صور من قضوا خلال المواجهات التي سبقت سقوط النظام السابق علاوة على الذين سقطوا بعد إجراءات الجيش التي أطاحت بالحكم المدني في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وكان لافتا رفع المتظاهرين العلم السوداني للاحتفاء بذكرى إعلان الاستقلال من داخل البرلمان الذي يوافق 19 ديسمبر/كانون الأول 1955، كما رفعت أعلام لجان المقاومة وشعارات جماعة “غاضبون بلا حدود”.
إغلاق طرق
ورصدت “الجزيرة نت” إغلاق طرق رئيسية في الخرطوم منذ وقت مبكر من صباح الاثنين، وقبل ساعات من الموعد المحدد لانطلاق المواكب التي دعت إليها لجان المقاومة.
وأشعلت الإطارات في شارع المطار قبالة محطة 7 وهي إحدى النقاط التي تم تحديدها لتجمع المتظاهرين المتوجهين للقصر الرئاسي، ووضعت أحجار ضخمة في عدة مسارات كان مواطنون يعملون على إزالتها لتسهيل مرور السيارات بينما يعود شباب المقاومة لإغلاقها من جديد.
وتصدت قوات الأمن للمتظاهرين في محيط شارع القصر الرئاسي وسط الخرطوم، وأطلقت قنابل الغاز باتجاههم مما دفعهم للتراجع، وما لبث أن تحول الأمر لعمليات كر وفر حاول خلالها المحتجون تعطيل سيارات الشرطة بوضع متاريس وأحجار ضخمة نجحت لبعض الوقت في الحد من الملاحقات.
إصابات
وقد رصدت الجزيرة نت سقوط عدد من المصابين جراء الاختناق والإصابة بقنابل الصوت، كما تعرض بعضهم لإصابات بالغة جراء استخدام قوى الأمن سلاح أوبلن (قاذف الغاز المحشو بالأحجار والزجاج المحطم).
وفي الخرطوم بحري، انطلقت الاحتجاجات عبر محورين الأول شارع المعونة وصولا إلى السوق الكبير، والآخر شارع السيد علي وصولا إلى كبري المك نمر.
ونجح الموكب الثاني في الوصول إلى الجسر المغلق حيث كانت تحرسه قوة أمنية كبيرة منعت المتظاهرين من عبوره، وعمدت لتفريقهم باستخدام قنابل الغاز والقنابل الصوتية.
وفي أم درمان شمال العاصمة، نجح المتظاهرون في الوصول لتخوم البرلمان لكن قوات عسكرية أطلقت عليهم قنابل الغاز المدمع بكثافة، واشتبكت مع المحتجين الذين حاول بعضهم إسعاف عدد من المصابين للمشافي القريبة.
وكانت السلطات أغلقت في وقت متأخر من ليل الأحد عددا من الجسور، الرابطة بين الخرطوم وأم درمان وبحري، لمنع عبور المتظاهرين للقصر الرئاسي، كما وضعت قوات عسكرية حول المقار الأمنية والطرق المؤدية للقيادة العامة للجيش وعديد من المرافق الحيوية وسط الخرطوم، ونشرت تعزيزات أمنية كبيرة على طول الطرق المؤدية للقصر الرئاسي.
وسبقت الحكومة هذه الإجراءات بالإعلان عن عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد، قالت إنها إحياء لذكرى ثورة ديسمبر/كانون الأول “المجيدة”.
ومع ذلك، لم تقتصر الاحتجاجات على الخرطوم، فقد عمت مدن شمال البلاد بينها بربر وعطبرة -التي تمثل شرارة انطلاق الثورة- كما خرج المتظاهرون في القضارف شرق البلاد ومدني بولاية الجزيرة (وسط).
سنوات الضياع
يصف مصعب عبد الله، أحد المشاركين بموكب باشدار، السنوات الأربع التي مضت من عمر الثورة بأنها لم تكن سوى “ضياع” ويقول للجزيرة نت إن الأمل بات منعدما في الإصلاح القريب بعد عودة الحرية والتغيير للجلوس مع المكون العسكري ضاربين بشعارات الثوار الرافضة للتفاوض عرض الحائط.
ولا يظهر الشاب العشريني ثقة في ابتعاد العسكر عن السلطة رغم إعلانهم الاستعداد لذلك، ويضيف “هم يتمسكون بكرسي الحكم لضمان عدم محاسبتهم على القتل والتنكيل الذي مورس ضد رفاقنا”.
ويرى أن الحل السياسي لن يتحقق قبل ترجل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” عن السلطة، وتقديمهما للمحاسبة على الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت منذ فض اعتصام القيادة وحتى انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، على حد قوله.
بدوره يؤكد -للجزيرة نت- محمد نجم الدين، عضو لجان مقاومة الحلة الجديدة، أن السنوات التي أعقبت ثورة ديسمبر/كانون الأول لم تنجز سوى خسارة عشرات الشباب لأرواحهم.
ويقول -أثناء محاولته التغلب اختناق حاد سببته قنبلة غاز- إن العسكر أسهموا بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول في تراجع الأوضاع والتردي المعيشي بعد أن كانت بدأت في الاستقرار خلال فترة حكم رئيس الوزراء (المستقيل) عبد الله حمدوك، وقتل بعد الانقلاب -وفقا لنجم الدين- أكثر من 100 متظاهر وأصيب آلاف آخرون خرجوا فقط للمطالبة بالحكم المدني.
تمر علينا اليوم الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر المجيدة دون أن تحقق اهدافها بسبب اختطافها من قلة من الناشطين الاقصائيين. البلاد في حاجة ماسة الى وفاق وطني لا يقصي أحدًا. المجد و الخلود لكل شهداء الثورة السودانية و عاجل الشفاء للجرحى و عودًا حميداً للمفقودين.
— Gebreil Ibrahim (@GebreilIbrahim1) December 19, 2022
ثورة مختطفة
ومن وجهة نظر وزير المالية وزعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، فإن ذكرى ديسمبر/كانون الأول “المجيدة” تمر دون أن تحقق أهدافها بسبب اختطافها من قلة من الناشطين الإقصائيين، كما وصفهم في تغريدة على تويتر.
ويتفق الأمين السياسي لحركة المستقبل ناجي مصطفى مع جبريل بتأكيده -للجزيرة نت- أن الثورة تعرضت لاختطاف وباتت بحاجة لمن يسترجعها ويبث فيها الروح ويعيد إنقاذها بعد 4 سنوات من الفشل، وفق تعبيره.
ويقول مصطفى إن السياسيين من العسكر، الذين ارتضوا الدخول في العملية السياسية، وقوى الحرية والتغيير، هم من أفسدوا الفترة الانتقالية باتفاقهم على إقصاء الآخرين وعجزهم عن العمل المشترك ورفضهم في ذات الوقت الابتعاد وإفساح المجال لسواهم، لافتا إلى أنهم جميعا أصحاب مصلحة في تمدد الفترة الانتقالية.