صحيفتان فرنسيتان: تونس في وضع مسدود بعد الإخفاق المدوي للانتخابات التشريعية
اتفقت صحيفتا “لاكروا” (La Croix) و”لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسيتان على أن مقاطعة 90% من التونسيين للانتخابات التشريعية في بلد يعاني من صعوبات اقتصادية أمر خطير وخيبة أمل سياسية، كما تعدّ فشلا مدويا ينقل تونس إلى وضع سياسي مسدود، ويضعف موقفها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض حاسم.
وقالت لاكروا إن غياب حملة انتخابية حقيقية، ووجود مرشحين مجهولي الهوية من دون انتماءات حزبية، ومقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسية؛ عوامل أسهمت في تدنّي المشاركة، حتى إن رئيس الهيئة الانتخابية فاروق بوعسكر وصف مشاركة ما لا يزيد على 8.8% من المسجلين بأنها “متواضعة”، مستدركا “ولكنها ليست مخجلة”.
ونبهت لوفيغارو التي وصفت نسبة المشاركة بـأنها “ازدراء للرئيس” إلى أن زعيم ائتلاف المعارضة الرئيسي أحمد نجيب الشابي دعا الرئيس إلى “ترك منصبه على الفور”، وقال “إن هذه النسبة رفض شعبي كبير للعملية” التي بدأت في 25 يوليو/تموز 2021، عندما جمد قيس سعيد البرلمان وأقال رئيس وزرائه، مستوليًا على جميع السلطات.
ودعا الشابي رئيس جبهة الإنقاذ الوطني، المؤلفة من ائتلاف المعارضة الرئيسي، الأحزاب السياسية الأخرى إلى “الاتفاق على تعيين قاضٍ كبير” قادر على “الإشراف على انتخابات رئاسية جديدة”، ولكن الكاتب حاتم النفتي يرى أنه “لا يوجد بديل بارز”، وأن المعارضة تتسم بالانقسام الشديد والتردد في العمل الجماعي.
ووصف المحلل السياسي حمادي الرديسي “هذه النسبة المنخفضة للغاية” بأنها “رفض شخصي للرئيس سعيد الذي انفرد بالقرار”، وقال إن “شرعيته موضع تساؤل”، وأكد أن “الوضع مسدود” لأنه “لا توجد آلية قانونية لعزل الرئيس” في الدستور الجديد، خاصة أن البرلمان الجديد الذي سيشكَّل لا يتمتع بهذه السلطة، ويمكنه في أحسن الأحوال أن يوجه اللوم إلى الحكومة.
ويرى عالم السياسة صلاح الدين الجورشي أن “هذه النسبة تعكس انعدام ثقة الناس”، ووجود معارضة “ضعيفة ومنقسمة”، في حين يرى حمدي بلقاسم العاطل عن العمل أن ضعف الإقبال سببه أن “الناس غاضبون من الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة”.
أما الولايات المتحدة المنتقدة حتى الآن للعملية التي أطلقها قيس سعيد فوصفت هذه الانتخابات بأنها “خطوة أولى نحو استعادة المسار الديمقراطي للبلاد”، إلا أن الامتناع القوي عن التصويت “يعزز الحاجة إلى زيادة توسيع المشاركة السياسية في الأشهر المقبلة”.
وخلصت لوفيغارو إلى أن فشل هذه الانتخابات التشريعية التي تمثل اللبنة الأخيرة في نظام رئاسي اختاره قيس سعيد، مع انتخاب مجلس نواب محروم من معظم صلاحياته، سيعقد المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي للحصول على قرض يقارب ملياري دولار، تحتاجها الدولة المثقلة بالديون بشكل عاجل.