الاخبار العاجلةسياسة

برميل البارود وشرارات الانفجار.. صحيفة إيرانية تحذر من التمادي في تجاهل جذور الاحتجاجات

طهران – أشارت صحيفة “اعتماد” الإيرانية إلى أن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد طوال مئة يوم خلت إثر وفاة الشابة مهسا أميني عقب توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، نابعة من جذور قديمة ومتجددة أثارت عدة حراكات احتجاجية خلال العقد الأخير، إلا أنها لم تلقَ آذانا مصغية لدى السلطات المعنية.

وفي هذا الإطار، نشرت الصحيفة الناطقة بالفارسية مقالا تحت عنوان “لماذا نتفاجأ؟” للكاتب متين غفاريان، شبّهت فيه جذور أزمة الاحتجاجات الشعبية ببرميل بارود قد ينفجر كل لحظة، وحذرت من التقاعس عن حل المشكلات التي تم تشخيصها مرارا وفق دراسات سابقة وحديثة.

A pro-government cleric hugs a policeman during a rally against the recent protest gatherings in Iran, after the Friday prayer ceremony in Tehran
رجل دين موالٍ للحكومة يحيي شرطيا خلال مسيرة ضد الاحتجاجات الأخيرة في إيران (رويترز)

برميل البارود

وفي المقاربة التي يعقدها الكاتب بين مهسا أميني كأضعف حلقة في طيف العوامل المؤدية إلى نزول الإيرانيين للشوارع، وبين القدرة التي تتمتع بها الشخصيات الحكومية مثل آية الله أحمد علم الهدى خطيب جمعة مدينة مشهد (شمال شرق) -الذي دعا إلى احتجاجات شعبية للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي إبان الحكومة السابقة-، يستنتج أن الطرفين يواجهان تهمة موحّدة تتمثل في زعزعة الأمن بالبلاد.

وفي خضم الاتهامات التي يتراشق بها الإصلاحيون والمحافظون، يعتقد الكاتب أن مهسا أميني وآية الله أحمد ليسا سوى شرارة أشعلت برميل البارود، وينصح التيارين السياسيين (المحافظين والإصلاحيين) بالعمل على تحليل الواقع الاجتماعي في البلاد، وأخذ نتائج الدراسات الاجتماعية بعين الاعتبار بدلا من اتهام المنافس بالتآمر للإطاحة به.

وترى الصحيفة أنه قد آن الأوان لتسليط الضوء على برميل البارود، ومعالجة جذور الأزمة بدلا من الاهتمام بالشرارات التي تؤدي إلى انفجاره بين الفينة والأخرى، مؤكدة أن عددا من الدراسات الأكاديمية داخل إيران وخارجها سبق أن استشرفت الاحتجاجات المتكررة منذ أكثر من عقد، ولا سيما بعد أن أضحت احتجاجات الطبقة العاملة وشريحة المتقاعدين مشهدا مألوفا في ربوع البلاد.

عزوف الأكاديميين

ويتساءل الكاتب عن سبب غض الطبقة الحاكمة طرفها عن الاحتجاجات التي كانت تغطيها وسائل الإعلام الرسمية. ويجيب بأنه لعل أحد الأسباب يعود إلى انشغال الأوساط السياسية في طهران بالصراعات الحزبية والتكتلات السياسية.

اقرأ ايضاً
صراع داخلي كبير في حزب الليكود الإسرائيلي على خلافة نتنياهو

وعن سبب عزوف الأوساط الأكاديمية وعلماء الاجتماع داخل إيران وعدم توجيههم تحذيرا بشأن الانفجار المحتمل في برميل البارود، يستذكر الكاتب تقديم بعض أساتذة العلوم الإنسانية للمحاكمات التي أعقبت الحركة الخضراء (الاحتجاجات على الانتخابات الرئاسية عام 2009) باعتبارهم قادة المظاهرات، مؤكدا أن كلا التيارين، الإصلاحي والمحافظ، عمل على إقصاء المنتقدين حتى الآن.

وبحسب الصحفية، فإن تسريح أساتذة العلوم الإنسانية بدأ في حكومة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، كما أن حكومة الرئيس السابق حسن روحاني عملت على إلصاق التهم بالأصوات المعارضة لها، مما أدى إلى غفوة العلوم الإنسانية والاجتماعية خلال الفترة الماضية، مؤكدة أن برميل البارود بقي على حاله، لكن لا توجد نظارة قادرة علی رؤيته.

Protest over the death of Mahsa Amini, a woman who died after being arrested by the Islamic republic's "morality police", in Tehran
قتلى ومصابون جراء قمع احتجاجات أعقبت مقتل الفتاة مهسا إميني قبل شهور (رويترز)

دراسات وموجات احتجاج

ويضيف الكاتب أن نتائج التحقيقات السياسية السابقة -رغم قلتها- حذّرت من موجات احتجاج ستظهر الواحدة تلو الأخرى، وتوقعت انطلاق موجة جديدة عقب إخماد كل واحدة منها، إلا أنها لم تحظَ بدراسة اجتماعية وافية تبحث عن جذور الأزمة.

وأشارت الصحيفة إلى نتائج دراسة جديدة أظهرت علاقة كبيرة بين المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية عام 2020 والانتخابات الرئاسية 2021، وحدّة الاحتجاجات الأخيرة، مضيفة أن المناطق التي شهدت احتجاجات واسعة مؤخرا كانت نسبة المشاركة السياسية فيها كانت أقل من المدن الأخرى.

ويرى الكاتب أن الدراسة الأخيرة جددت تأكيد المؤكد قبل 6 أعوام؛ فقد سلطت دراسة مماثلة الضوء على علاقة التراكمات السياسية والاجتماعية والمعيشية مع شدّة العنف في الاحتجاجات التي شهدتها بعض المدن الإيرانية عام 2018، لكن نتائجها لم تلقَ آذانا مصغية لدى الجهات المعنية.

وخلص المقال إلى أن برميل البارود يتدحرج ويزداد غليانا كل يوم مع توسع نطاق الاحتجاجات كما وكيفا، وفق الدراسات الاجتماعية، وأن الرد على تساؤل المقال “هل الجهات المعنية قادرة على فهم جذور الأزمة ومعالجتها؟” سيحدد معالم مستقبل إيران.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى