الاخبار العاجلةسياسة

بالدور أو بالواسطة والسيارات محدودة.. أزمة المحروقات تمتد للموتى في سوريا

شمالي سوريا – بعد انتظار لأكثر من 5 ساعات واقتراب مغيب الشمس، تمكّنت أسرة أكرم الحلبي (اسم مستعار) من دفن فقيدها الستيني، وذلك بسبب تأخر وصول سيارة دفن الموتى في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام السوري.

وبعد المعاناة مع مرض عضال، رحل الحلبي تاركا الحزن والألم لأسرته، في حين ضاعف انتظار دفنه ومكوث جثمانه في المنزل من أسى ولوعة ذويه، بعد أن طالت أزمة شح المحروقات في مناطق سيطرة النظام جميع مفاصل الحياة.

ويروي يوسف، ابن المتوفى، كيف أخبره الموظفون بمكتب دفن الموتى في مدينة حلب أن عليه انتظار دوره كي يتم تأمين سيارة شاغرة لنقل جثمان والده، ليطول به الانتظار إلى ساعات قبل قدوم مركبة متهالكة من طراز قديم حملت الجثمان إلى مثواه الأخير في مقبرة العائلة.

ويقول يوسف -في حديث للجزيرة نت- إن مبررات الموظفين كانت عدم توفر الوقود الكافي لحركة السيارات بعد تخفيض الحكومة الكميات المخصصة منه لمركبات دائرة دفن الموتى بالمدينة. لكنه أضاف أن “الواسطة والمحسوبية لهما دور في تعجيل إجراءات الدفن ونقل المتوفين”.

واقترح أقارب المتوفى على نجله دفع مبلغ من المال لأحد الموظفين للتعجيل في الإجراءات وعدم الانتظار، الأمر الذي رفضه بالنظر إلى باقي مصاريف العزاء والدفن الأخرى التي تنتظره.

ومع استمرار أزمة المحروقات في مناطق سيطرة النظام السوري، باتت حركة المواصلات شبه متوفقة في مدينة حلب، لتقتصر على أعداد قليلة من الحافلات والسيارات الخاصة، في وقت استخدم فيه البعض شاحنات البضائع المفتوحة لنقل الأهالي، رغم برودة الطقس.

 

 

القبور متوفرة

ولم تعد الأزمة حكرا على الأحياء، إذ طالت الراحلين من سكان المدينة، وعمّقت من آلام ذويهم. وقال رئيس دائرة الدفن في حلب جهاد جمعة إن قرار تخفيض كمية المحروقات أثّر على حركة سيارات دفن الموتى في المدينة. ولفت إلى أن العدد الإجمالي للسيارات التابعة للدائرة لا يتجاوز 8، منها 6 تعمل بالبنزين واثنتان بالمازوت.

وقال جمعة -في تصريح سابق لإذاعة “المدينة إف إم” الموالية للنظام- إن “تأخر نقل الموتى يعود لارتفاع أعداد الوفيات خلال فصل الشتاء نتيجة البرد والأمراض، حيث تُسجل يوميا نحو 40 وفاة في حلب”.

اقرأ ايضاً
مسؤول أمريكي: لا جرحى ولا أضرار في هجوم على القوات الأمريكية بسوريا

وأكد جمعة أن دائرة دفن الموتى تنتظر الموافقة على شراء 6 سيارات إضافية لتدارك هذه الأزمة في نقل جثامين المتوفين، مشيرا إلى أن القبور متوفرة للجميع، ولا يتجاوز سعر القبر 180 ألف ليرة سورية (ما يعادل 30 دولارا)، وتكلفة الكفن نحو 60 ألف ليرة (10 دولارات).

3 6
إحدى المقابر في سوريا حيث يعاني ذوي الموتى من أزمة نقلهم وهيمنة بعض السماسرة على القبور (الجزيرة)

أسعار فلكية

ولا يبدو تأخير دفن المتوفى في مدينة حلب المعضلة الوحيدة التي تواجه ذويهم، إذ إن القبور الشاغرة دخلت في عمليات الربح والخسارة لصالح متنفذين، إضافة إلى عقبات تحصيل الأوراق الرسمية للدفن.

يقول حسين المحمد، وهو حفار قبور في إحدى مقابر حلب، إن أسعار القبور تبدأ من 200 ألف ليرة سورية لتصل إلى أكثر من مليون ليرة وفق موقع القبر داخل المقبرة ومكانها وقربها من مركز المدينة، فضلا عن اختلاف السعر بين القبر الجديد والآخر القديم أو المجدّد.

وقال المحمد للجزيرة نت إن الكثير من القبور أصبحت في عهدة سماسرة يستغلون ذوي المتوفين حديثا ممن لا يمتلكون قبرا قديما، إذ يطالبونهم بأسعار فلكية من أجل الحصول على القبر.

تعقيدات روتينية

ووفق القانون السوري، لا يخضع القبر للبيع والشراء، وإنما تعود الملكية لوزارة الأوقاف في البلاد، في حين تحدد أحقية الدفن للوفاة الأولى فيه وأسرته، ولا يمكن دفن شخص غريب عن الأسرة ومن غير الورثة الشرعيين.

في حين يسمح القانون بالتنازل عن القبور بين الورثة الشرعيين لها، دون أن يكون هنالك أي مقابل مادي لقاء التنازل، بدعوى عدم حصول عملية بيع أو اتفاق مالي بين الطرفين.

ولا يُمنح إذن الدفن لذوي المتوفى ما لم يحصلوا على تقرير طبي أو شهادة وفاة مصدقة ومختومة من نقابة الأطباء في المدينة، متضمنة تصريحا من مختار الحي التابعة للبلدية في مناطق سيطرة النظام السوري، الأمر الذي يصفه الأهالي بالتعقيدات الروتينية.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى