الاخبار العاجلةسياسة

اتفاق عسكري تاريخي ورسالة للصين وروسيا.. ماذا ستستفيد بريطانيا واليابان من الاتفاقية الدفاعية بينهما؟

لندن – وقعت المملكة المتحدة واليابان اتفاقية دفاعية هي الأولى والأهم من نوعها منذ أكثر من قرن، ذلك أن آخر اتفاقية دفاعية تم توقيعها بين البلدين يعود تاريخها لسنة 1902.

وتم توقيع الاتفاقية خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى لندن والتقى خلالها نظيره البريطاني ريشي سوناك.

والاتفاقية هي الأولى من نوعها التي توقعها اليابان مع بلد أوروبي، وتسمح بوجود جنود بريطانيين على الأراضي اليابانية، وكذلك الدفاع المشترك في حال تعرض أي من البلدين لأي هجوم، وهي شبيهة بتلك الموقعة مع الولايات المتحدة وكذلك أستراليا.

ولن تمر هذه الاتفاقية دون إحداث الكثير من التوجس لدى دول بعينها، خصوصا الصين وروسيا، لكونها تجمع بين الجيش البريطاني المصنف خامس أقوى جيش في العالم وجيش اليابان المصنف ثامن أقوى جيش في العالم، وما كانت لتمر دون مباركة أميركية، وهو ما يفسر توجه رئيس الوزراء الياباني مباشرة من أوروبا نحو الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن واستعراض الإستراتيجية الدفاعية الجديدة لليابان.

ماذا تريد بريطانيا من اليابان؟

تتماشى موافقة المملكة المتحدة على توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع اليابان رغم ما تحمله من حساسيات أمنية عسكرية مع العقيدة العسكرية البريطانية الجديدة التي عبرت عنها رؤية “بريطانيا العالمية” بعد خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، وفي هذه الرؤية نجد ورقة دفاعية باسم “إستراتيجية الانزياح” نحو المحيط الهادي لمواجهة التهديدات الصينية هناك.

ويأتي التعاون العسكري مع اليابان في المحيط الهادي بعد توقيع بريطانيا اتفاقية “أوكوس” (AUKUS) مع الولايات المتحدة وأستراليا، لبناء غواصات نووية ستكون مهمتها مراقبة المحيط الهادي وتشكيل سلاح رادع أمام التحركات الصينية في المنطقة.

وستتيح الاتفاقية للمملكة المتحدة الحصول على قواعد عسكرية في المحيط الهادي وتحريك أسطولها البحري والنووي نحو الموانئ اليابانية.

في المقابل، شككت صحيفة “تايمز” (The Times) في قدرة المملكة المتحدة على ترجيح الكفة اليابانية أمام التهديدات الصينية، وقالت إن وجود العشرات أو المئات من الجنود البريطانيين والمعدات العسكرية لن يغير كثيرا في المعادلة الموجودة هناك والقائمة على أن الولايات المتحدة هي الضامن لردع الصين.

ما هدف بريطانيا من هذه الاتفاقية؟

يتجلى الهدف الرئيسي للجيش البريطاني من هذه الاتفاقية في الاستفادة من قرار اليابان رفع ميزانيتها العسكرية لتصل إلى 315 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة بزيادة نسبتها 57%، وهي ميزانية تغري بريطانيا التي تمني النفس بعقد صفقات ضخمة مع الجيش الياباني.

أما الهدف الثاني فهو الاستفادة من التكنولوجيا اليابانية، لخدمة المشروع البريطاني الذي يحمل اسم “العاصفة” (Tempest)، والذي خصصت له بريطانيا ميزانية أكثر من ملياري جنيه إسترليني لتطوير أحدث الطائرات في العالم، بعد أن تخرج الطائرات الحربية الشهيرة “تيفون” من الخدمة خلال السنوات الأربع المقبلة.

ماذا ستستفيد اليابان من الاتفاقية؟

من المعروف أن اليابان تعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالشأن العسكري، سواء من حيث صفقات الأسلحة أو توفير الدعم العسكري والردع لأي تهديد من الصين أو كوريا الشمالية بوجود أكثر من 50 ألف جندي أميركي في اليابان، وتخصص لهم الأخيرة ميزانية سنوية قيمتها حوالي 9 مليارات دولار.

اقرأ ايضاً
وزير خارجية قطر يصل إيران لبحث التطورات الإقليمية

لكن صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) البريطانية قالت إن هناك شعورا متناميا لدى القادة العسكريين اليابانيين بأن الاعتماد الدائم على واشنطن جعل اليابان ضعيفة من حيث تطوير التكنولوجية العسكرية، خصوصا بعد تغييرها عقيدتها العسكرية بالكامل والتخلي عن فكرة الاقتصار على الدفاع فقط.

ولهذا استقر القرار الياباني على المملكة المتحدة باعتبارها ثاني أكبر مصدر للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية في العالم، ولأنها أقرب حليف للولايات المتحدة، والأخيرة لن تعارض أي تعاون عسكري بين طوكيو ولندن.

هل توجد مشاريع عسكرية مشتركة؟

أهم مشروع عسكري تشتغل عليه حاليا بريطانيا إلى جانب اليابان وإيطاليا هو مشروع لتطوير أحدث طائرات مقاتلة في العالم، والتي سترى النور بحلول سنة 2035، وهو أول مشروع مشترك يجمع الدول الثلاث.

وحسب الجيش البريطاني، فإن المشروع سيمكن من تصنيع أحدث وأسرع وأقوى طائرات حربية يعرفها العالم، ولعل هذا ما تبحث عنه كل من بريطانيا واليابان لضمان التفوق الجوي، فسلاح الجو مهم بالنسبة لليابان في مواجهة الصين، وبالنسبة إلى لندن فإن الطائرات الحربية ستجعلها في موقف قوة أمام روسيا خلال المناوشات الجوية المستمرة بين الطرفين في البحر الأسود خصوصا.

هذا المشروع الثلاثي يعتبر منافسا لمشروع مشابه تقوده كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا، وكاد أن يتسبب في أزمة دبلوماسية قبل اندلاع الحرب الأوكرانية التي دفعت الجيوش الغربية لتنحية خلافاتها جانبا.

ولم تحدد تكلفة هذا المشروع إلا أن كل التوقعات تتحدث عن عشرات المليارات من الدولار، وستشرف عليه 3 شركات هي شركة “بي إيه إي” (BAE) البريطانية التي تعتبر من أكبر الشركات في تصنيع الطائرات الحربية ولها دور كبير في تصنيع طائرات “إف-35” (F-35)، إضافة إلى شركة “ليوناردو” (Leonardo) الإيطالية وشركة “ميتسوبيشي” (Mitsubishi) اليابانية.

ماذا عن الصين وأميركا؟

لن تعارض الولايات المتحدة اتفاقية الدفاع المشترك، بل إن هذه الاتفاقية تمت بضوء أخضر أميركي، لرغبة واشنطن في تعزيز العلاقات العسكرية بين الغرب واليابان، وهذا ما ظهر خلال القمة الأخيرة لحلف “الناتو” التي حضرها الرئيس الأميركي جو بايدن وحرص فيها على حضور اليابان باعتبارها رأس الحربة في مواجهة التهديدات الصينية والكورية الشمالية.

أما الصين فسوف تتلقف الرسالة، خصوصا أن الاتفاقية تأتي بعد أشهر من إجراء الجيشين البريطاني والياباني مناورة عسكرية في جزيرة يابانية، وأطلق على المناورة اسم “الجزيرة اليقظة 22″، وتمت فيها محاكاة مواجهة هجوم للسيطرة على الجزيرة.

حينها قرأ كثيرون أن هذه المناورة هي محاكاة لردع أي تحرك عسكري صيني ضد جزيرة تايوان، وهو ما يعتبر رسالة مباشرة لبكين غير المرتاحة أصلا للتحركات البريطانية الأميركية في المحيط الهادي، خصوصا عبر الغواصات النووية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى