الاخبار العاجلةسياسة

تنظيم الدولة.. الغائب الحاضر في العملية التركية بشمال سوريا

شمال سوريا- رغم أن تنظيم الدولة لم يعد يمتلك أي سيطرة جغرافية على الأرض في سوريا، فإن قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية والمسيطرة على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا، لا تزال تهدد أخيرا بأن أي عمل عسكري تركي ضدها سوف يقوض الحرب على التنظيم ويفسح له المجال بالعودة إلى المشهد السوري.

ومع عودة تلويح أنقرة بهجوم بري قادم على مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال وشرق سوريا، في انعكاس أمني لتفجير إسطنبول، فإن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أعلن الأربعاء وقف العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة بسبب الهجمات التركية، مؤكدا أن التنسيق مع قوات التحالف بشأن محاربة التنظيم قد تم تعليقه، للانشغال بجبهات المواجهة المحتملة مع تركيا.

وتصريحات عبدي لا تبدو جديدة، إذ تحدث القائد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية في مناسبات عدة عن نتائج سلبية من أي هجوم تركي على محاربة التنظيم وإمكانية أن يستغل المعارك للعودة والظهور في مناطق سوريا عدة لا سيما شمال شرقها.

ابتزاز الغرب

وتعتبر قوات سوريا الديمقراطية حليفا إستراتيجيا للولايات المتحدة قائدة التحالف الدولي الذي يحارب التنظيم في سوريا، فضلا عن قواعده العسكرية المنتشرة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حيث تعول الأخيرة على هذه المسألة في منع الهجوم بممارسة ضغوط أميركية على تركيا.

واعتبر الباحث والمحلل التركي للسياسة الخارجية والأمن في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك، أن لقوات سوريا الديمقراطية مصلحة حقيقية في محاربة تنظيم الدولة في سوريا، لكن لها أيضا مصلحة أكبر في إبقاء التنظيم على قيد الحياة.

وقال أوزكيزيلجيك للجزيرة نت إن مصدر شرعية قوات سوريا الديمقراطية الأساسي وعلاقتها بالغرب وسمعتها الدولية تستند إلى تنظيم الدولة ومحاربته، علاوة على احتجازها مئات المواطنين الغربيين كسجناء تستخدمهم لابتزاز الغرب.

وبحسب أوزكيزيلجيك، فإن السياسة الأميركية الخاطئة في سوريا ساهمت في استمرار في استخدام ورقة الضغط هذه حتى اللحظة، مشيرا إلى أن القضاء على تنظيم الدولة يكمن في تغيير الولايات المتحدة سياستها وانضمامها إلى تركيا والمعارضة السورية الشرعية، من خلال إعادة الأرض إلى العرب السنة والقبائل المحلية في المنطقة.

قوات سوريا الديمقراطية المصدر: الصحافة التركية
محللون: مصدر شرعية قوات سوريا الديمقراطية وعلاقتها بالغرب وسمعتها الدولية تستند إلى محاربة تنظيم الدولة (الصحافة التركية)

قوات بديلة

وفي حال تخلت قوات سوريا الديمقراطية عن محاربة عن محاربة تنظيم الدولة في سوريا، فإن الجهات الدولية ستكون بحاجة إلى قوى بديلة عنها في المنطقة، وفق المحلل السياسي الكردي فريد سعدون، مشيراً إلى أن هذا البديل غير متوفر حاليا.

وقال سعدون للجزيرة نت إن قوات سوريا الديمقراطية تأسست في ظرف استثنائي كان يستدعي ظهور قوة محلية قادرة على ضبط الأمور في شمال شرق سوريا، واستطاعت أن تثبت وجودها وتثبت قدرتها على محاربة الإرهاب أولا، وتأسيس حكومة محلية تدير شؤون الناس وتفرض النظام ثانيا.

ورأى سعدون أن قوات سوريا الديمقراطية تملك جملة من المقومات التي تجعل من بقائها ضرورة لاستقرار المنطقة، “وفي حال انهيارها فإنها ستترك فراغا قد تشغله فصائل إرهابية أو قوى مدعومة من أطراف دولية متناقضة في مصالحها، مما سيفتح المجال رحبا أمام الفوضى والاحتراب وعودة الاضطرابات”.

اقرأ ايضاً
انطلاق أعمال الملتقى البحري السعودي الدولي في نسخته الثانية
Islamic State/Iraq/Syria: A masked Islamic State soldier poses holding the ISIL banner somewhere in the deserts of Iraq or Syria. ISIL publicity image, 2015 Islamic State/Iraq/Syria: A masked Islamic State soldier poses holding the ISIL banner somewhere in the deserts of Iraq or Syria. ISIL publicity image, 2015. (Photo by: Pictures from History/Universal Images Group via Getty Images)
خلايا تنظيم الدولة لا تزال تنفذ هجمات ضد أهداف لقوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا (غيتي)

لا حرب معلنة

ومنذ أكثر من 3 سنوات أعلن عن القضاء على تنظيم الدولة في سوريا، بعد أن لاحقت قوى التحالف الدولي مع قوات سوريا الديمقراطية آخر جيوبه في الباغوز في ريف دير الزور شرقي سوريا، لتستمر خلايا التنظيم فيما بعد بتنفيذ هجمات عسكرية لم تتوقف حتى الآن ضد أهداف للنظام وقوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا على وجه الخصوص.

وفي الميدان، لا تخوض قوات سوريا الديمقراطية أي معارك عسكرية أو حرب فعلية ضد تنظيم الدولة في مناطق سيطرتها، إذ يقتصر الأمر على عمليات دهم واعتقالات أمنية تنفذها بدعم من قوى التحالف بين الحين والآخر ضد متهمين بالانتماء إلى التنظيم.

بالمقابل تتخذ الهجمات الحالية لخلايا التنظيم طابع الإغارة والكمائن، لتحقيق خسائر بشرية وعسكرية، بعيدا عن السيطرة الجغرافية، وباتت تنحصر الهجمات في البادية والمناطق المتاخمة لها بمحافظات الرقة وحمص ودير الزور.

ورأى المحلل الباحث التركي أوزكيزيلجيك أن قوات سوريا الديمقراطية تدعي أنها تنفذ العديد من عمليات مكافحة الإرهاب، لكنها لا تعرف المنطقة والتركيبة السكانية والأشخاص، مما يعني أن العمليات التي تقوم بها تستهدف الأشخاص الخطأ، حسب اعتقاده.

لكن المحلل السياسي الكردي فريد سعدون، أشار إلى أن خلايا التنظيم لا تزال تنشط في المنطقة وتنفذ عمليات عسكرية ضد القوات الموجودة على الأرض، بما فيها الهجمات المتكررة على الجيش السوري والفصائل المدعومة إيرانيا وروسيا في غرب الفرات، مؤكدا أن ما يثبت خطورة التنظيم الهجوم الذي نفذه بداية العام على سجن الحسكة، والذي يعتبر معركة تميزت بالتخطيط ودقة التنفيذ.

وسائل قوات سوريا الديمقراطية

ومع الإشارة إلى تداعيات وقف الحرب التي تتحدث عنها قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة، يبدو أن تلك القوات لديها وسائل أخرى يمكن أن تلجأ إليها لمواجهة التهديد التركي باقتحام مناطق سيطرتها برا، متعلقة بالتحالفات السياسية والعسكرية مع دول روسيا والولايات المتحدة، وملفات المخيمات والسجون التي تحتجز فيها عناصر من التنظيم.

واعتبر الباحث السوري في مركز جسور للدراسات أنس شواخ، أن من الوسائل الهامة التي قد تلجأ إليها قوات سوريا الديمقراطية مسألة آلاف المعتقلين من عناصر التنظيم وذويهم في السجون والمخيمات التي تديرها في شمال شرق سوريا، وحديثها مؤخراً عن هروب عدد المحتجزين من داخل مخيم الهول جراء تعرضه للقصف من الطيران التركي.

وقال شواخ للجزيرة نت إن المصادر أثبتت أن القصف كان بعيدا عن المخيم عدة كيلو مترات واستهدف مناطق لا صلة لها بالمخيم “وهذا مثال صريح للاستخدام الخطير لملف الإرهاب لتحقيق مصالحها وحمايتها في المنطقة”، داعياً إلى إعادة النظر في مستوى الثقة الممنوح لقوات سوريا الديمقراطية ودورها في محاربة الإرهاب.

وكما الشواخ، يعتقد المحلل السياسي سعدون أن قوات سوريا الديمقراطية ما زالت تمسك بأوراق مهمة جدا، أولها ورقة السجون التي تضم الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة وقياداتهم، فضلا عن المخيمات التي تؤوي عشرات الآلاف من عوائل التنظيم على مختلف جنسياتهم، وثانيا ورقة محاربة خلايا التنظيم التي ما زالت تنشط في المنطقة وتنفذ عمليات نوعية في بعض الأحيان.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى